أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الأسد: لا مهادنة أو تهاون مع الإرهاب والمتواطئ مع الأجنبي

الأربعاء 11 كانون الثاني , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,191 زائر

الأسد: لا مهادنة أو تهاون مع الإرهاب والمتواطئ مع الأجنبي

وشن الأسد، في خطاب له في جامعة دمشق، هجوما على أنظمة عربية تقف مع الدول الغربية ضد سوريا. وكشف عن انه أول من طرح موضوع المبادرة العربية والمراقبين خلال لقائه وفدا من الجامعة العربية منذ عدة أشهر. وأعلن انه سيتم إجراء استفتاء على الدستور الجديد بداية آذار المقبل، على أن تجرى الانتخابات التشريعية في أيار، مشيرا إلى أن الحكومة الجديدة يجب أن تضم جميع الأطراف السياسية، من الموالاة إلى المعارضة. 

وفي الآتي أهم ما جاء في خطاب الأسد من على مدرج جامعة دمشق: 

 

إن التآمر الخارجي لم يعد خافيا على أحد، لأن ما كان يخطط في الغرف المظلمة بدأ يتكشف أمام أعين الناس واضحا جليا، ولم يعد الخداع ينطلي على أحد، إلا على من لا يريد أن يرى ويسمع. فالدموع التي ذرفها على ضحايانا تجار الحرية والديموقراطية لم تعد قادرة على إخفاء الدور الذي لعبوه في سفك دمائها للمتاجرة بها. إن الأقنعة سقطت الآن عن وجوه هذه الأطراف، وبتنا أكثر قدرة على تفكيك البيئة الافتراضية التي أوجدوها لدفع السوريين نحو الوهم ومن ثم السقوط. كان يراد لهذه البيئة الافتراضية أن تؤدي إلى هزيمة نفسية ومعنوية تؤدي لاحقا إلى الهزيمة الحقيقية. 

الآن هناك أكثر من 60 محطة تلفزيونية وعشرات مواقع الانترنت وعشرات الصحف في العالم مكرسة للعمل ضد سوريا، البعض منها يعمل ضد الداخل السوري والبعض منها يعمل لتشويه صورة سوريا في الخارج. كان الهدف أن يدفعونا باتجاه حالة من الانهيار الذاتي كي يوفروا على أنفسهم الكثير من المعارك، وفشلوا في هذا الموضوع ولكنهم لم ييأسوا. إن المحاولات مستمرة لا تنتهي. مرة الرئيس سافر ومرة هاجر، وهذا الكلام الذي تعرفونه يعني بما معناه الرئيس يتخلى عن المسؤولية، وهذا ما يحاولون تسويقه. نقول لهم خسئتم لست أنا من يتخلى عن مسؤولياته. 

صبرنا وصابرنا في معركة غير مسبوقة في تاريخ سوريا الحديث، فما ازددنا إلا صلابة، وإن كانت هذه المعركة تحمل في طياتها مخاطر كبيرة وتحديات مصيرية فإن الانتصار فيها قريب جدا، ما دمنا قادرين على الصمود واستثمار نقاط قوتنا وما أكثرها ومعرفة نقاط ضعف الخصوم وهي أكثر. 

لقد بحثوا في البداية عن الثورة المنشودة فكانت ثورتكم ضدهم وضد مخربيهم وأدواتهم، وهب الشعب منذ الأيام الأولى قاطعاً الطريق عليهم وعلى أزلامهم، وعندما صعقتهم وحدتكم حاولوا تفكيكها وتفتيتها باستخدام سلاح الطائفية المقيت بعد أن غطوه برداء الدين الحنيف. وعندما فقدوا الأمل بتحقيق أهدافهم انتقلوا إلى أعمال التخريب والقتل تحت عناوين وأغطية مختلفة، كاستغلال بعض التظاهرات السلمية واستغلال ممارسات خاطئــة حصلت من قبل أشخاص في الدولة، فشــرعوا بعملــيات الاغتيال وحاولوا عزل المدن وتقطيع أوصــال الوطــن وسرقوا ونهبوا ودمروا المنشآت العامــة والخاصة. وبعد تجريب كل الطرق والوســائل الممكنة في عالم اليوم، مع كل الدعم الإعلامــي والسياسي الإقليمي والدولي، لم يجدوا موطئ قدم لثورتهم المأمولة. 

