لا يتوانى عدد كبير من نواب تيار «المستقبل» في طرابلس بالتحديد، عن النظر بعين الحسد الى النائب السابق مصطفى علوش، بعد «المعركة» التلفزيونية التي خاضها مع الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الوزير السابق فايز شكر.
فعلوش تفوق، وبأقل من دقيقة واحدة من البث التلفزيوني المباشر على جميع أقرانه من النواب والنواب السابقين والقيادات الذين يتنافسون في ما بينهم ويمضون يوميا ساعات طويلة في الاطلالات الاعلامية وإعداد المقابلات والتصريحات المناهضة للنظام السوري والداعمة للثورة الشعبية السورية، وذلك بهدف إرضاء ولفت نظر الرئيس سعد الحريري الذي أجرى اتصالا هاتفيا بعلوش، لتهنئته على «جرأته وصلابة موقفه» والاطمئنان عليه بعد المعركة التي خاضها. وكذلك فعل الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري الذي بات عليه بعد هذا «الانجاز» أن يطوي وبشكل نهائي «خطيئة» انتقاد علوش للنظام السعودي، وأن يتراجع بالتالي عن كلامه بـ«أن المنسق العام لطرابلس يتحدث في بعض القضايا من دون قناعة».
لا يختلف اثنان في «المستقبل» على أن كثيراً من النواب والقيادات الزرقاء كانوا يتمنون لو أنهم كانوا مكان علوش الذي رسم سقفاً عالياً جداً يصعب عليهم بلوغه، خصوصا أنه لن يتوفر لهم في المستقبل ند سياسي من أمثال فايز شكر يقدم لهم هذا الانتصار الداخلي في التيار الأزرق وجمهوره وعلى طبق من فضة، وأن محاولة افتعال أي مشكلة سياسية على الهواء مباشرة ستأتي بمثابة تقليد لما قام به علوش الذي حالفه الحظ ولمرة واحدة فقط وأغلق باب الاجتهاد في هذا المجال.
يدرك مصطفى علوش في قرارة نفسه، أن الأمين القطري فايز شكر قدم له خدمة العمر، فمنسق عام طرابلس الذي نفض الجميع يدهم منه، وحاول المتضررون من نشاطه الانقضاض عليه، وكان يستعد لمغادرة موقعه، بعد انتقاده النظام في السعودية والخلافات التي أعقبت ذلك مع الأمانة العامة للمستقبل، وجد نفسه بعد «ماتش» الأقلام والأكواب والكراسي الطائرة، محلقا في الفضاء الأزرق، يتغنى الجميع بـ«بطولاته» ويتلقى اتصالات التهنئة ممن كانوا بالأمس القريب يطالبون برأسه، ويستقبل أمام منزله جمهورا غفيرا يتقدمه نواب وقيادات وكوادر يحرصون على الاجتماع به، وتقديم النصائح له بضرورة أن يتوخى الحذر من «الشبيحة» المتربصين به، وأن يستخدم من الآن وصاعدا سيارته المصفحة وأن يواكبه عدد من المرافقين لحمايته.
ولم تقتصر الخدمة الجليلة التي قدمها فايز شكر لعلوش على هذا الحد، بل إن منسق طرابلس اغتنم هذه الفرصة للرد على خصومه ضمن التيار الذين يسعون لتعطيل دوره وإضعافه، فدعا الى عقد اجتماع استثنائي لمنسقية طرابلس التي التأمت بكامل أعضائها للمرة الأولى منذ أشهر طويلة، وأطلعهم على ما حصل معه في إستديو الـ «إم تي في» لتصدر بعد ذلك الدائرة الاعلامية في تيار المستقبل بيانا من العيار الثقيل ضد الوزير السابق فايز شكر وحزب البعث العربي الاشتراكي وقوى 8 آذار، وتعترف في مستهله بمنصب علوش كمنسق عام لطرابلس بعد أن قامت بتغييبه في مهرجان «رياضيون لأجل لبنـــان» رغم حضوره، على خلفية أزمة انتقاد السعودية.
وأكدت في بيانها ان ما جرى يؤكد مجدداً «أن الفريق الآخر لا يؤمن بحرية الرأي والتعبير»، واتهمت مرافقي شكر «بمحاولة الاعتداء على علوش»، معتبرة أن «ذلك هو خير دليل على أن السلاح غير الشرعيّ أصبح بمتناول كل أفرقاء ومكونات 8 آذار»، واستنتجت أن «المواقف والتعليقات التي أطلقها من أسمته «مراهق 8 آذار» تؤكد أن هذا الفريق أصبح في وضع لا يحسد عليه، نتيجة التطورات الدراماتيكية التي تحصل في سوريا». وشددت على أن «تيار المستقبل سيبقى العين الساهرة على الحريات العامة وحقوق الانسان في لبنان».
يتحلق أنصار تيار المستقبل حول مصطفى علوش ليستمعوا إليه يروي لساعات تفاصيل المشكل الذي دام لستين ثانية، فيصير كحكواتي سيرة عنترة. ويصر مستمعوه على طلب المزيد من التفاصيل، فيستفيض، وحين السؤال عن ماذا لو رمى فايز شكر علوش بالكرسي، يسارع المنسق العام الى طمأنتهم بأنه كان على أهبة الاستعداد للمواجهة بقوة وعزم شديدين خصوصاً أنه يمتلك الحزام الأسود 6 دان في الجيدو والكاراتيه...