أما أنقرة فيبدو أن عليها أن تحاذر: سوريا خط أحمر ولو اقتضى الأمر قصف القواعد الأميركية في تركيا
كعادتها عند كل منعطف، تتحرك طهران مباشرة على مستويين: الأول، ميداني عملي يستهدف احتواء ما يجري والحد من تداعياته والسعي إلى الاستفادة منه. حراك يصعب على المرء أن يراه وإنما يشعر بنتائجه، وخاصة لدى الحلفاء والأصدقاء الذين تجهد طهران لحمايتهم عند تعرضهم لخطر، أو تطلب عونهم إن احتاجت إليه. لا تبخل عليهم ولا يبخلون عليها. في النهاية، كل مكسب يتحقق مكسب لمعسكر المقاومة كله، وكل خسارة خسارة له.
أما الثاني فنظريّ، يستخدم المعلومات الاستخبارية المتوافرة لرسم صورة شاملة وقراءة مكتملة يعود ويستخدمها دليلاً عاماً لحركته الميدانية. هذا كان ديدنها مع متغيرات المنطقة التي بدأت «ثورات» في تونس ومصر وتحوّلت «حرب استنزاف» في ليبيا واليمن قبل أن تصبح «ثورة مضادة» في سوريا، حيث الهدف الأساس، على ما تراه الجمهورية الإسلامية، ضرب المقاومة الإسلامية في لبنان.
على الأقل، هذا ما تفيد به مصادر إيرانية قريبة من أروقة صناعة القرار في طهران ترى أن «كتف المقاومة (إيران) ثابتة كالصخر، وقبضتها (حزب الله) فولاذية، لذلك يتركز الاستهداف على سوريا، الكوع الطري للمقاومة. من هنا، نرى أن المقصود في استهداف سوريا هو حسن نصر الله، وليس بشار الأسد. هي عملياً محاولة لتوظيف الفضاء العام لربيع الثورات العربية في ثورة مضادة تكون زمام المبادرة فيها للخارج وليس للداخل، بدأت من لحظة الشروع بالسيناريو الليبي». وتؤكد هذه المصادر «أننا لن نسمح بكسر كوع سيد المقاومة. بالنسبة إلينا، الدفاع عن أسوار دمشق هو دفاع عن أسوار بيروت وطهران»، مشددة في الوقت نفسه على أن «ذلك لا علاقة له بعملية الإصلاح والحراك الداخلي السوري. عملية كهذه شأن داخلي محض تقرر آلياته القوى السورية مجتمعة في الدولة والمجتمع». وتضيف «من هنا، فإننا لن نتدخل أبداً في ما يجري بين المعارضة والموالاة. لكننا سنتدخل بحزم ضد من يريد أن يوظف الحراك السوري باتجاه قرصنة ربيع الثورات العربية».
وتتحدث هذه المصادر باستفاضة عن الدور التركي في هذا السياق، كاشفة عن أن طهران هددت تركيا بأنها «إذا جعلت أرضها مقراً لاستنساخ السيناريو الليبي على الحالة السورية، فإن القوات المسلحة الإيرانية ستقصف القواعد الأميركية وأي وجود أطلسي على الأراضي التركية. الرسائل الإيرانية لتركيا لم تكن أقل حزماً على مستويي الخارجية والأمن، والتحذير واضح: إياكم والوقوع في الفخ الغربي في سوريا». تهديدات بلغت أوجها مع معركة جسر الشغور في الشمال السوري. «من هنا كبح الأتراك اندفاعهم في السيناريو الذي كان معدّاً للحالة السورية»، وبينه منطقة عازلة وتدخّل أطلسي.
ومع ذلك، تشير هذه المصادر إلى أن علاقة إيران بتركيا «لم تتأثر سلباً على المستوى الاستراتيجي، لكن الأتراك منزعجون جداً من الضغط الإيراني عليهم». وتوضح، في تفسيرها لحراك أنقرة حيال الملف السوري، أن «التركي مستعجل. يطمح الى أن يؤدي دوراً إقليمياً كبيراً من دون أن ينتبه إلى أن الأحجام والأدوار في الافئدة والقلوب، لا تأتي بالرغبات ولا تُشترى ولا تُستأجر، بل تأتي بالدم ومجبولة بالمعاناة والمثابرة على المواقف لعقود». تضيف «الدليل على ذلك أن مصر، رغم موقعها الاستراتيجي المهم، بمجرد أن وقعت في أيدي آخرين لم يثابروا على المواقف تحولت إلى شيء أشبه بالصفر، على مستوى الحجم والدور. التركي فكر على ما يبدو أنه بوابة أوروبا إلى الشرق ويمتلك غطاءً أطلسياً ومساحات شاسعة من الأراضي والإمكانات. هذا وحده لا يكفي، يجب أن يثابر على مواقفه التي بدأها في دافوس، مروراً بقضية السفينة مرمرة وما إلى ذلك».
