افتتح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية العام السياسي الجديد بمؤتمر صحافي دافع فيه عن ممثله في الحكومة، وزير الدفاع فايز غصن الذي يتعرض لحملة انتقاد واسعة من تيار المستقبل على خلفية إعلانه عن وجود عناصر من تنظيم القاعدة في لبنان، كما حمل فيه على أكثر من مرجعية سياسية، وانتقد عبره رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي، ولم يوفر وزير الداخلية الذي كان قد اعتبر أنّ لبنان يشكل ممرا للقاعدة وليس مركزا لها، ليضيف بذلك ملفا ساخنا إلى قائمة الملفات التي تنتظر أولى جلسات الحكومة.
وبدا أنّ فرنجية، وبحسب مصادر قريبة، قارب بين الشكل والمضمون والتوقيت، فهو وجّه رسالة واضحة إلى تيار المستقبل خصوصا وسائر المشاركين في الحملة على وزير الدفاع عموما، حتى أنّه لم يوفر رئاسة الجمهورية التي لقيت اول انتقاد من نوعه من قبل مرجعية مارونية طالما دافعت عن المقام وحاولت تحييده عن السجالات بوصفه الموقع المسيحي الاول في البلاد، في إشارة واضحة إلى مدى انزعاج فرنجيه من التعاطي بخفة وعدم موضوعية مع ملف بهذه الاهمية من شأنه ان يرخي بظلاله الثقيلة على الكثير من حلفائه الاستراتيجيين، بمن فيهم الرئيس السوري بشار الاسد الذي ينقل عنه زواره أنّ سوريا لن تقبل بوجود عناصر من القاعدة ضمن نطاق ما يطلق عليه الامنيون صفة الخاصرة الامنية الرخوة، وبالتالي فان التعاطي مع هذا الواقع له حساباته الخاصة والدقيقة لما يحمله من علامات استفهام حول الجهة الممولة لهذا التنظيم والتي تسهل له عمليات الانتقال والعبور والتسلح.
وترى المصادر أنّ الرسالة الاوضح جاءت باتجاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بحيث يمكن التفسير أنّ فرنجيه اتهمه بتقيدم مصلحته السياسية وسنيته بحسب التعبير على مصلحة البلاد العليا، خصوصا أنّ تجربة مخيم نهر البارد ما زالت ماثلة في أذهان سكان الشمال وميقاتي منهم وهو الذي عانى من الازمة وتداعياتها على الصعد السياسية والشعبية كافة، بما يفيد ان فرنجيه على استعداد للسير بملف القاعدة حتى النهاية، وذلك لاسباب تتعلق بموقعه اولا وتحالفاته ثانيا.
وما يشير إلى دقة الملف وحساسيته وتداعياته، هو الردود السريعة لنواب تيار المستقبل، حيث كشف قيادي مستقبلي أنّ توجه كتلة نواب زحلة إلى عرسال والرد على كلام فرنجيه من هناك جاء بناء على تنسيق سريع مع قيادة التيار الازرق، واستنادا إلى طلب مباشر من قيادته.
ويتهم القيادي المذكور الاكثرية الجديدة بتوتير الاجواء من خلال الايحاء بوجود عناصر من القاعدة في البقاع، وبالتالي فان الاعتقاد السائد هو أنّ موقف فرنجيه المفاجئ جاء بناء على طلب من القيادة السورية التي تحتاج إلى مبررات لتوظيفها في مفاوضاتها مع الجامعة العربية، خصوصا أنّ وزير الدفاع يعرف بدوره أنّ القاعدة لا تشكل أيّ خطر على لبنان طالما أنّها تلتزم سقف القوانين والامن والسلم الاهلي بحسب التعبير.
ويتساءل القيادي المستقبلي عن الهدف الاساسي من الحملة التي تطاول بشكل او بآخر المؤسسة العسكرية قبل سواها في هذا الظرف الاقليمي الدقيق والحرج بحسب الوصف، كما أنّ السؤال الأبرز يبقى حول تناقض المعلومات بين الاجهزة الرسمية، بحيث يؤكد القيادي بدوره أنّ التقارير الرسمية التي بحوزته تشير بوضوح إلى عدم وجود خلايا او عناصر للقاعدة في اي منطقة من مناطق لبنان، وبالتالي فان الوزير مدعو بصراحة إلى كشف ما بحوزته من تقارير ومعلومات موثقة، وعدم اقحام لبنان في تفاصيل الازمة السورية.
واستنادا إلى هذه الاجواء المستجدة تجمع المصادر على التأكيد بان الايام القليلة المقبلة لن تكون مريحة على الاطلاق، بل على العكس تماما فان هدنة الاعياد السياسية سقطت مع اول يوم من ايام السنة، وبالتالي فان على الحكومة معالجة الملفات وفق اولوياتها التي تتبدل ساعة بساعة.