بين هؤلاء جميعاً، ثمة من وضع نظارة سوداء لتجنب الألم الناجم عن الضوء الساطع، ومنهم من وضع منديلاً ورقياً على عينيه، ليحجب الضوء تارة، ويكفكف الإفرازات تارة أخرى.
إنه «فيروس العيون»، أو Adenovirus كما هو شائع. عاد ليضرب من جديد في القرى والبلدات البقاعية، بعد أقل من عام على إصابة شريحة كبيرة من اللبنانيين في البقاع وبيروت وعدد من المناطق الأخرى به، وحتى سوريا. البواري تشير إلى أن ابنتها الصغيرة التي لا يتعدى عمرها ست سنوات أصيبت بالعدوى في مدرستها، ونقلتها إلى سائر أفراد العائلة؛ «لأننا اعتقدنا بداية أنها عبارة عن رمد ربيعي، يمكن معالجته بقطرة خاصة بالرمد». إلا أن «زيادة درجة انتفاخ الجفون وازدياد الاحمرار، دفعا إلى زيارة الطبيب الذي أكد أنه فيروس التهاب ملتحمة العين، وطلب منّا اتخاذ إجراءات وقائية لمنع انتشار العدوى بين أفراد العائلة، لكن يبدو أننا تأخرنا»، تتابع البواري.
من جهتها، حنان وهي السيدة الأخرى التي أصابتها العدوى أيضاً من ابنها الذي لا يتعدى عمره سنتين ونصف سنة، أشارت إلى أن حالتها ازدادت سوءاً «رغم تناول الأدوية التي وصفها الطبيب». ولأن فيروس العيون شديد العدوى وسريع الانتقال عبر الهواء واللمس، انتقلت العدوى إلى باقي أفراد الأسرة. وفي هذا الإطار، ارتفع عدد المصابين بهذه العدوى، كما يؤكد الدكتور غسان البزال، الاختصاصي في طب وجراحة العين. وقد أوضح البزال أن «الفيروس ظهر منذ قرابة شهر في مدارس المنطقة، وبدا ذلك جلياً من خلال إصابات التلامذة بداية، ليليهم بعد ذلك أهاليهم»، كاشفاً أن الحالات المصابة التي يعالجها يومياً «لا تقل عن عشرة». ورأى البزال أن الطقس الذي يسيطر منذ فترة على المنطقة عامل أساسي لانتشار الفيروس، مشدداً على دور الأهل في الوقاية الشخصية، التي «تحدّ من سرعة انتشار المرض، فضلاً عن الحذر الشديد الذي ينبغي للثكنات العسكرية والمدارس على اختلافها أن تتخذه بسرعة، وخصوصاً أن انتشار الفيروس غير متعلق ببقعة جغرافية معينة، بل يلاحظ في الأماكن المكتظة والقليلة التعقيم أكثر من غيرها».
ثمة إجراءات أخرى للوقاية من الفيروس، يقول البزال: «ينبغي لكل عائلة تحاشي استعمال قطرة أو مرهم موحد للإصابات المتعددة في المنزل والغسيل والتعقيم المتكرر بالماء والصابون، إضافة إلى عدم استعمال أغراض منزلية مشتركة، مثل المناشف والوسادات والهاتف والريموت كونترول وغيرها». وينبه البزال إلى أن «هذه الإجراءات لا يمكن التلاعب بها»، مشيراً إلى أن «العدوى لا تظهر بسرعة، بل هناك فترة حضانة للفيروس تمتد نحو 11 يوماً لتظهر من بعدها عوارض الإصابة». ويخلص إلى أن «اشتداد حالة الالتهاب وانتقالها من عين إلى أخرى، يعودان إلى جهاز المناعة عند كل شخص، ومدى قدرته على المقاومة».