هنا أتى دور الخارج بعد أن فشلوا في كل محاولاتهم. لم يكن هناك خيار سوى التدخل الخارجي. وعندما نقول الخارج عادة يخطر ببالنا الخارج الأجنبي. مع كل أسف أصبح هذا الخارج مزيجا من الأجنبي والعربي، وأحيانا وفي كثير من الحالات يكون هذا الجزء العربي أكثر عداء وسوءا من الجزء الأجنبي، وأنا لا أريد التعميم. الصورة ليست بهذه السوداوية. الدول العربية ليست واحدة في سياساتها. هناك دول حاولت خلال هذه المرحلة أن تلعب دورا أخلاقيا موضوعيا تجاه ما يحصل في سوريا، وهناك دول بالأساس لا تهتم كثيرا بما يحصل بشكل عام، يعني تقف على الحياد في معظم القضايا. وهناك دول تنفذ ما يطلب منها. الغريب أن بعض المسؤولين العرب معنا في القلب وضدنا في السياسة، وعندما نسأل لماذا، يقول أنا معكم لكن هناك ضغوطا خارجية. يعني هو إعلان شبه رسمي بفقدان السيادة. ولا نستغرب أن يأتي يوم تربط الدول سياساتها بسياسات دول خارجية على طريقة ربط العملة بسلات عملات خارجية، وعندها يصبح الاستغناء عن السيادة أمرا سياديا. 

إن هذا الدور العربي الذي رأيناه الآن بشكل مفاجئ لا نراه عندما تكون هناك أزمة أو ورطة في دولة عربية ما، لكن نراه بأفضل حالاته عندما تكون هناك ورطة لدولة أجنبية، لدولة كبرى، وغالبا ما يكون إنقاذ تلك الدولة من ورطتها على حساب دولة أو دول عربية، وغالباً ما يكون من خلال تدمير دولة عربية، وهذا ما حصل في العراق وليبيا. وهذا ما نراه الآن في الدور العربي تجاه سوريا، فبعد أن فشلوا في مجلس الأمن لعدم إمكان إقناع العالم بأكاذيبهم كان لا بد من غطاء عربي، وكان لا بد من منصة عربية ينطلقون منها، فهنا أتت هذه المبادرة. 

الحقيقة أنا من طرح المبادرة، وموضوع المراقبين في لقائي مع وفد الجامعة العربية منذ عدة أشهر، وقلنا ما دامت المنظمات الدولية أتت إلى سوريا واطلعت على الحقائق وكان هناك رد فعل إيجابي، على الأقل يطلع على الأمور. ونحن لا نقول الأمور كلها إيجابية. يرون الإيجابي ويرون السلبي، ونحن لا نريد أكثر من معرفة الحقيقة كما هي، فالأحرى بالعرب أن يرسلوا وفدا كي يطلع على ما يحصل في سوريا. وطبعا لم يكن هناك أي اهتمام بهذا الطرح الذي طرحته سوريا، وفجأة بعد عدة أشهر نرى أن هذا الموضوع أصبح هو محل اهتمام عالمي. ليس اهتماماً مفاجئاً بما طرحناه على الإطلاق وإنما لأن المخطط بدأ من الخارج تحت هذا العنوان. 

في كل الأحوال استمررنا بالحوارات مع الجهات المختلفة، وتحدث وزير الخارجية بمؤتمراته الصحافية حول تفاصيل لن أكررها، وكنا نركز على شيء وحيد هو سيادة سوريا، وكنا ننظر على اعتبار أن المواطن العربي والمسؤول العربي والمراقب العربي مهما يكن، على سوء الوضع العربي، تبقى لديه عواطف تجاهنا، يعني نحن نبقى عرباً نتعاطف مع بعضنا البعض. 

لماذا بدأوا المبادرة العربية. نفس الدول التي تدعي الحرص على الشعب السوري كانت في البداية تنصحنا بموضوع الإصلاح. طبعا هي لا يوجد لديها أدنى معرفة بالديموقراطية وليس لها تراث في هذا المجال، لكن كانـــوا يعتقدون أننا لن نسير باتجاه الإصلاح، وسيكون هناك عنوان لهذه الدول كي تستــخدمه دوليا، بأن هناك صراعاً داخل سوريا بين دولة لا تريد الإصلاح وشعب يريد أن يصلح أو أن يتحرر أو ما شابه. 

