أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

القـوى الأمنيـة تحبـط خـطّة تكتيكيـة لاقتحـام مجلـس النـواب

الثلاثاء 29 تشرين الثاني , 2011 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,907 زائر

القـوى الأمنيـة تحبـط خـطّة تكتيكيـة لاقتحـام مجلـس النـواب

 لكن القوى الأمنية استنفرت بعد ورودها معلومة ليل أمس الأول، من أحد المخبرين، تفيد بأن الأهالي سيقتحمون المجلس، في مشهد تتخطى «جدّيته» اقتحامهم مدخل السرايا الحكومية، الأسبوع الماضي. 

وفيما لم تكن المعلومة، بحد ذاتها، سرّية، إذ سبق وأعلن الأهالي، في اعتصامهم الأخير قبل أسبوع، عن نيّتهم اقتحام مجلس النواب، إلا أن المخبر نقل لجهاز أمني أن الأهالي حددوا صباح أمس موعداً لتنفيذ خطّتهم. 

وبدا واضحاً، صباح أمس، أن شرطة مجلس النواب زنّرت محيط المجلس (المداخل كافة) بالعناصر والآليات العسكرية ، بالإضافة إلى انتشار كبير لأفراد من الجيش اللبناني وشرطة المجلس في مكان الاعتصام في ساحة رياض الصلح، فضلاً عن تواجد سيارات للدفاع المدني والإسعاف. 

وقبل وصول الأهالي إلى الساحة، وهو المكان الذي جرت العادة بأن يكون مركزاً لاعتصامهم، كان ضباط الصفّ الأول من مخابرات الجيش وشرطة مجلس النواب يتوافدون إلى الساحة (اجتمعوا حول طاولة بمحاذاة أحد المصارف)، للوقوف على الإجراءات الاستباقية. 

وعلمت «السفير» أن سيناريو الخطة كان مرسوماً كالتالي: تتمركز حوالى 12 عائلة في الباحة المخصصة للاعتصام، في رياض الصلح، عند الحادية عشرة والنصف ظهراً.

ويبدأ أفراد العائلة، أي أهالي السجناء، بإطلاق الشعارات المطالبة بإصدار قانون عفو عام عن السجناء، ثم تحاول بعض النسوة تخطّي الحواجز الحديدية، وذلك بهدف إثارة البلبلة واستنفار القوى الأمنية لردع النسوة عن تخطيهن الحواجز الثانية، أي المنتشرة عند مداخل ساحة النجمة. 

وفي تلك الأثناء، وفيما العناصر الأمنية تكون منهمكة ومشغولة بأهالي ساحة رياض الصلح، تبدأ مجموعة ثانية من الأهالي، تفوق الأولى عدداً، بالتسلل إلى مجلس النواب عبر المداخل الخلفية، آخذين بعين الاعتبار احتمال الاشتباك مع القوى المسلّحة. 

وعلى الرغم من أن القوى الأمنية لم تكن على اطلاع مسبق بالسيناريو، إلا أنها قررت اللجوء إلى خطوة استباقية، هدفها بث الذعر في نفوس الأهالي، وذلك من خلال تكثيف تواجد العناصر الأمنية من الأجهزة كافة، خلافاً للمرّات السابقة. وبذلك، ووفقاً للخطة الأمنية، يُصاب الأهالي بنوبة ذعر تحيل دون تفكيرهم بتخطي حاجز حديدي واحد.

وبدا لافتاً أن الفاعلين في اللجان، ألمحوا لـ«السفير» أن مصدراً يثقون به «أخبرنا، ليل أمس الأول، أن الانتشار الأمني سيكون حاشداً أكثر مما تتصوّرون، وثمة قراراً بإطلاق النار المباشر على أي شخص يحاول تخطّي الحواجز الحديدية لساحة النجمة، وصولاً إلى البرلمان». 

ومع ذلك، قرر المنظمون النزول إلى ساحة رياض الصلح للاستطلاع، شرط أن يكون عددهم لا يتخطى أصابع اليد الواحدة. وفي حال تبيّن أن الانتشار الأمني قابل للاختراق، تُستدعى المجموعة الثانية، وتنفذ خطّتها. 

أما إذا كان تموضع القوى الأمنية مكثّفاً ويصعب اختراقه من أي مدخل، تبقى المجموعة الصغيرة في الساحة، ويلقي ممثل عن الأهالي كلمة لوسائل الإعلام، كأن شيئاً لم يكن، ثم يعودون إلى منازلهم. 

وهكذا كان: تفاجأ المنظمون بالانتشار الأمني الذي لم يشاهدوا مثله سابقاً، كما لم يتوقعوا أن يكون حاشداً إلى هذا الحد، فألقوا كلمة مقتضبة، أعلنوا فيها عن «تظاهرة ستكون الأكبر من نوعها في بيروت، في الرابع عشر من الشهر المقبل، ستشارك فيها جمعيات من المجتمع المدني، والسائقين العموميين، والاتحاد العمالي العام، ومياومي شركة الكهرباء». 

