أنا ما دنّستُ ضادي
أو عقالي .. وقلاعي
أنا ما فاح بحري بزيوت الأساطيلْ
أنا ما قايضت جذري بلعاب البراميلْ
أنا سوريّا العفيفةْ
أنا سمراءُ بلوني وبفكري وبصخري
أنّا أمّ الشرقِ ..
لم أخلعْ شروقي
أو بروقي
أنا أمّ الشرق ... ما نضبتْ عروقي
أنا سوريا العفيفةْ
وسطَ طابور السقوطْ
أنا وحدي لم أكن دولةَ سوْءٍ
وما كنتُ بغيّا
أنا وحدي مَن كذّبتُ "بلعاما"
و فضحتُ " السامريّا"
أنا صدّقت بيحيى إذْ دعاني
أنا آمنتُ بعيسى في السماءِ
وفي الأرض نبيّا
أنا ظهرُ القدسِ
و أكتافُ القيامةْ
أنا عينُ الحقِّ
وزرقاءُ اليمامةْ
أنا طهّرتُ سروجي
من شياطين الدروبْ
واغتسلتُ بفداءٍ وإباءٍ وعنادْ
وتوضّأتُ برفضي
لخداعات الرمادْ
وجعلتُ الحبرَ حِبراً عربيّا
أنا أمّ الشرقِ
لولاي صارَ الشرقُ شرقاً وثنيّا
من جديدْ
أنا حطّمتُ "كولومبسَ"
أنا حرّقتُ الخرائطَ في يديهِ
و قتلتُ الحرفَ فوق شفتيهِ
حينها أدرك أنّنا لسنا هنوداً
أو عبيداً همُّهم صحنُ حساءٍ
وقماشٍ يستر العورةَ
ثمّ لا بأس إذا كانوا مطيّا
أنا سوريا العفيفةْ
أنا قارعتُ أساطيلَ الغزاةِ الصُّفرِ
وجعلتُ الموجَ أكفاناً
ودحنوناً سخيّا
أنا سوريّا العفيفة
أنا أحببتُ ثماري وزهوري وسحابي
خفتُ من "جالوتَ"
من "فرعونَ"
من "ابن سلولٍ"
خفتُ من نيران نمرودٍ
ومن بلوى ثمودٍ
من "سُجاحٍ" و "ابن هندٍ" و "يزيدْ"
أن يعودوا من جديدْ
خفت منهم أن يحيطوا بثماري وصغاري
فيصير الحقلُ ثالوثَ خرابٍ وعذابٍ وغيابْ
خفتُ أن أمسيَ في أيدي المغولْ
فأنا وحدي العفيفةْ
وسط طابور السقوطْ
كلّهم يبغي دمائي ... كلّهم قومُ "سدومٍ"
أنا وحدي - قسَماً - من بكتْ في عينِ لوطْ
أنا وحدي من بكتْ "يونسَ" في وحلِ الشطوطْ
ولذلك ولهذا فأنا قوّيتُ جداري
وبنيتُ السدَّ من زُبُرِ الحديدْ،
ومسيلٍ من نحاسٍ
ورفعتُ السدّ حتى ما استطاعوا يظهروهُ
أو بيومٍ ينقبوهُ ...
فإذا ما جاء وعدٌ ...أو وعيدْ
إن للبيت إلهاً
سوف من "شِمرٍ" يقيهْ
وإذا التنّورُ فارْ ..
لستُ أخشى
إنّني ذاك القليلْ
ومكاني فوق هاتيك الدُسُرْ
رغم موجٍ كالجبالْ
فعلى الجوديِّ فجري واستوائي
عن قريب ... عن قريبْ