عندما قمنا بالإصلاح كان هذا الشيء مربكاً بالنسبة لهم فانتقلوا إلى موضوع الجامعة العربية أو المبادرة العربية، والحقيقة لو أردنا أن نتبع هذه الدول التي تعطينا نصائح فعلينا أن نعود باتجاه الخلف على الأقل قرنا ونصف القرن. عندما كنا جزءا من الامبراطورية العثمانية تشكل أول برلمان ونحن كنا جزءاً من هذه الامبراطورية. المفترض أننا معنيون فيه بشكل أو بآخر.. أول برلمان افتتح في عام 1877 وإذا وضعنا هذا الأمر جــانبا فأول برلمان في سوريا كان في عام 1919 يعـــني أقل من قرن بقليل، فتخـــيلوا هذه الدول التي تريد أن تنصحنا بالديموقراطية. أين كانت في ذلك الوقت. 

في المحصلة كان رد الفعل العربي أو الشعبي في سوريا تجاه موضوع الجامعة العربية الغضب. الحقيقة أنا لم أغضب. لماذا أغضب من شخص لا يمتلك قراره. إذا قام شخص بالهجوم علينا بسكين ونحن ندافع فنحن لا نصارع السكين. نحن نصارع الشخص. السكين مجرد أداة. فصراعنا ليس مع هؤلاء، صراعنا مع من يقف خلفهم. كان رد الفعل الشعبي غضبا واستياء واستغرابا. لماذا لم يقف العرب مع سوريا بدلا من أن يقفوا ضدها. أنا أسأل متى وقفوا مع سوريا. لنتحدث فقط عن السنوات القليلة الماضية. لنبدأ في حرب العراق بعد الغزو عندما بدأ التهديد تجاه سوريا بالقصف والاجتياح. من وقف مع سوريا. في العام 2005 عندما استغلوا اغتيال (رئيس الحكومة اللبنانية رفيق) الحريري من وقف مع سوريا. في عام 2006 ومواقفنا من العدوان الإسرائيلي على لبنان. في 2008 في موضوع الملف في هيئة الطاقة الذرية في الملف النووي المزعوم من وقف معنا. الدول العربية تصوت ضدنا. في موضوع حقوق الإنسان مؤخرا الدول العربية تصوت ضد سوريا، وفي المقابل دول غير عربية تقف مع سوريا. فلذلك علينا ألا نستغرب، يعني ألا نفاجأ بوضع الجامعة. 

إن الجامعة العربية هي مجرد انعكاس للوضع العربي، وهي مرآة لحالتنا العربية المزرية، فإذا كانت قد فشلت خلال أكثر من ستة عقود في إنجاز موقف يصب في المصلحة العربية فلماذا نفاجأ بها اليوم، والسياق العام هو ذاته لم يتغير ولم يتبدل سوى أنه يسير بالوضع العربي من سيئ إلى أسوأ، وما كان يحدث بالسر أصبح يحصل بالعلن تحت شعار مصلحة الأمة. 

نحن اليوم لسنا في صدد الهجوم على الجامعة، لأننا جزء منها وإن كنا في زمن الانحطاط العربي، ولا أتحدث لأن الجامعة أو لأن الدول العربية اتخذت قراراً بإخراج سوريا أو بتجميد عضويتها، فهذا الموضوع لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد، وإنما أتحدث لأنني لاحظت مدى الإحباط الشعبي الذي يجب أن نضعه في إطاره الطبيعي، فالجامعة حكم عليها منذ زمن طويل. إذاً الخروج من الجامعة العربية أو تعليق العضوية وكل هذا الكلام ليس القضية، والسؤال من يخسر، هل تخسر سوريا أم تخسر الجامعة العربية. بالنسبة لنا خاسرون مع الدول العربية ما دام الوضع العربي سيئا، وهذه حالة مزمنة ولا شيء جديدا ولا يوجد ربح. ونحن نعمل منذ سنوات لتخفيف الخسائر، لأن الأرباح غير ممكنة، لكن خروج سوريا من الجامعة العربية يطرح سؤالاً، هل يمكن للجسد أن يعيش من دون قلب، ومن قال إن سوريا هي قلب العروبة النابض ليس سوريا، بل (الرئيس المصري الراحل) جمال عبد الناصر، هو من قال هذا الكلام وما زال مستمراً. 