وفي حديثها عن تركيا، تلفت هذه المصادر إلى وجود بعض سوء التقدير لدى أنقرة حيال عدد من المسائل، بينها «حقيقة لجوء عشرات آلاف الأكراد من خارج سوريا إلى الشمال السوري في أعقاب غزو العراق. هناك حاولوا تكريد شريط موازٍ للحدود مع تركيا عبر العمل على طرد المسيحيين وتهجيرهم في محاولة لإقامة منطقة تصل حتى البحر المتوسط، على أمل أن تكون منفذاً على البحر لأي دولة كردية مستقبلية. هناك قلق إيراني وسوري من هذا الأمر، واعتقاد بأن جسر الشغور ليس سوى مشروع إقليمي بإدارة كردية ورعاية أميركية، شيء شبيه بإمارة تلكلخ. التركي يستهين بهذا الموضوع، ظناً منه أنه قادر على استخدامه مع أوروبا وفي الانتخابات وما إلى ذلك».
وفي تعليقها على ما يشاع منذ مدة عن توافق ضمني أميركي مع «الإخوان المسلمين» تتصدره تركيا في محاولة لبناء أنظمة قائمة على تحالف الجيش مع الإسلاميين في العالم العربي، تقول هذه المصادر «إننا لا نرى هذا الكلام دقيقاً. ليس هناك إخوان بمعنى الحركة المتجانسة، بل فرق متعددة يمكن إحداها أن تكون في هذا المناخ، لكنه ليس مهيمناً».
وبالحديث عن مصر، تقول المصادر نفسها إن ما حصل في هذا البلد أن «طاغية وعصابة أكلت اللحم المصري الحي وكانت تكسر هيكله العظمي. ثورة يناير أو 11 شباط أوقفت التآكل الذي كان يحصل وأخرجت مصر من الحضن الإسرائيلي. نحن مرتاحون. الآن مصر تعيد ترميم هيكلها العظمي، وعندما تكتسي لحماً وجلداً وتستعيد عافيتها، عندها سنجلس وإياها كفؤاً لكفؤ. لا نريد الآن إحراجها ولا استعجالها على شيء هي ترى أن أوانه لم يأت بعد. نتمنى ألا تطول هذه الفترة، وفيها نستعيد علاقاتنا الطبيعية بمصر التي تكون قد استعادت موقعها ودورها المهيمن. لكن هذا قرار مصري بالدرجة الأولى، وأي كلام عن عودة مصر سيكون على حساب إيران أو التقليل من حجمها ودورها، هذا كلام هراء لأن دور مصر سيكون مكملاً للدور الإيراني».
وفي قراءتها للتطورات الجيواستراتيجية في المنطقة، تقول هذه المصادر «نعتقد أن الغرب وصل إلى قناعة بأن المارد الإيراني خرج من القمقم ولم يعد بالإمكان إعادته إليه، وبالتالي هو الآن يريد أن يضع حداً للتمدد الجيواستراتيجي الإيراني. باتت اللعبة محصورة بالإجابة عن السؤال الآتي: من يمسك بالمنطقة: نحن أم هم؟». وتضيف «من هنا، اعتمد الغرب استراتيجية ثلاثية المراحل: وقف التمدد ومن ثم التحجيم فالتهميش بعد أن يضمر النفوذ الإيراني ويخف أثره إلى الحد الأدنى. كان هذا الغرب يعتقد بأنه يكتفي بحصر الإيراني داخل إيران، لكنه اليوم بات مقتنعاً باستحالة ذلك، في ظل الأصابع الإيرانية الواضحة في كل مكان، من العراق إلى لبنان وفلسطين وأفغانستان والخليج...». وتتابع «فات على الغرب أن الأحجام والأدوار، كما أسلفنا، لا تُباع ولا تُستأجر ولا تُهدى. إيران لم تصبح على ما هي عليه بالصدفة. هناك مسار غاب عنه البعض مثل مصر، فملأت الفراغ إيران. انكسرت أميركا فملأت الفراغ إيران. نجحت إيران في مواجهة ما، فأخذت جائزة نفوذ أو دور...»، مشيرة إلى أنه «من هنا جاءت مقولة أن ثورات الربيع العربي هي استمرار للثورة الإيرانية. لم يكن المقصود أبداً، كما فهم البعض، أننا علّمناهم أو دربناهم أو أعطيناهم. هذه إهانة للتونسيين والمصريين واستهانة بالعقل الإيراني. ما عنيناه أنه، ونتيجة للتحول الجيواستراتيجي المتمثل بأفول النجم الأميركي وصعود الإيراني، بدأ أبناء المنطقة يطرحون أسئلة من نوع أن هذا الإيراني المشرقي من عالم الجنوب فعل كذا وكذا ولم تتمكن واشنطن من أن تفعل أي شيء معه. ما ينقصنا لنقوم بالشيء نفسه؟ 30 عاماً وأنظمتنا راكبة على أكتافنا، في وقت انظروا ما فعله الإيرانيون».
