أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مشروع نحاس: 47% يعتبرونه عادلاً و40% يخافون على وظائفهم

الثلاثاء 17 كانون الثاني , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,646 زائر

مشروع نحاس: 47% يعتبرونه عادلاً و40% يخافون على وظائفهم

 فبعدما أقر مجلس الوزراء زيادة الاجور وفق مشروع وزير العمل شربل نحاس، رفضه مجلس شورى الدولة، فأعيدت الامور الى نقطة الصفر. ومع بداية السنة، طرح ملف الأجور مجدداً على بساط البحث بعد تعديلات ادخلها نحاس على مشروعه ووافق عليها مجلس شورى الدولة، الا ان التنسيق الحاصل بين ممثلي هيئات اصحاب العمل وقيادة الاتحاد العمالي وتمسكهما بالاتفاق الذي توصلا اليه رافضين مشروع نحاس، عطل مجدداً إمكان تصحيح الاجور بشكل قانوني. 

في المناسبة، اجرت شـركة "آراء للبحوث والاستشارات" المتخصصة بالاستشارات التسويقية ودراسات الرأي بحثاً ميدانياً بشأن موقف المواطنين من قرار مجلس الوزراء الخاص بزيادة الأجور وفق مشروع نحاس. واظهرت الدراسة التي كتبت نصها لشركة "آراء" الزميلة جنى نصر الله ان الخلافات الحاصلة بشأن زيادة الاجور، واللغط المحيط بهذا الملف، وتبدل الأدوار بين وزير يسعى الى تحصيل حقوق العمال واتحاد عمالي يراعي مصالح القطاع الخاص على حساب العمال، الى سياسة التهويل التي اعتمدتها الهيئات الاقتصادية لجهة التخويف من تسريح العمال في حال طبق هذا القرار، كل هذه التجاذبات أرخت بثقلها على المواطنين الذين عاشوا هاجس تسريحهم او تسريح اقارب لهم من وظائفهم (40%) وتخوفوا من حدوث تضخم وارتفاع في الاسعار، مما انعكس عزوف 30 % منهم عن تأييد القرار. 

تجدر الاشارة الى ان إجراء البحث تم عبر مقابلات هاتفية بواسطة الكمبيوتر (ما يعرف بالـ CATI) على عينة مؤلفة من 500 لبناني ممن تجاوزوا سن الـثامنة عشرة وموزعة على مختلف الطوائف والمناطق. وقد قامت "آراء" في إجراء البحث في الفترة الممتدة بين 23 و 29 كانون الأول الماضي أي بعد رد مجلس شورى الدولة قرار مجلس الوزراء. 

خلاصة الدراسة

لم يحظ قرار مجلس الوزراء بتصحيح الأجور وفقًا لخطة وزير العمل شربل نحاس بتأييد اللبنانيين الذين اختلفوا بشأن تقييمه. وغلبت نسبة الذين رأوا القرار سيئاً (34%) او سيئا جدا (18%) على نسبة الذين اعتبروه جيدا (35%) او ممتازا (8%). فجاءت النسبة 52% مقابل 43%، في حين بلغت نسبة الذين لا يريدون الاجابة 5% والذين لا يمكلونها 1%. 

ولما كانت اهداف المشروع تصحيح قرار "موقت" دام 16 عاماً وفق ما اكده وزير العمل مرارا وتكرارا، فمن الطبيعي ان ترتفع نسبة الذين يعتبرونه ممتازاً او جيداً الى 44% عند الموظفين و48% عند الذين لا يعملون. 

وكان لافتاً للانتباه ان نسبة الذين قيموا هذا القرار بشكل ايجابي كانت ترتفع كلما زادت قيمة الدخل عند العينة التي شملها الاستطلاع. اذ ان نسبة الذين وصفوا القرار بالممتاز أو بالجيد ارتفعت من 30% عند الذين يتقاضون اقل من 800 دولار الى 53% عند الذين تتراوح رواتبهم بين 1800 و2800 دولار، ذلك ان قرار زيادة الاجور وفق مشروع نحاس لم يستثن أياً من فئات الدخل خلافًا للمشروع الذي سبق ان تقدم به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأقره مجلس الوزراء قبل ان يسقط بعدما رده مجلس شورى الدولة لعدم قانونيته.

من ناحية أخرى، اظهرت دراسة "آراء" أن نسبة الذين يؤيدون قرار نحاس انما يفعلون ذلك، لانهم يعتبرونه عادلاً بحق العمال (47%)، وضروريًا في ظل غلاء الاسعار (30%)، ومن شأنه ان يساهم في تحسين الوضع المعيشي (12%) وكذلك الوضع الاقتصادي لمواجهة الغلاء (3%). وتجدر الإشارة هنا، إلى أن نسبة لافتة للنظر من مؤيدي القرار ذكروا أسبابًا تتعلق بماهيته. إذ اشار 13% منهم الى ان اضافة النقل الى اساس الراتب سيؤدي الى تصحيح القرارات السابقة، وجلّهم من ذوي الدخل المحدود. واعتبر 3% أنه يفضل القرار لأنه يتضمن الشطور ولا يستثني أياً من فئات الدخل، ووصفه 2% بالقرار الشامل. 

