التصلّب اللويحي في سطور انواعه و اعراضه اختيار الطبيب المناسب العلاج والدعم النفسي
يبدأ التصلب اللويحي بالظهور بين عمر 10 سنوات و59 سنة، لكنه غالباً ما يصيب من تتراوح أعمارهم بين 29 و33 سنة، علماً أن خطر الإنتحار يبقى الأعلى عند المرضى، وذلك بنسبة 7.5% نظراً لمضاعفاته.
عوارض التصلّب اللويحي بارزة في الجهاز العصبي المركزي الذي يتكوّن من المخ، النخاع الشوكي والعصب البصري. وهو مرض مزمن يعتقد أنه يحدث نتيجة الإختلال في الجهاز المناعي بالجسم، إذ تهاجم خلايا الجسم الطبيعية، مع تدمير لما يسمّى "مايلين" وهو العازل الواقي المغلّف للألياف العصبية، فيعوق التواصل بين الخلايا العصبية للجهاز العصبي المركزي، مؤدّياً لظهور أعراض المرض.
في المقابل، وعلى الرغم من أن السبب الحقيقي لهذا المرض غير معروف، إلا أن الأبحاث ترجّح وجود عوامل بيئية وأخرى وراثية مشتركة تؤدّي للإصابة به، علماً أنه اكتشف سنة 1870، فيما لم يبدأ علاجه سوى في سنة 1990. وهو ينتشر في المناطق البعيدة عن خط الإستواء كأوروبا وأميركا الشمالية. وتتمثّل العوامل البيئية المسؤولة في بعض أنواع البكتيريا أو الفيروسات التي قد تؤدّي إلى تدمير غشاء "المايلين" في الإنسان والحيوان، إذ اتّهمت فيروسات عديدة بالتسبّب في هذا المرض، ولكن تغيب الإثباتات القاطعة عن الأمر. وفيما لا يعتبر هذا الداء حالة وراثية ولم يتمّ تحديد أي عامل وراثي (جيني) ليكون مسبّباً له، إلا أن هناك احتمالاً بنسبة 2 % لظهور المرض لدى أبناء المرضى.
ثمة أربعة أنواع من المرض، لكل منه صفاته الخاصة، إلا أن أكثرها شيوعاً هو ذلك النوع الحميد والذي يستمرّ المصابون به معافين لسنوات عدّة، وتكون نسبة العجز ضئيلة لديهم لمدّة 10 إلى 15 عاماً، وذلك حتى يستفحل المرض ويظهر العجز كلياً، مترجماً بالإعاقة إذا لم يتمّ اتّخاذ إجراءات صحية تشخّص المرض قبل تفشّيه في الجسم.
في هذا السياق تختلف أعراض المرض من شخص إلى آخر، ولا يمكن التنبّؤ بها، وقد تشمل: التعب، الإرهاق، الضعف في الرؤية في إحدى العينين أو كليهما، ضعف إحدى الساقين أو كليهما، الإحساس بالتنميل أو الخدر في الوجه أو الأذرع أو الساقين أو جذع الجسم، الشدّ العضلي، الدوار، إزدواجية الرؤية، التأتأة في الكلام، عدم التحكّم في التبوّل، التنميل الناتج عن انحناء الرقبة للأمام وحزاماً من التنميل حول الصدر أو البطن. ولكن، ليس من الضروري أن يعاني المصابون من أحد أو كل هذه الأعراض التي احياناً ما تختفي أو تتحسّن بعد بضعة أيام. وغالباً ما يتمّ تشخيص المرض بعد الحصول على تاريخ مرضي، إكلينيكي مفصّل من المريض، وإجراء اختبار دقيق للجهاز العصبي. ويتبع ذلك إجراء أشعة بالرنين المغناطيسي على المخ لتوضيح وجود تدمير لغشاء "المايلين" من عدمه، إذ يجب وجود عرضين ممدودين لتأكيد وجود المرض إكلينيكياً ألا وهما وجود المرض في أجزاء متعدّدة من الجهاز العصبي المركزي بعد تحديده بالتصوير بواسطة الرنين المغناطيسي وحدوث انتكاسة مرّتين منفصلتين يفصلهما شهر واحد على الأقل.
يؤكد الاختصاصي في أمراض الجهاز العصبي الدكتور سهيل جبيلي أنّ هناك حوالي 1800 مصاب في لبنان بمرض التصلب اللويحي أي بمعدّل 55% على 1000 نسمة، مشيراً إلى أنّ العلاجات متوفرة في وزارة الصحة لان الكلفة باهظة، وهي قد تصل إلى معدل 25 مليون دولار سنوياً. ويلفت الدكتور جبيلي إلى أنّ هذا المرض شهد تطوراً علاجيا في الآونة الأخيرة، بداءً من الحقن إلى الحبوب الأغلى الثمن، مشدداً على أنّ الأهم يبقى أن يعرف المريض كيفية اختيار الطبيب المناسب والمتخصّص كي يتم تشخيص مرضه بدقة متناهية دون ان يقع في اسوأ العلاجات".
من جهته يلفت النائب الدكتور عاطف مجدلاني، وهو الاختصاصي في الجهاز العصبي، إلى أن هناك نسبة قليلة من الاصابات في لبنان بهذا المرض الذي يتكاثر في البلدان الاسكندينافية اي شمال اوروبا. اما بالنسبة للعلاج، فيقول مجدلاني أنه متوفر في وزارة الصحة وهذا ما تميز به لبنان عن سائر الدول "الا اننا نصطدم احياناً بالمناقصة و التأخير".
في سياق متّصل، أظهرت الأبحاث أن البدء المبكر في علاج "بيتافيرون" قد يؤخّر في ظهور الإعاقة خصوصاً في خطورة حدوث إعاقة مؤكّدة بسبب التصلّب المتعدّد مع العلاج المبكر مقارنة بالعلاج المتأخّر. ولفتت إلى أن البدء في إعطاء "بيتافيرون" للمصاب بعد الهجمة الإكلينيكية الأولى يؤخّر تطوّر المرض لأكثر من سنتين في 40 % من الحالات، وأن العلاج المبكر يخفّض بوضوح ظهور إصابات نشطة جديدة في المخ لان ثمة أدوية حديثة متاحة تساعد في تغيير مسار المرض عن طريق التخفيف من عدد مرّات الإنتكاسات وشدّتها، لتؤخّر ظهور العجز. وهذه الأدوية التي يطلق عليها إسم الأدوية المعوّلة للمرض، تقلّل من عدد الأيام التي يقضيها المريض متأثّراً بالأعراض. لذا، ينصح بالإستخدام المبكر للدواء الذي يحدّ بكفاءة من ظهور الإصابات ومنع خمور المخ، مع الأخذ بعين الإعتبار الوصفة العلاجية للطبيب وعوامل عديدة كالإنتكاسة لمرّات عدّة إلى درجة العجز، نوع المرض، طول فترة المرض ونتائج الرنين المغناطيسي، بمعنى أهمية مشاركة المريض الطبيب في اختيار نوع العلاج. عدا توفّر الدعم النفسي والعملي بصورة كبيرة للمرضى الذين يتمّ تشخيصهم وذلك بتقديم نظام التمريض المتوفّر في لبنان لدعم المريض وتشجيعه على الإلتزام بالعلاج.