وتؤكد هذه المصادر أن «الولايات المتحدة كانت تتوقع سقوط الأنظمة العربية لأنها كانت تطلب منها أموراً كثيرة لم تتمكن من تلبيتها. غدرته ثورتا تونس ومصر. يومها شكّل خلية أزمة قبل أن يفتعل حرب استنزاف في ليبيا واليمن أراد منها التأكيد أن نزهة تونس ومصر باتت الآن مكلفة جداً وقد تؤدي إلى زوال دول». وتوضح أن واشنطن «أدارت أزمة في تونس ومصر، وحرب استنزاف في ليبيا واليمن، وقطعت (حسمت) في البحرين، قبل أن تنتقل إلى المبادرة في سوريا حيث وظفت كل ما هو قابل للاستخدام. المرحلة الرابعة هذه هي الأخطر وفيها الأميركي هو من يصنع الحدث. وليس في ذلك استهانة بالشعب السوري الذي لا شك في أن لديه مطالب مزمنة».
وتخلص المصادر إلى أن «ما حصل في تونس ومصر شيء نحن معه ولن نسمح للأميركي بأن يدخل على الخط. سنساعد المصري في كل ما يريده منا. أما حرب الاستنزاف في ليبيا واليمن فنعمل جاهدين على وقفها والحد من أضرارها. أما القطع في البحرين فنعالجه بالصدمة. الحوار مقطوع مع السعودية ولا تسوية لا يقبل بها الشعب البحريني. أرادوها (الأميركيون) مواجهة إيرانية سعودية في البحرين قد تتدحرج إلى حرب إقليمية وتدويل للملف البحريني من أجل الاجهاز على المشروع الإيراني. أرادونا أن نقع في فخ إرسال قوات إلى البحرين فيبدأ النباح: الخطر الإيراني أتى إلى صدوركم. لم نقع في هذا الفخ بل تحركنا على أطرافه. استعرضنا قوتنا في كل مكان. بوارج عبر قناة السويس وغواصات في البحر الأحمر وفتشنا سفناً، وغيرها أمور كثيرة مما لم يُعلن عنه». وتضيف «كانت رسالتنا واضحة للأميركي: لم نتدخل في البحرين ليس لأننا خائفون بل لأننا كشفناك، والدليل، هذه غواصاتنا في باب المندب. وهذا تعبير عن حنكة ودراية وفطنة».
وتتابع المصادر «قطعنا العلاقات مع السعودية، لكننا عززناها مع سلطنة عمان واستعدنا المبادرة مع الكويت. حتى الإمارات، فقد أعادت قبل نحو أسبوع سفيرها إلى طهران، بعد غياب دام نحو تسعة أشهر. انتهى التردد الإماراتي بتصريح للسفير أحمد الزعابي بأنه مصمم على إقامة أفضل العلاقات مع إيران». كانت طهران قد بعثت برسالة تهديد إلى الإمارات، قبل فترة، أكدت فيها للإماراتيين أن «عملكم مع السعودية في مناطق تعدّ عمقاً استراتيجياً لإيران سيكلفكم كثيراً». كذلك بعثت رسالة إلى السعوديين أكدت لهم فيها «أخطأتم في لبنان. أخطأتم في العراق. أخطأتم في البحرين. عودوا إلى صوابكم».
