أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أهالي البقاع والمناطق الجبلية ينشدون الدفء في ظل «مهزلة المحروقات»

الإثنين 16 كانون الثاني , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,656 زائر

أهالي البقاع والمناطق الجبلية ينشدون الدفء في ظل «مهزلة المحروقات»

حتى الأمس، لم تكن قوافل وشاحنات المازوت الرسمي قد اهتدت إلى محطات الوقود في البقاع (سامر الحسيني)، على الرغم من كل الصرخات والاحتجاجات التي تشهد تصاعداً بالتوازي مع الانخفاض المستمر في درجات الحرارة، وارتفاع حدة الصقيع في وادي البقاع وسهله، المعروفين بالمنطقة الأكثر برودة في لبنان، الأمر الذي زاد من معاناة المنطقة، في ظل تحرك سياسي أطلقته كتلة نواب زحلة، لوقف ما أسمته بـ «المهزلة في سوق المحروقات في البقاع»، مع الحديث عن عمليات بيع لقسائم يقوم بها نواب سابقون، وأحد مسؤولي التيارات الحزبية، ممن ينتمون إلى تيارات سياسية ممثلة بالحكومة الحالية، يقومون ببيع قسائم وتوزيعها على بعض أصحاب المحطات من الانتماء السياسي نفسه. تلك الأزمة الحياتية، استدعت مؤتمراً صحافياً لكتلة نواب زحلة، التي اعتبرت بعد اجتماعها برئاسة النائب الدكتور طوني ابو خاطر أن «رفع الدعم أو المساعدة التي أقرها مجلس الوزراء صوّرية وحبر على ورق، خصوصاً أن معلومات مؤكدة عن قسائم استثنائية واستنسابية توزع من جهات سياسية سابقة في المدينة خارج أطار محافظة البقاع وهي مخصصة لها أصلاً». وطالب أبو خاطر وزارة الطاقة بـ «تأمين المادة بكميّات وفيرة، لما لها من أهمية قصوى في حياة المواطن وذلك قبل استفحال الأزمة وإحداث حالة من الثورة عند المواطنين على مسؤولين لا يأبهون ولا يهتمون بحياة المواطن». 

ويؤكد عدد من أصحاب محطات الوقود أنهم لم يستلموا منذ شهر أي كمية من المازوت الأحمر الرسمي النظيف والسليم من الإضافات وبسعره الرسمي، إنما يؤمنون حاجياتهم من السوق السوادء التي باتت رائجة، وأبطالها «القسائم ونافذون وممثلو تيارات سياسية وحزبية، وأصحاب شركات نفط يقومون ببيع القسائم للمحطات بسعر يزيد بنحو ألفي ليرة لبنانية عن السعر الرسمي لكل صفيحة مازوت». 

عمليات بيع المازوت في البقاع، تتم بالتقنين، فلا يمكن لأحد أن يغنم بتعبئة خزانه بالكامل، إنما الحد الاقصى للمبيع يتراوح ما بين ثلاثة براميل وخمسة براميل لزبون المحطة، في حين يصطف معظم البقاعيين في الطوابير أمام محطات الوقود لتأمين بضعة ليترات في غالون، علهم يكسرون الصقيع والبرد بها. وهي تتبخر في مدافئهم بسرعة، بسبب الغش والتزوير من خلال إضافة الزيت المحروق وزيت القلي والكاز إلى براميل المازوت الأخضر، ومن ثم بيعه كمازوت أحمر، حيث تغير تلك الاضافات لونه، وتضاعف كميته. وعلى الرغم من أن تلك الظاهرة باتت معلومة عند معظم البقاعيين، إلا أن أحداً في أجهزة حماية المستهلك، أو وزارة الطاقة والمياه، لم يتحرك لتحرير محاضر ضبط وتوقيف المخالفين. 

وفي الشمال (عمر إبراهيم)، أطلق موزعو مادة المازوت صرخة تحذيرية من تداعيات احتكار البعض لتلك المادة، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وموجة الصقيع التي تضرب لبنان، كاشفين خلال اعتصام نفذوه أمام مدخل مصفاة طرابلس في مدينة البداوي، عما أسموه تلاعباً بمصالح المواطنين بهدف تحقيق مكاسب غير مشروعة، وسط غياب سلطة الرقابة والمحاسبة. الاعتصام الأول الذي نفذه عدد من موزعي مادة المازوت في الشمال، جاء بعد تفاقم الأزمة نتيجة انقطاع المادة في العديد من القرى والبلدات الجردية، الأمر الذي كان يحمل المواطنين إلى البحث عن هذه المادة في السوق السوداء، خصوصاً في الأيام الماضية التي شهدت تدنياً في درجات الحرارة وازدياد الطلب على مواد للتدفئة. 

وأوضحت معلومات لـ «السفير»، عن تدخلات مع بعض الموزعين في الشمال حصلت في الساعات القليلة التي سبقت الاعتصام أمس، بهدف إفراغه من مضمونه، خصوصاً ان هناك من بينهم من يحصل على الكمية كافة التي يحتاجها في حين يحرم آخرون منها، وهو الأمر الذي لم يلمح إليه المعتصمون خلال تواجدهم أمام المصفاة منعاً من التحليلات التي قد تتخذ طابعاً مغايراً لمنحى الاعتصام يتجاوز المسألة المطلبية إلى ما هو سياسي ومناطقي. وكان عدد من موزعي مادة المازوت نفذوا اعتصاماً استمر زهاء الساعة من الوقت أمام مدخل المصفاة بحضور عناصر الأمن، وذلك احتجاجاً على ما وصفوه بـ «التلاعب بهذه المادة من حيث الكمية المسلمة أو رفع سعرها»، وظهور سوق سوداء للمادة بعدما قررت الحكومة إلغاء الضريبة عليها. 

وقد تجمّع المحتجون امام المدخل الرئيسي الذي شهد تجاذباً مع عدد من موظفي المصفاة الذين اعترضوا على وجود الموزعين أمام المدخل مطالبين بالانتقال للاحتجاج إلى مكان آخر، وقد حاول عدد من المعتصمين التباطؤ في الحركة أمام الصهاريج التي تخرج من المصفاة للإعلان عن غضبهم من «الوضع الحالي غير المرضي» للموزعين والمستهلكين. 

وقال ربيع لبابيدي (أحد موزعي المازوت): «نحن اليوم نحتجّ على نقصان الكميات المسلمة، حيث يحصل الموزع على عشرين الف ليتر مثلاً بدلاً من حاجة مستهلكيه المقدّرة بمئة الف ليتر، وقد ظهرت سوق سوداء على خلفية النقص في المازوت، وبالتالي نحن مضطرون لدفع السعر الذي يطلبه التجار، أو لا نحصل على حاجتنا منه. والغريب أن يكون هناك نقص في المازوت فيما المصفاة هنا في الشمال، لكن ما نراه كموزعين هو نقل المادة الى بيروت ومناطق أخرى على حسابنا وحساب الكمية المقدرة لاستهلاك طرابلس والمنية وعكار من هذه المادة وهي كمية معروفة لدى المسؤولين». صرخة الموزعين المعتصمين ارتفعت تهديداً باتخاذ إجراءات تصعيدية، إذا لم يتمّ حل موضوع النقص في المازوت وتسليمه للموزعين بالسعر الرسمي. وقد أعلن عدد منهم عن أن يوم الأربعاء المقبل (بعد الغد)، سيكون حاسماً لجهة التحرك»، ملوّحين بقطع الطريق ومنع الصهاريج من الخروج من المصفاة». 


Script executed in 0.17784190177917