ونقل رئيس لجان «أهالي السجناء الموقوفين» خضر ضاهر رسالة من سجينات بعبدا، تفيد بأن السجينات يطالبن الدولة بالعفو العام عنّهن، و«نحن لم نخلق وفي أفواههن معالق من ذهب، فأخطأن ودفعنا الثمن. أما الآن، فأزواجنا في السجن، وأولادنا على الطرقات».

ومن المتوقّع أن يعلن سجناء «رومية»، اليوم، عودتهم إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، بعدما أعلنوا، قبل تسعة أيام، تجميد الإضراب الذي نفذوه قبل حوالى أسبوعين، لمدة عشرة أيام، كفرصة منهم للمعنيين في الدولة، للبحث جدّياً في سبل إصدار قانون عفو عام عنهم. وفي حال أعلن السجناء عن عودتهم إلى الإضراب، الذي وسموه بـ«إضراب المئة يوم»، فإنهم «ماضون قدماً حتى الرمق الأخير، وكل سجين يفارق الحياة ستكون وفاته مسؤولية كل نائب ووزير ورئيس في الدولة»، حسبما أكد أحد السجناء لـ«السفير».

 

مدفوعون سياسياً؟

 

وفي حين لم توقف القوى الأمنية أي فرد من الأهالي، أمس، بتهمة التخطيط لاقتحام مجلس النواب، لأن «المعلومة» بقيت حبراً على ورق من جهة، ولعدم توافر أي دليل حسّي من جهة ثانية، فإن الفاعلين في لجان «أهالي السجناء» يعملون على التفكير، جدّياً، في السبل المتاحة أمامهم، «غير إلقاء الكلمات، والمناشدة، وانتظار الوعود» وفقاً لمصدر في اللجان. 

ويعتبر المسؤولون في اللجان، أن اللجوء إلى تحركات غير سلمية، هي الطريقة الوحيدة لـ«لفت أنظار المسؤولين في الدولة، على نحو جدّي يحتم عليهم الإسراع في التعاطي مع مطلب إصدار قانون عفو عام عن السجناء»، مستشهدين بحادثة اقتحام مدخل السرايا الحكومية الأسبوع الماضي: «آنذاك، نقلت وسائل الإعلام الخبر في نشراتها وصفحاتها الأولى، فعرف الجميع بمطالبنا، كما التقينا برئيس الحكومة نجيب ميقاتي». 

ويؤكد أصحاب القرار في اللجان، أنهم اشترطوا على المعنيين «عدم إطلاق الوعود في الهواء، وإلا فإننا سنقوم بخطوات تصعيدية مفاجئة»، مشيرين إلى أن «كل وعد كاذب سيقابل بمفاجأة تصدم الجميع». 

لكن، وسط التهديدات والتحركات السلمية، يُطرح في السياق أكثر من سؤال: هل ثمة جهات سياسية داعمة لأهالي السجناء؟ من كان المستفيد، سياسياً، لو نجح الأهالي باقتحام المجلس أمس؟ وماذا لو أريقت الدماء؟ وهل التوقيت، تزامناً مع الشلل الحكومي والوضع السياسي المتدهور في البلاد، مقصود؟ 

لا ينكر الفاعلون في اللجان أن «الأوضاع السياسية في البلاد متدهورة، وفي حال وقع حادث سير، ربما يُفسّر سياسياً وأمنياً، ويُقال أنه مؤامرة»، لكن «نحن، ببساطة، لا ننتمي إلى أي جهة سياسية، والدليل أن اللجان تضم أكثر من جهة سياسية، وأكثر من طائفة». 

وعن التوقيت، يرى هؤلاء أن لبنان لم يكن، في يوم من الأيام، بمنأى عن التجاذبات السياسية والأمنية، وبالتالي فإنهم لن ينتظروا الوقت المناسب، الذي يرونه سراباً في المدى المنظور. 

ويتسلّح الأهالي بـ«مطلب نراه محق، وهو العفو العام عن السجناء، خصوصاً إن مجلس النواب وافق على العفو عن الفارّين إلى فلسطين المحتلة»، فيما يشير النائب غسان مخيبر إلى أن «المجلس وافق على اقتراح النائب ميشال عون بتحديد أصول في كيفية التعامل، قضائياً، مع الفارّين إلى أراضي العدو الإسرائيلي». 

وأفاد مخيبر أن «قانون العفو العام عن الفارّين إلى أراضي العدو الإسرائيلي، اقترحه النائب سامي الجميّل، وهو قيد البحث حالياً»، لافتاً إلى أن لجنة الإدارة والعدل ناقشت، أمس، اقتراحات النواب حول إصدار قانون عفو عام عن السجناء اللبنانيين. 

وتم الاتفاق على تشكيل لجنة فرعية، لصياغة مشروع نصّ واحد، يُناقش الأسبوع المقبل.

Script executed in 0.19598984718323