إن القضية بالنسبة لنا ليست شعارا، وإذا كانت بعض الدول تسعى لتعليق عروبتنا في الجامعة فنحن نقول إنهم يعلقون عروبة الجامعة، ولا يستطيعون تعليق عروبة سوريا، فالجامعة من دون سوريا تصبح عروبتها معلقة. 

نحن نسعى منذ سنوات لتفعيل مكتب مقاطعة إسرائيل ودائما تأتينا الأعذار بأن هذا الشيء لم يعد مقبولا في هذا الوقت، لكن خلال أسابيع يفعلون مقاطعة سوريا، أي أن هدفهم استبدال سوريا بإسرائيل، وهذا مجرد نموذج. كنا ندرك كل ذلك، لكننا من منطلق العروبة الصادقة واستعادة الفكرة الأساسية للجامعة العربية، التي تساندنا فيها بعض الدول الشقيقة الحريصة على أن تعود الجامعة العربية جامعة وعربية، لم نغلق الباب على الحلول والاقتراحات، ولن نغلق أي باب على أي مسعى عربي ما دام يحترم سيادة بلادنا واستقلالية قرارنا ويحرص على وحدة شعبنا. 

نحن اليوم نتعامل مع جانبين في الإصلاح الداخلي، الأول هو الإصلاح السياسي والآخر هو مكافحة الإرهاب الذي انتشر بشكل كبير مؤخرا في مناطق مختلفة من سوريا. 

ما هي العلاقة بين العملية الإصلاحية والمخطط الخارجي، وإذا قمنا اليوم بالإصلاح فهل ستتوقف المخططات الخارجية تجاه سوريا. نحن نعرف الكثير من الحوارات التي تدور في الخارج وخاصة في الغرب حول الوضع في سوريا. لا أحد من هؤلاء يهتم لا بعدد الضحايا ولا بالإصلاحات ولا ما سيأتي ولا ما تم إنجازه، الكل يتحدث عن سياسة سوريا وهل تغير سلوكها من بداية الأزمة حتى هذا اليوم. 

من جانب آخر هناك من أتى كي يساوم، أي لو قمتم بواحد واثنين وثلاثة وأربعة، فالأزمة على الأقل في جزئها الخارجي وأذياله الداخلية ستتوقف فوراً. إذاً، لا علاقة بين الإصلاح والجزء الخارجي، لان هذا الجزء من المخطط هو ضد الإصلاح الذي سيجعل سوريا أقوى، وإذا كانت سوريا أقوى فهذا يعني تكريس النهج السوري، وكلنا نعلم أن النهج السوري غير مرغوب خارجيا بل مكروه من كثير من الدول التي تريد منا أن نكون عبارة عن إمعات. 

النقطة الثانية تتجسد في طبيعة العلاقة بين الإصلاح والإرهاب، فإذا قمنا بالإصلاح فهل سيتوقف الإرهابي، وهل هذا الإرهابي الذي يقتل ويخرب يسعى لقانون أحزاب أو لانتخابات أو لإدارة محلية أو ما شابه. الإصلاح لا يعني الإرهابي ولا يهمه، والإصلاح لن يمنع الإرهابي من القيام بإرهابه، فإذاً، ما هو المكون الذي يعنينا. إن الجزء الأكبر من الشعب السوري هو الذي يريد الإصلاح وهو الذي لم يخرج ولم يخالف القانون ولم يخرب ولم يقتل.. والإصلاح بالنسبة لنا هو السياق الطبيعي لذلك. 

طرحت في خطابي في هذه القاعة في حزيران الماضي خطة العمل وتحدثت بشكل أساسي حول المحور التشريعي بما يتعلق بالقوانين والدستور في ذلك الوقت ووضعت جدولاً زمنياً. وبالنسبة للقوانين صدرت بأكملها تقريبا ضمن الجدول الزمني الذي حدد في ذلك الوقت. إن أول قانون أصدرناه هو رفع حالة الطوارئ، وفي مثل هذه الظروف التي تمر فيها سوريا هل يمكن لأي دولة إلا أن تفرض حالة الطوارئ ومع ذلك لم نقم بهذا الشيء وأصررنا على رفع حالة الطوارئ. 

