وتحدث فضل الله أمام الإعلاميين، في مجلس النواب، بعد أن سجّل سؤاله في قلم المجلس ورفعه إلى رئاسة المجلس معتبرا أنه «بعد انقضاء ما يقارب الشهر والنصف على الاعتراف الأميركي عبر وسائل الإعلام وعبر تصريحات مسؤولين أميركيين بالتجسس على لبنان، ولما لهذه القضية من أهمية وطنية تتعلق بالأمن القومي، وبعد انتظار إجراءات الحكومة اللبنانية التي لم نتبلغ فيها أي شيء جديد، وجهت هذا السؤال إلى الحكومة عبر رئاسة المجلس النيابي وفقا للنظام الداخلي يتعلق بهذه القضية الحساسة».
بعد ذلك، تلا فضل الله السؤال الذي يتناول فيه قضية التجسس الأميركي في لبنان واستخدام السفارة الأميركية في عوكر، كمقر لانطلاق أنشطة أميركية تجسسية معادية، آملاً أن تجيب الحكومة خطيا على هذا السؤال، في مهلة خمسة عشر يوما على الأكثر، من تاريخ تبلغها السؤال.
ومن ابرز ما جاء في السؤال: شكّلت واقعة افتضاح النشاط التجسسي للاستخبارات الأميركية في لبنان، انطلاقا من سفارة عوكر، محور تعليقات عدد من المسؤولين الأميركيين ووسائل الإعلام الأميركية والغربية، تمحورت بمجملها حول تأكيد وجود محطة للاستخبارات الأميركية داخل السفارة الاميركية في بيروت، تتولى تجنيد وتشغيل العملاء، وبأن المحطة المذكورة تلقت ضربة موجعة بعد الكشف عن أنشطتها المعادية داخل الأراضي اللبنانية.
كما تأكدت هذه الوقائع بالكشف عن اسم رئيس محطة الاستخبارات الأميركية في لبنان، المدعو «دانيال ماكفيلي»، إضافة إلى الكشف عن أسماء عدد من الضباط العاملين في المحطة، والكشف عن أساليب العمل وكيفية تجنيد العملاء، فضلا عن افتضاح بنك الأهداف المعلوماتية، الذي تسعى المخابرات الأميركية إلى تحصيله عبر شبكة عملائها المنتشرين في مختلف قطاعات المجتمع اللبناني، والذي ظهر انه يتماهى ويتطابق مع بنك أهداف جهاز «الموساد» الإسرائيلي. وان الاستخبارات الاميركية تعمل في لبنان لحساب الاستخبارات الاسرائيلية، وتزودها بما تحصل عليه من معلومات لاستخدامها في الحروب الاسرائيلية ضد بلدنا.
وأقر مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون وجود محطة للاستخبارات الأميركية في لبنان وقد نشرت وسائل إعلام أميركية تصريحات ومعلومات عن هذه المحطة.
وتضمنت المعطيات المشار إليها: تفاصيل عن محطة الاستخبارات الأميركية في سفارة عوكر والعاملين فيها. أبرز ما فيها الكشف عن اسم الرئيس الحالي لمحطة CIA في لبنان، وهو الضابط دانيال باتريك ماكفيلي (مواليد: 29/6/1966)، إضافة إلى اسم الرئيس السابق للمحطة الضابط لويس كاهي الذي ترك عمله في بداية العام 2009 ليتسلم من بعده الضابط دانيال إدارة العمل في المحطة. ومن بين أسماء الضباط العاملين في محطة وكالة المخابرات الأميركية في بيروت أيضا كل من: روسيندو سيدانو، تشاك ليزنبي وسارة غيتر.
كما تبين، بحسب هذه المعطيات، أن ضباط المخابرات الأميركية العاملين في لبنان، والذين ينتحلون صفة دبلوماسية ومسجلون على اسم السفارة الأميركية في بيروت، يتولون تنفيذ عمليات تجنيد العملاء داخل مختلف شرائح المجتمع اللبناني: موظفون حكوميون، عناصر أمنية وعسكرية رسمية، أعضاء في أحزاب لبنانية، شخصيات لبنانية (سياسية، إعلامية، دينية، اجتماعية، مصرفية، صحية، أكاديمية... الخ)... فضلا عن استهداف الأفراد والعناصر الناشطة ضد العدو الإسرائيلي في لبنان.