أما العلاقة مع قطر فهي «مجمدة بسبب الانقلاب المفاجئ غير المبرر وغير المقبول من البحرين إلى سوريا». وتضيف المصادر «لدينا معلومات عن إشارات خضراء من إمارات خليجية صغيرة للأميركيين لتقسيم اليمن مقدمةً لتقسيم السعودية لأن ذلك يريحها ويجعل الخليج إمارات صغيرة متكافئة»، مشيرة إلى أن توجهاً كهذا هو «استمرار لنهج 16 عاماً القائم على إضعاف العرب الرسميين الذين كان خط الدفاع الأخير عندهم مثلث الإسكندرية الذي جمع مصر والسعودية وسوريا أيام الراحل حافظ الأسد. مصر أضعفوها بالكنز الاستراتيجي الذي يسمى حسني مبارك، والآن بمحاولة مصادرة الثورة المصرية، والسعودية من خلال اللعب باليمن عن طريق الدخول على خط الثورة واستنزاف القوى اليمنية الحيّة عبر إدخال القبائل على الخط وشق الجيش ومنع تكريس إنجازات الثورة الشبابية بانتقال سلس للسلطة، والآن جاء دور سوريا». وتتابع «هي إمارة تعتقد أنها بالمال والإعلام وطموح الزعامة والحماية الأميركية تستطيع أن تشتري نفوذاً وتبدل في أحجام الدول وأدوارها».
أهلاً بالقوة الناعمة
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن انكفاء إيراني بفعل الثورات العربية والأزمة في سوريا. بل يتحدث البعض عن أن الولايات المتحدة، التي أخفقت في الحروب التي خاضتها في العراق وأفغانستان، بدأت تحقق نجاحات منذ استعاضت عن الأدوات العسكرية بالقوة الناعمة، التي تمكنت من السيطرة على الوضع في مصر وتونس، والتحكم بالساحة الليبية واليمنية، وقيادة المعركة في البحرين، وفي بلاد الشام. بل بلغ بالبعض حال الحديث عن عدم جواز بقاء الوضع في لبنان على ما هو عليه من هيمنة لقوى 8 آذار، في ظل الانطواء الإيراني والانشغال السوري.
وعليه، تقول مصادر إيرانية رفيعة المستوى «مرحى بأسلوب القوة الناعمة في المواجهة. هذه ساحتنا وهذا ملعبنا وهذا سر قوتنا. نحن لسنا طلاب حروب، ومن يظن أننا انكفأنا فهو مخطئ لأننا قررنا مواجهتهم بأدواتنا في هذا المجال، وفي ملعبنا. بهذه الطريقة نستطيع أن نغيّر قواعد اللعبة بحيث ننتصر عليهم من دون حرب. هذا هو الهدوء والانكفاء.
مشائي يخسر في الدولة... ويتقدّم في المجتمع والاقتصاد
لا تزال الساحة الداخلية الإيرانية تشهد حرباً شعواء بين أنصار الولاية وبين جماعة مساعد الرئيس اسفنديار رحيم مشائي الذي يتغطى وجماعته بعباءة الرئيس محمود أحمدي نجاد في محاولة للسيطرة على الحكم. ولعل أحدث تعابير هذه المواجهة توقيف محمد شريف مالك زاده، المقرب من الرئاسة والذي سمي هذا الاسبوع لشغل منصب نائب وزير الخارجية قبل أن يستقيل.
ومالك زادة المسؤول السابق في المجلس الاعلى للإيرانيين بالخارج، من المقربين لمشائي، وكانت تسميته في 18 حزيران لمنصب نائب وزير الخارجية المكلف بمهام الادارة والتمويل قد واجهت معارضة شديدة من جانب مجلس الشورى الايراني الذي يهيمن عليه الأصوليون، الذين بدأوا بإجراء يهدف إلى إقالة وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي.
وكان النواب، الذين اكدوا من قبل ان مالك زادة «على وشك التوقيف» لاتهامات عدة تتعلق «بتعاملات مالية وغير مالية»، قد تمكنوا أخيراً من دفعه إلى الاستقالة الثلاثاء، متخلّين عن التحرك لإقالة صالحي. وبحسب النواب، اعتُقل العديد من افراد المجلس الاعلى للإيرانيين بالخارج الذي يتولاه مشائي، بموجب أوامر قضائية خلال الاسابيع الاخيرة بتهم متعددة تشمل الاختلاس.