البعض يعتقد أنه لم يتم إلقاء القبض على أي شخص ممن ارتكبوا أعمال قتل، وأنا أقصد العاملين في الدولة، وهذا الكلام غير صحيح حيث تم إلقاء القبض على عدد محدود في جرائم قتل وغيرها لكن أقول انه محدود لأن الأدلة المتوفرة بحد ذاتها كانت محدودة ومرتبطة بهؤلاء الأشخاص، لكن أؤكد أنه لا يوجد غطاء لأحد. وأؤكد مرة أخرى أنه لا يوجد أي أمر في أي مستوى من مستويات الدولة بإطلاق النار على أي مواطن ولا يحق إطلاق النار بحسب القانون إلا دفاعا عن النفس ودفاعاً عن المواطن وعند الاشتباك مع شخص مسلح يحمل السلاح. 

وفي ما يخص الأحزاب فقد صدر قانون الأحزاب وتقدمت أحزاب وأعطي الترخيص لأول حزب منذ أسابيع قليلة، وهناك حزب ثانٍ على الطريق بعد أن توفرت فيه كل الشروط وهناك عدة أحزاب أخرى. أما بالنسبة للإدارة المحلية فقد صدر القانون وحصلت الانتخابات في ظروف صعبة جدا. بالنسبة لقانون الإعلام فقد انتهت الحكومة الأسبوع الماضي من إعداد تعليماته التنفيذية وأصبح جاهزا للتنفيذ، وهناك طلبات جاهزة لمحطات تلفزيونية وصحافة وغيرها. أما قانون الانتخابات فقد صدر، والهدف منه تأطير كل هذه الأفكار التي نسمعها على الساحة السياسية، ومن لديه فكرة فليذهب إلى صندوق الانتخاب وهو الفيصل في كل شيء في البلد. 

أما المحور الآخر في الإصلاح، فهو الدستور وقد صدر المرسوم الذي شكلت بموجبه لجنة تقوم بإعداد الدستور وأعطيت مهلة زمنية أربعة أشهر، وأعتقد أنها أصبحت في المراحل الأخيرة، وهذا الدستور سيركز على نقطة أساسية جوهرية هي التعددية الحزبية والسياسية. وقد كانوا يتحدثون عن المادة الثامنة فقط، وقلنا انه يجب أن نعدل كل الدستور لأن هناك ترابطاً بين المواد، والدستور سيركز على أن الشعب هو مصدر السلطات، وخاصة من خلال الانتخابات وتكريس دور المؤسسات وحريات المواطن وغيرها من الأمور والمبادئ الأساسية. 

بعد أن تنتهي اللجنة في المدة المحددة من إنجاز الدستور فمن الممكن أن يكون الاستفتاء عليه في بداية شهر آذار، ومن الممكن أن تكون الانتخابات التشريعية في أوائل أيار، أما إذا كانت المهلة الدستورية ثلاثة أشهر فيمكن أن تكون في أوائل حزيران وكل هذا يعتمد على الدستور الجديد. 

الآن لدينا خريطة سياسية جديدة مع الأزمة، ومع الدستور الجديد ومع قانون الأحزاب ظهرت قوى سياسية جديدة، فلا بد من أن نضعها بالاعتبار. فهناك من يطرح مشاركة هذه القوى السياسية في الحكومة بكل أطيافها والبعض يركز على المعارضة، وأنا أقول إن كل الأطراف السياسية من الوسط إلى المعارضة إلى الموالاة، الكل يساهم، فالحكومة هي حكومة الوطن وليست حكومة حزب أو دولة، وكلما وسعنا المشاركة كان هذا أفضل من كل النواحي وللشعور الوطني بشكل عام، فتوســـيع الحكومة فكرة جيدة، ولا أعرف ما هي التسمية التي نطلقها، فالبعض سماها وفاقـــا وطنـــيا والبعض توسيع مشاركة، والمهم أننا نرحب بمشاركة كل القوى السياسية وفي الواقع قمنا ببدء الحوار مؤخراً. 

