اللقلوق | يُعد خالد بو يونس (38 عاماً) العدّة للذهاب في رحلة الصيد في المناطق الجرديّة. يدرك القائد أنّ «الغلط ممنوع»، وأنّ الصيد على الثلج ليس سهلاً وهو يتطلّب أن يكون على أهبة الاستعداد: أجهزة الاتّصال، القفّازات، اللباس الخاصّ، الإسعافات الأوليّة، المصابيح، مواد لاصقة تعطي حماوة للرجلين واليدين فتقيها البرد وغيرها من التجهيزات. في ساعات الفجر الأولى، ينطلق الشاب مع مجموعته محصّنين بعشقهم للصيد والمغامرة. يقول بو يونس إنّه يمارس هواية الصيد منذ كان في العاشرة من عمره، واستطاع تطويرها بالخبرة وبفضل التقنيّات والأساليب الجديدة التي يكتشفها من متابعته للقنوات التلفزيونيّة المتخصصّة ولكلّ جديد ينشر عبر شبكة الانترنت.
«التحدّي» هو العنوان الأبرز الذي يحرّك أفراد المجموعة التي تجذب الكثير من الوزراء والقضاة والمهتمّين، فيأتون مستفسرين عن الطريقة التي تعتمدها في الصيد.
الشاب طوني زيادة، المغترب في الكويت منذ 5 سنوات هو الآخر «ما بصدّق يجي علبنان» لينضمّ إلى أصدقائه في المجموعة وهو مدمن على الصيد. يحرصون على صيد أنواع الطيور التي يُسمح باصطيادها وهي الطيور العابرة من تركيا إلى مصر أو تلك التي تعود إلى العراق ومنها السمّن، الكيخن، السلانج، الدلم والمطوق وغيرها.
اللافت ما يقوله زيادة بشأن التعرّف إلى الطيور من خلال صوتها وطريقة تحليقها. ماذا عن الأرانب التي يتتبعون أثرها على الثلج؟ يشرح بو يونس أنّهم يصطادون الأرانب قرب أشجار التفاح والتي تأكل نصب الأشجار الجديدة بعد أن يتعقّبوا أثر دعساتها على الثلج ويلحقوا بها بعد طلوع الضوء. يمارس أفراد المجموعة هوايتهم في درجة حرارة تبلغ ما يقارب الرابعة تحت الصفر.
نسأل: «بتحرز هلقد؟» فيجيب جاد الغصين، أحد الصيّادين قائلاً: «الرحلة أكثر من رائعة لا سيما بالنسبة إلى تسلّق الجبال مثلاً وغيرها من المغامرات». ويتحدث الشاب جورج خوري عن أنواع السلاح المستخدم والخرطوش المخصّص للصيد على الثلج. وعن الصيد يقول خوري: «هيّي شغلة بتخلق بالدم»، مشيراً إلى أنّ «معظمنا من بلدات جبليّة والمشوار سهل بالنسبة إلينا».
أمّا الشاب جورج خشّان فيقود «Ski doux» التي تقل المجموعة، ويشير إلى أنّهم لا يواجهون صعاباً ما عدا الصقيع الحادّ وبعض المطبّات التي يجتازونها على الثلج. يمارس الشاب الهواية منذ 15 سنة ويقول «باختصار أحبها، I like it». هل يتعرّضون لمضايقات أو ملاحقات؟ يجيب خشّان «لا نؤذي أحداً ولا نصطاد بالقرب من المواطنين والمنازل والأماكن المأهولة، ما يحرّكنا هو حبّنا للطبيعة وليس أيّ أمر آخر». يضيف: «المشوار بحدّ ذاته مسلّ وفرصة للتمتّع بالطبيعة برفقة بعضنا البعض». ويشرح الغصين أنّ المجموعة تتنقّل بين عدد كبير من المناطق كالعاقورة واللقلوق وجرود الهرمل والقاع وراشيا وعنجر. ويؤكد أنّ أفراد المجموعة يتنبهون لأي حادث قد يواجهونه قبل حدوثه، لافتاً إلى أنّ المغامرة بحدّ ذاتها هي بمثابة «فشّة خلق» لمعظم المشاركين فيها. أمّا ما يجمع الصيادين، بحسب جورج جريج، فهو حبّ المغامرة وممارسة هواية الصيد بين الجبال.
في المقلب الآخر، وهذه المرّة في الحقول وليس على الثلج، يهوى جوزف تحومي الصيد ويمارسه في المناطق بين ارتفاع 700 متر و1400 متر. تحومي الذي التقيناه في منطقة جبل مار زخيا في بلدة مشمش، ترافقه سبعة كلاب صباح كلّ يوم وهو في رحلة البحث عن الطيور. يشرح تحومي كيف يمتنع عن اصطياد طيور البلبل والحسون والدوري وغيرها. « لا نفرقع بالخرطوش عشوائيّاً مثل كثيرين»، يقول تحومي الذي لا يستعمل الشبك والماكينات والضوء لجذب الطيور. يطالب في هذا الاطار الدولة اللبنانيّة بإقرار قانون للصيد ينظّم هذا القطاع، إلى جانب عقد دورات تدريبيّة ومحاضرات للصيّادين تعرّفهم إلى الفترات التي يسمح فيها الصيد إلى جانب أنواع الطيور التي يسمح باصطيادها.