أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مناطق السكن العشوائي هي الأكثر خطورة على حياة الناس

الثلاثاء 17 كانون الثاني , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 6,629 زائر

مناطق السكن العشوائي هي الأكثر خطورة على حياة الناس

وتبين أنه لا توجد أي جهة في الدولة، ولا في البلديات، ولا نقابة المهندسين، تملك معلومات حول الأبنية القديمة، أو تلك التي تشكل خطراً على السلامة العامة، ناهيك عن أبنية مناطق السكن العشوائي، والمخيمات الفلسطينية، لأن أحداً لم يبادر إلى أداء تلك المهمة حتى اليوم.

وقد أظهرت تصريحات عدد من المسؤوليين أنهم على معرفة بأن جميع مباني ما قبل السبعينيات، خطرة.

كما تبين أن إدارة عمليات الإنقاذ في سقوط مبنى واحد كانت أكثر من عشوائية، مع العلم أن الكلام لا ينقطع عن ضرورة إيجاد هيئة إدارة الكوارث، التي تتشكل في السرايا الحكومية منذ ما بعد حرب تموز... ولا يزال تشكيلها مستمراً.

وقررت الحكومة الآن، إصدار المرسوم الخاص بالسلامة العامة للمنشآت والأبنية، على الرغم من صدور قانون البناء المعدل عام 2004، أي منذ سبع سنوات. وقال وزير الأشغال العامة غازي العريضي إن «المرسوم يضع المواصفات الدقيقة في كل قطاعات البناء، والشروط المشددة لضمان سلامة الناس والمنشآت، وذلك من خلال اللجنة التي شكلت بقرار من مجلس الوزراء برئاسة نائب رئيس الحكومة سمير مقبل وهو في طريقه إلى التوقيع»، مشيراً إلى أنه «على تواصل دائم مع نقيب المهندسين إيلي بصيبص لإصدار قرار الهيئة».

من جهته، تعهّد رئيس لجنة الأشغال العامة محمد قباني، بعد اجتماع طارئ عقد أمس للجنة، بتقديم اقتراح قانون معجل بإنشاء هيئة إدارة الكوارث، «قد لا يكون كاملاً، ولكنه يشكل بداية نلزم بها أنفسنا، ونلزم الحكومة بالعمل الجاد من أجل الحل الجذري المطلوب لموضوع السلامة العامة». وقال إنه «يوجد آلاف وربما أكثر من آلاف الأبنية القديمة التي أنشئت قبل عام 1971 لم يكن فيها تشدد بالنسبة للناحية الإنشائية أي ناحية السلامة العامة. وتقسم هذه الأبنية إلى قسمين وهي: الأبنية التي تعتبر من مسؤولية الحكومة والبلديات تحديدا، والتي تشكل خطرا مباشرا، وهي الأبنية ذات الكثافة البشرية كالمدارس والمستشفيات، ودور العبادة، والإدارات العامة والمرافق. والقسم الثاني يطول الأبنية العامة، وقد طلبنا من البلديات الكشف على الأبنية القديمة، بينما يضع القانون مسؤولية السلامة العامة في الأبنية على المالك». ولفت نظر المالكين والقاطنين إلى «أهمية تبليغ البلديات في حال الاعتقاد بوجود خطر على السلامة العامة في أبنيتهم. وفي هذا المجال، لا يسقط البناء فجأة، وإنما يعطي إنذارات مسبقة، ويمكن رؤية تشققات في البناء وأحيانا سماع أصوات الاحتكاك والتفسخ فيه».

أما في حال وجود حاجة للتدعيم أو التأهيل فإن الأمر يحتاج الى أموال، ولا تستطيع البلديات أن تنفق أموالا من دون حدود. لكن ذلك الأمر سيبقى موضوع درس في الأسابيع المقبلة، «كي نصل إلى تصور حول من يتحمل مسؤولية ونفقات الترميم».