وتقول مصادر قريبة من أروقة صناعة القرار في طهران إن «نجاد حقق في ولايته الأولى الأهداف التي جيء به من أجلها إلى كرسي الرئاسة. لكن مع دخوله الولاية الثانية، قرر مشائي وجماعته استغلال وجودهم قرب نجاد لفتح معركة للسيطرة على البرلمان ثم الامساك بالرئاسة. الأساس في كل ذلك أن نجاد متمسك بمشائي حتى الرمق الأخير، ومستعد للدفاع عنه حتى لو كلفه ذلك منصبه».
توجه مشائي هذا يتطلب، بحسب المصادر نفسها، «جانبين، نظري وعملي. في الأول، يجب أن تتحدث بأمور تقع في قلب نجاد موقع الهوى، بدءاً بالمهدوية، ثم تطورها كما تريد لأنك أنت من ستحكم، من مثل الظهور القريب، وأن صاحب العصر والزمان هو الذي يدير المعركة مباشرة، وأن المعنيين في التنظيم الجديد على اتصال معه، ما يعني انتفاء الحاجة إلى رجال الدين بل حتى إلى الولي الفقيه. وفي الثاني، عليك أن تنشئ أخطبوطاً اقتصادياً وإدارياً في الدولة والمجتمع. في الدولة، زحف على تسلم المناصب المهمة، واجتياح للجسم الاقتصادي من خلال فتح مصارف جديدة أو تعيين مديرين في مصارف قديمة. أما في المجتمع فتأليف أكبر عدد من الجمعيات الأهلية وإقامة علاقات مع فنانين وممثلين.... اللافت أن كل ذلك يجري وفق القانون وبطريقة جذابة للشباب والغرب والثورات العربية. من هنا فإن إيجاد أي ذريعة قانونية لصدهم يبدو شبه مستحيل، فضلاً عن حملة التضامن التي يلقونها».
«الجانب الأخطر في كل ما يجري»، بحسب المصادر نفسها، استنفار البعد القومي الإيراني Paniranism».
في المقابل، «استنفر مؤسسو الثورة وقادتها وبدأوا يشرحون الخطورة الشرعية والنظرية لهذا التوجه على الثورة والنظام وولاية الفقيه. أكدوا البعد الإسلامي Panislamism لا الإيراني» على ما تفيد المصادر التي تؤكد أن «جماعة مشائي تحقق نجاحات في المجتمع والاقتصاد وتخفق في الدولة حيث المرشد في المرصاد». وتضيف أن «المرشد (علي خامنئي) ينصح بعدم تكبير مشائي. هو فرع من أصل، أداة وليس الهدف الرئيسي لكم». وتضيف أن هؤلاء يريدون «عن وعي أو عن غير وعي، لجماعة الولاية أن تتقطع أوصالها وتسقط في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلتين».
وترى المصادر أن الاستحقاق المقبل الأهم هو الانتخابات البرلمانية أوائل العام المقبل، وفيها تترشح نحو 12 قائمة. من رؤساء القوائم، اسفنديار رحيم مشائي، وعلي لاريجاني، ومحمد باقر قاليباف، ومحسن هاشمي رفسنجاني، ومحسن رضائي وبقايا الإصلاحيين برئاسة محمد رضا عارف، وهناك قائمة للمستقلين بين أخريات، مشيرة إلى أن «جماعة مشائي مطمئنة إلى وضعها وتعتقد بأنها تدافع عن قناعاتها، فيما فريق النظام متأكد أنه سينتصر في النهاية». وتتابع «هناك حراك اجتماعي غير مسبوق. نقاش حول الحريات والحجاب والثقافة، فكراً وأدباً، وكله يتحرك في هذا الفضاء الذي لا يهتم به أحد في هذه الفترة».
وتكشف هذه المصادر عن «محاولة هذه المجموعة إعادة صوغ الهوية الثقافية والفكرية الإيرانية في ثلاثة أبعاد: إخراج الاقتصاد من الدائرة الربوية، حيث ترى هذه المجموعة أن المصارف الإيرانية تعتمد الربا. وفي الفكر، العودة إلى الفكر المحمدي الأصيل، والجامعات المطلوب أسلمتها من خلال إزالة المفاهيم الملتبسة عن الحداثة على قاعدة أنه اذا كان ولا بد، ننشئ حداثة خاصة بنا».