ولدى قراءة الأرقام الخاصة بالفئة التي لم تؤيد القرار، لاحظت "آراء" أن 22% منهم إنما فعلوا ذلك اما لانهم يطمحون الى زيادة الاجور بنسبة أكبر (5% منهم) واما لأنهم يفضلون عليها التقديمات الإجتماعية (17% منهم)، ما يعني ان هذه الفئة لم تعارض القرار لتؤيد التفاهم الحاصل بين الهيئات الإقتصادية وبين الإتحاد العمالي العام، بل لانها تبحث عن تقديمات اجتماعية وزيادات اضافية للاجر. وبناء عليه، تنخفض نسبة الذين لا يؤيدون مشروع نحاس بسبب تبنيهم آراء الهيئات الإقتصادية أو آراء الإتحاد العمالي العام، الى 41%. 

ويكشف استطلاع "آراء" ان النسبة الأكبر ممن إعتبروا القرار سيئًا (58%)، أبدت تخوفها من امكان حدوث تضخم وارتفاع في الاسعار وذلك بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية في البلاد وعدم قدرة الشركات على تحمل هذه الزيادة (19%). وسيطر شبح ارتفاع الاسعار على 59% من الموظفين و66% ممن لا يملكون عملاً وانخفض بهامش بسيط عند الذين يملكون عملاً خاصاً ليبلغ 48% (من ضمن عينة الذين رفضوا القرار). 

من ناحية ثانية، شككت فئة ممن اعتبرت أن القرار سيئًا في امكان تطبيقه عمليا (19% منهم)، في حين فضلت نسبة مرتفعة من الموظفين (20%) الذين لم يؤيدوا القرار، مراقبة الاسعار ومنع التضخم بدلاً من زيادة خالية من اي تقديمات اجتماعية. غير ان هذه النسبة انخفضت الى 8% عند الذين يتقاضون اقل من 800 دولار. وهذا بديهي، لأن رواتب هذه الفئة متدنية جداً وتحتاج الى تعديل بغض النظر عن طبيعة الخدمات الاجتماعية التي هم ايضا بحاجة اليها.

تسريح العمال 

عند طرح السؤال بشكل مباشر حول مدى تخوف المواطنين من تحذيرات الهيئات الاقتصادية بشأن تسريح العمال لعدم قدرتها على الإيفاء بمتطلبات القرار، ذكر 64% من المواطنين أنهم يتهيبون حصول ذلك (متخوف جداً 23% ومتخوف بعض الشيء 39%). ووصلت نسبة غير المتخوفين اطلاقاً من هذا التهويل الى 25%، وغير المتخوفين الى حد ما 6%. أما النسبة الباقية فتوزعت بين الذين لا يعرفون (4%) والذين رفضوا الإجابة (1%). 

واذا قاربنا الموضوع من زاوية الدخل، نلاحظ ان نسبة المتخوفين ارتفعت الى 72% عند الذين لا يتجاوز دخلهم 800 دولار، وتنخفض هذه النسبة 8% عند الذين تتراوح رواتبهم بين 800 و1800 دولار لتسجل 64%. وتكشف الارقام انه كلما ارتفعت قيمة الدخل تقلصت المخاوف، اذ بلغت 46% عند الذين يتراوح دخلهم بين 1800 و2800 دولار، و40% لمن يتراوح دخلهم بين 2800 و5000 دولار. وهذا بديهي، اذ ان اصحاب الدخل المتدني يشعرون بأن ارباب العمل سيتخلون عنهم بسهولة اذا ما اضطروا الى رفع رواتبهم. وجاءت نسبة الذين يتخوفون من خسارة وظائفهم الخاصة مرتفعة ايضاً وان بدت أدنى من التخوف العام الذي سجل على هذا المستوى. اذ ابدى 40% من العينة قلقهم على وظائفهم أو وظائف أقربائهم، وهي نسبة لا يستهان بها قد تؤثر على رغبة المواطنين واستعدادهم للتحرك من اجل المطالبة بتصحيح قرارات غير قانونية تم تمريرها على أساس أنها استثنائية، علماً انها اتاحت لارباب العمل التهرب من دفع رسوم الضمان على ما يقارب 40% من دخل العاملين بالحد الأدنى للأجور. ولعل هذا ما يفسر عزوف نسبة لا بأس بها من اللبنانيين من دعم مشروع استثنائي سعى اليه الوزير نحاس الذي قلب المعادلة وطالب باسترجاع حقوق العاملين خلافًا لمصالح الطبقة السياسية. 

لمن يعود الفضل في انجاز هذا القرار برأي مؤيديه؟ 

تشير ارقام آراء الى ان 11% فقط ممن أيدوا القرار اعتبروه انتصارًا لجميع الاطراف، وارتفعت حصة الهيئات النقابية الى 34%، في حين حصد نحاس 19% والحكومة 14%. اما النسب الباقية فتوزعت بين الذين لا يعرفون (12%) وبين الذين رفضوا الاجابة (4%). والسؤال، كيف ستتوزع النسب في حال سقط القرار مجدداً تحت ضغط الاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية مجتمعين؟ 

العمال والموظفون هم الخاسر، فما كانوا يأملون الحصول عليه خسروه بفعل ارتفاع الأسعار وتراجع قدرتهم الشرائية قبل أن تقر الزيادة. أما الانتصار فيسجل مجدداً لطبقة حاكمة تجاهلت الى حين اصطفافاتها السياسية لتتفق على محاربة وزير إصلاحي فاجأ الجميع بمشروع يتفوق بطروحاته المحقة والقانونية على طموحات النقابات العمالية.


Script executed in 0.20426082611084