إذا تحدثنا عن مشاركة كل الأطياف بما فيها المعارضة فمن هي المعارضة. كل شخص الآن يستطيع أن يسمي نفسه معارضة والتقيت أنا عددا من هؤلاء وكنت أسألهم سؤالاً من تمثل. المعارضة تعني قاعدة شعبية ولا تعني أنني معارض كشخص، والآن لدينا شخصيات معارضة وتيارات معارضة، لكن المعارضة عادة هي حالة مؤسساتية وتظهر من خلال الانتخابات. الآن لا توجد لدينا انتخابات. كيف نعرفها ومن يشارك وما هو حجم المشــاركة. لا توجد لدينا الآن معايير قبل الانتخــابات المقــبلة. كنا نستطيع أن نقول هذه الحـــكومة بهذا الشكل يمكن أن تتم بعد الانتخـــابات، لكن نحن نريد أن نستبق الأمور ونسرع الزمــن ونبدأ الآن المشاركة قبل تلك الانتخـــابات. إذاً سنعتمد على معايير خاصة، وليس على معايير مؤسساتية. 

لا نريد معارضة تجلس في السفارات أو معارضة تأخذ المؤشرات من الخارج حيث يقولون لها الآن لا تحاوروا الدولة يعني أن الموضوع منته. الانهيار بقي له بضعة أسابيع. أجلوا الحوار الآن. نحن لا نريد معارضة تجلس معنا وتبتزنا تحت عنوان الأزمة لتحقق مطالب شخصية، ولا نريد معارضة تحاورنا بالسر كي لا تغضب أحدا ويقولون لنا نحاوركم لكن بالسر. 

إذا أخذنا المعايير الوطنية والأشخاص أو الشخصيات الوطنية، فإنها موجودة ونستطيع أن نبدأ مباشرة الآن بالعــمل من أجل هذه الحكومة بعد أن فهمـــنا الموضوع، وليسموها ما شاؤوا: حكـــومة وحــــدة وطنـــية، انقساما. لم يعد هذا الأمر مهما على الإطلاق. إذاً، سنبدأ بهذا الموضوع خلال فتـــرة قصيرة جدا لكن يبقى سؤال مهم، هل الحكـــومة سياســية أم تقنــية. 

أستطيع أن أقول إننا نحن كدولة أو كحزب أو كسلطة مستعدون للبدء غدا بالحوار ولا توجد لدينا مشكلة لكن جزءا من القوى في المعارضة غير مستعد، فالبعض يريد أن يحاورنا بالسر من أجل مكاسب والبعض يريد أن ينتظر ليرى كيف تذهب الأمور كي يحدد ومع ذلك لن ننتظر هذه القوى كي نقوم بحوار بطريقة مهرجانية كي يقال إننا نجري حوارا. نحن الآن نحاور القوى الأخرى المستعدة للحوار بشكل علني. وما أردت توضيحه أن التأخير في موضوع الحوار لا يرتبط بسوريا وحتى المبادرة العربية التي بدأوا بها تحت فكرة الحوار مع كل القوى بما فيها القوى المعادية التي ارتكبت جرائم إرهاب في السبعينيات والثمانينيات، وقد قلنا إنه لا توجد لدينا مشكلة في الحوار حتى مع هذه القوى إذا أرادت أن تأتي إلى سوريا ونحن نقدم كل الضمانات ولا يوجد لدينا أي قيود. عندما نرى أن الجميع مستعد للحوار وتكون لديه وجهة نظر حول هذا الحوار نحن على استعداد للبدء به مباشرة. 

إن ما يجري في سوريا هو جزء مما هو مخطط له في المنطقة منذ عشرات السنين، فحلم التقسيم لا يزال يراود أحفاد سايكس - بيكو، لكن حلمهم ينقلب كابوساً اليوم، فإذا كان البعض يعتقد أن زمن الصراع على سوريا قد عاد فهو واهم، فالصراع اليوم مع سوريا وليس عليها، وهزيمة سوريا التي لن نسمح لهم بتحقيقها تعني هزيمة الصمود والمقاومة، كما تعني سقوط المنطقة كليا بيد القوى الكبرى، والهزيمة ليست بالضرورة عسكرية لكن يمكن أن تتحقق من خلال نجاحهم في جعلنا ننكفئ على أنفسنا ونهمل أو ننسى قضايانا الكبرى وعلى رأسها القضية الفلسطينية. 

