وعليه، بدأت لجان استيراد البطاطا مطلع الشهر الحالي بالكشف على البذار المستورد من الدول الأوروبية بقرار من وزير الزراعة مع توقعات بأن تنخفض نسبة الاستيراد الى حوالى النصف.
وقد اعتاد التجار استيراد حوالى عشرة آلاف طن سنويا من بذار البطاطا الى عكار، يزرع منها حوالى خمسة آلاف طن، بينما كان يعمد التجار الى تصريف الفائض عبر تهريبه الى داخل الأراضي السورية. أما اليوم، ومع تراجع حركة الشحن البري والمخاطر الكبيرة على الطرقات، بات التجار والمزارعون يقلقون من عدم إمكانية تصريف الانتاج المحلي من البطاطا.
وعقد لهذه الغاية اجتماعا موسعا في بلدية الكويخات بمشاركة عدد من الجمعيات الزراعية والنقابات ورؤساء البلديات، للبحث والتشاور في مشاكل المزارعين ومواكبة موسم زراعة البطاطا، وكيفية العمل مع المسؤولين، وفي طليعتهم وزير الزراعة من اجل انقاذ الموسم الحالي، وإيجاد المعالجات المطلوبة قبل الوقوع بمشكلة تصريف الانتاج.
ويناشد رئيس بلدية الكويخات عمر الحايك باسم المزارعين وتجار عكار الحكومة اللبنانية، وزير الزراعة حسين الحاج حسن «العمل منذ الان على ايجاد حلول للموسم من خلال توفير اسواق محلية وخارجية، واهمها الاسواق الاوروبية المشتركة، ووضع حد لاستيراد البطاطا المصرية والسعودية ومراقبتها، خصوصا عند استيفاء المواسم المحلية». ويشير الحايك إلى «عمق المعاناة التي تطال المزارعين في عكار، وحجم الديون المتراكمة عليهم نتيجة الخسائر المتتالية في العديد من المواسم، وتحديدا موسم الحمضيات، الذي تميز هذه السنة بجودته ووفرته، إلاّ أن غياب أسواق التصريف والسياسات الزراعية أوقعا المزارعين في عجز مالي كبير».
ويؤكد رئيس تجمع مزارعي البطاطا في عكار حسين الرفاعي «عدم وجود أسواق لتصريف الانتاج جراء الأوضاع السياسية المتأزمة في بلدان الاستيراد»، لافتا الى «أن غالبية المزارعين يتحولون نحو زراعة البطاطا الصناعية لضمان تصريف إنتاجهم»، متوقعا أن لا تزيد كمية البطاطا المزروعة عن أربعة آلاف طن». ويشير الرفاعي إلى «ضرورة حماية الإنتاج اللبناني من البضاعة المستوردة، وتحديدا البطاطا السعودية والمصرية التي ستدخل الى لبنان إبتداء من 1/1/2012 ولغاية 1/4/2012».
ويصف الرفاعي السنة الحالية بـ«الشاذة على المستويات كافة، حيث «منينا بخسائر كبيرة لم نشهدها في السابق، وبالرغم من الدعم الذي أقرته الدولة لدعم المصدرين إلاّ أنه لا يغطي التكاليف المرتفعة المترتبة على عاتق المزارعين جراء إرتفاع كلفة الانتاج، وغياب اليد العاملة السورية، إضافة إلى الارتفاع الكبير في أسعار المبيدات والأسمدة الكيميائية». ويلفت الرفاعي إلى أن المزارع كان يشتري في السابق الطن بـخمسمئة دولار، بينما يبلغ سعره اليوم 850 دولارا، إضافة الى كلفة النقل المرتفعة التي يتكبدها، حيث تبلغ كلفة نقل براد سعة 20 طنا 17 ألف ريال سعودي في حين كانت التكلفة تبلغ ثمانية آلاف ريال في السنوات الماضية».
ويؤكد مدير محطة الأبحاث العلمية الزراعية في العبدة ـ عكار، وعضو اللجنة الوطنية لمحصول البطاطا ميشال عيسى الخوري «تأثر القطاعات الزراعية كافة في عكار جراء تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا حيث انخفضت نسبة التصدير بسبب ارتفاع كلفة الشحن والمخاطر على الطرقات». ويلفت الخوري الى «أن لجنة البطاطا ستجتمع اليوم برئاسة الوزير حسين الحاج حسن للبحث في كيفية التعاطي مع القطاع في ظل الظروف الراهنة».
ويكشف الخوري عن «بدئ العمل مع «المشروع الايطالي للبطاطا» بالتعاون مع الوزارة و«مصلحة الأبحاث» بهدف تصدير البطاطا اللبنانية الى سوق الاتحاد الأوروبي، مما يفتح أسواقا جديدة للتصدير، وبالتالي حل مشكلة تصريف الانتاج». ويلفت الى «أن مزارعي عكار هم الأكثر استفادة من هذا البرنامج الذي يعمل وفق نظام «التتبع» الذي يقضي بمتابعة المزارع منذ استيراد البذار، وحتى تصدير المنتج النهائي مع وضع معلومات تفصيلية عن المنتج الذي تؤكد جودته وخلوه من الأمراض ما يشكل متنفسا للمزارعين العكاريين خصوصا أن أوقات جني المحصول تتزامن مع حاجة الأسواق الأوروبية الى البطاطا».