وتبين، أن ضباط الـ CIA في سفارة عوكر، يستفيدون من كل التسهيلات الدبلوماسية المتاحة لموظفي السفارة الأميركية، في سعيهم لبناء شبكات من المخبرين والعملاء، وتأمين عمليات التواصل مع هؤلاء، مستفيدين من السيارات الدبلوماسية التابعة للسفارة، فضلا عن استخدام مقر السفارة نفسه في عوكر، مكانا لإدارة عمليات التجنيد وتنظيم اللقاءات مع العملاء.
تؤكد المعطيات أن المخابرات الأميركية في لبنان تنشط في جمع معلومات تتطابق مع الاحتياجات المخابراتية لجهاز الموساد الإسرائيلي، من خلال تركيزها على استهداف كل ما يتعلق بأفراد «حزب الله» والمقاومة من العناصر والمسؤولين، إضافة إلى السؤال عن مخازن الصواريخ والبنى اللوجستية للمقاومة.
لما كان ضباط الاستخبارات الأميركية المشار إليهم يمارسون نشاطهم المعادي على الأراضي اللبنانية، انطلاقا من سفارة عوكر.
ولما كان الفعل التجسسي الممارس من قبل ضباط وكالة المخابرات الأميركية في لبنان، يشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي وانتهاكا صريحا للقوانين الوطنية ولموجبات المهمة الدبلوماسية المناطة بالموظفين المعتمدين في السلك الدبلوماسي، فضلا عن ممارسة الفعل التجسسي لخدمة أهداف العدو الإسرائيلي.
ولما كانت الحكومة اللبنانية في جلستها المنعقدة بتاريخ 23/11/2011 ناقشت المعطيات المتداولة عن الاعتراف الصريح من قبل المسؤولين الأميركيين بوجود نشاط تجسسي تمارسه الاستخبارات الأميركية على الأراضي اللبنانية، انطلاقا من محطة تابعة لها متمركزة في سفارة عوكر... حيث أعلنت الحكومة بعد ختام جلستها أعلاه على لسان وزير الإعلام وليد الداعوق عزمها على «استيضاح» السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي عن هذا الأمر... لكن حتى تاريخه، لم تبادر الحكومة اللبنانية إلى وضع اللبنانيين بالنتيجة التي توصلت إليها بشأن قرارها «استيضاح» السفارة الأميركية.
بناء على ذلك كله نسأل الحكومة:
1- ما هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية والسلطات الأمنية المعنية (وزارتا الدفاع والداخلية) لوقف الأنشطة التجسسية المعادية الممارسة من قبل الاستخبارات الأميركية على الأراضي اللبنانية بما يضمن الحفاظ على أمن وسيادة البلد وحقوق المواطنين إزاء هذه التعديات الحاصلة.
2- ما هي الإجراءات التي باشرتها السلطات القضائية اللبنانية في حق ضباط المخابرات الأميركية المتمركزين في سفارة عوكر الذين ثبت تورطهم بأنشطة تجسسية على الأراضي اللبنانية يعاقب عليها القانون اللبناني.
3- ما هي الإجراءات التي باشرت وزارة الخارجية والمغتربين القيام بها من اجل طرد بعض الدبلوماسيين التابعين للسفارة الأميركية في بيروت الذين ثبتت مخالفتهم مضمون اتفاقية «فيينا» للعلاقات الدبلوماسية لجهة انتحالهم صفة دبلوماسية للتستر على القيام بأنشطة تجسسية، لا تتوافق مع بنود الاتفاقية المذكورة التي ترعى العلاقات الدبلوماسية بين الدول واحترام سيادة القانون على اراضي الدولة المعتمد لديها. وفي مقدمة هؤلاء الدبلوماسيين «دانيال باتريك ماكفيلي» الذي تأكد انه يدير ويرأس محطة للاستخبارات الأميركية في بيروت.
4- ماذا كانت حصيلة متابعة وزارة الخارجية والمغتربين لقرار الحكومة اللبنانية «استيضاح» السفيرة الأميركية في بيروت «مورا كونيللي» بشأن ما ورد حول تورط بعض من ينتحلون الصفة الدبلوماسية الأميركية في سفارة عوكر بأعمال تجسسية معادية على الأراضي اللبنانية».