إن الدول تعيد ترتيب أولوياتها في حالة الحرب أو المواجهة. والأولوية القصوى الآن، والتي لا تدانيها أي أولوية، هي استعادة الأمن الذي نعمنا به لعقود، وكان ميزة لنا ليس في منطقتنا فحسب بل على مســـتوى العالم، وهذا لا يتحقق إلا بضرب الإرهابيـــين القتلة بيد من حديد، فلا مهادنة مع الإرهـــاب ولا تهاون مع من يستخدم السلاح الآثم لإثارة البلــبلة والانقسام، ولا تســاهل مع من يروع الآمنــين ولا تسوية مع من يتواطـــأ مــع الأجنبي ضـد وطنــه وشعبه. 

عندما نضع الخلافات علينا بالتوازي أن نفرق بين أخطاء الأشخاص والمؤسسات وقلت هذا الكلام سابقا. فالمؤسسات لا تخطئ وإنما هي تتبنى سياسات خاطئة وهذا موضوع آخر ولكن الأخطاء هي أخطاء أفراد وعلينا أن نفرق بين أخطاء الأفراد وسياسات المؤسسات. ونحن نتبع سياستين، الأولى هي الاستمرار في الإصلاح، والثانية هي مكافحة الإرهاب، فهل يستطيع أن يقول أي شخص ان هذه السياسة خاطئة أو إنه ضد الإصلاح ومع الإرهاب. هذا كلام مستحيل طبعا، لكن في الإعلام الذي نراه الآن لا يوجد شيء مستحيل وأنا أتحدث هنا على الساحة السورية. 

عندما نضع هذه الأمور جانبا ماذا يعني هذا الكلام. يعني اننا نقف صفاً واحداً مع مؤسسات الدولة، نساعدها ونساعد الجيش والأمن ونحتضنهما معنويا، ولو عدنا للسبعينيات والثمانينيات عندما قام إخوان الشياطين الذين تغطوا بالإسلام بأعمالهم الإرهابية في سوريا في البداية كان هناك الكثير من السوريين غرر بهم وكانوا يعتقدون أنهم فعلا يدافعون عن الإسلام فلم يأخذوا أي موقف حتى ظهرت الأمور، بدأ الحسم وكان الحسم سريعا عندما وقف الشعب مع الدولة في ذلك الوقت، وطبعا استغرقت هذه الأمور والاغتيال والقتل ست سنوات. ونحن لا نريد أن ننتظر كل ذلك الوقت فالأمور واضحة بالنسبة لنا جميعا. إذا وقفنا الآن واحتضنا الأمن والأجهزة المختلفة المختصة فأنا أعتقد أن النتائج ستكون حاسمة وسريعة، لأن الإرهاب يضرب وكلما ضرب الإرهاب كان ثمن الإصلاح أكبر وكان الإصلاح أصعب. 

إن المعركة مع الإرهاب لن تكون معركة الدولة أو مؤسساتها فقط، بل هي معركتنا جميعا، وهي معركة وطنية من واجب الجميع الانخراط بها، فالفتنة أشد من القتل، وهي تفتت المجتمع وفي النهاية تقتله، وهذا ما لن نسمح به لتبقى سوريا محصنة عصية. وبمقدار ما علينا أن نضرب الإرهابيين بمقدار ما علينا أن نستعيد من وقع في الخطأ إلى جادة الصواب. 

إن هذه ليست ثورة، فهل من الممـــكن أن يعمل الثائر لمصلحة العدو بما يعني ثائـــراً وخائناً. هذا غير ممكن، وهل من الممــكن أن يكون من دون شرف ولا أخلاق ولا دين. لو كان لدينا فعلا ثوار حقيقيون بالصــورة التي نعرفـــها لكنت أنا وأنتم وكل الشعـب الآن نسير معهم. وهذه حقيقة. 

إن التعامل مع الإرهاب لا بد من أن يكون بأشد الطرق القانونية ونحن نحرص على القانون لأننا نحرص بنفس الوقت على دماء الأبرياء، ولا نريد أن يكون ثمن مكافحة الإرهاب دماء الأبرياء. لكن المشكلة أنهم بدأوا ضرب الأبرياء والآن يقتل الشعب السوري ولا علاقة لمن قتل بانتمائه السياسي فقد يكون معارضاً للدولة لكنهم يقتلون الشعب السوري ويعاقبونه لأنه رفض أن يتخلى عن أخلاقه وأن يتحول إلى مرتزقة وأن يبيع الضمير فكان لا بد من معاقبته في كل مكان. 


Script executed in 0.22193002700806