وأوضح نقيب المهندسين إيلي بصيبص أن «البلديات هي التي يجب أن تتولى عمليات المسح، وخاصة في بيروت والضواحي، والمدن الكبرى، مثل طرابلس وصيدا وصور. وفي حال كانت توجد بلديات غير قادرة على تشكيل لجان فنية وتمويلها للقيام بعمليات الكشف، فعلى الحكومة تقديم المساعدة لها». وأبدى بصيبص استعداد نقابة المهندسين للمساعدة في الحملة، مذكرا بأن «النقابة تدعو منذ سنوات عدة إلى القيام بها». 

ورأى رئيس رابطة الإنشائيين في نقابة المهندسين راشد سركيس أن «كل المباني التي يفوق تاريخ بنائها الأربعين عاماً، يجب أن تخضع للفحوصات الهندسية، خاصة أن لبنان بلد تعرض للقصف بسبب الحرب الأهلية والحروب مع إسرائيل». 

تضاف إلى الحروب أسباب أخرى شديدة الأهمية، وهي: البناء العشوائي الموجود في جميع المناطق اللبنانية، وسمة «العشوائي» هنا لا تختص فقط بالمباني غير الشرعية، وإنما أيضاً بالمباني التي تحصل على تراخيص بناء مغشوشة، إذا جاز التعبير.

ومن الأمثلة التي يقدمها على ذلك: إعطاء التراخيص ببناء طوابق إضافية من دون إجراء دراسات كافية تظهر مدى قدرتها على التحمل، ثم الإبقاء عليها عبر قانون تسوية مخالفات البناء، مؤكدا أن «ذلك القانون كرس المخالفات، بينما المطلوب إلغاؤها لأنه مع مرور السنين يصبح المبنى مهددا بالسقوط». يضاف إلى ذلك وجود مبان غير مستوفية في الأصل لشروط البناء، مثل النقص في استخدام مواد بناء كافية، وحصول أخطاء هندسية عدة، «وتلك المباني منتشرة على جميع الأراضي اللبنانية، وخاصة في المناطق البعيدة».

وأعلن سركيس أنه شارك من خلال الشركة الاستشارية «الخطيب وعلمي»، في الكشف على عدد من مباني الضاحية الجنوبية بعد حرب تموز، واكتشف «وجود أخطاء هندسية في عدد من المباني المتصدعة وجرى ترميمها، وبالتالي فمن غير المعروف ما هو عدد السنوات التي ستبقى قادرة فيها على الصمود».

وإذا كانت مشكلة بيروت تنحصر تقريباً في المباني القديمة غير الخاضعة للصيانة، فإن مشاكل البناء في الضواحي هي الأشد خطورة، لأن جميع المشاريع الخاصة بمناطق السكن العشوائي، أصبحت طي النسيان.

ويقول رئيس اتحاد بلديات ساحل المتن محمد سعيد الخنسا إنه دعي إلى إجتماع لجنة الأشغال العامة للبحث في وضع المباني القديمة، «لكن الحكومة تعرف أن أكبر عدد من المباني العشوائية، موجودة في المنطقة الخاضعة لمشروع «أليسار»، وتمتد من الأوزاعي حتى بئر حسن والمدينة الرياضية، وتوجد فيها ملفات شاملة، تتضمن إحصاءات لجميع الوحدات السكنية المشمولة بالمشروع. والمباني الأكثر خطورة فيها على حياة السكان هي شاليهات السان سيمون على البحر».

العدد الكبير الثاني من تلك المباني موجود في المخيمات الفلسطينية، وتنطبق عليها شروط البناء السيئة الموجودة في السكن العشوائي، ومع ذلك تستمر عمليات البناء، وتتعرض لضغط سكاني متزايد.

أما ثالث انواع تلك المباني فهي القديمة، لكنها مهددة حالياً بالسقوط، وتحتاج إلى عمليات إخلاء، ويعرف سكانها بخطورتها، ولكنهم يبقون فيها، لعدم توفر البدائل السكنية. وسوف يقدم اتحاد البلديات إحصاء بها.

اما رابع أنواع المباني فهي «القديمة والمستأجر والتي لاتخضع لأي عمليات صيانة أو ترميم، لأن المستأجرين لايهتمون بها، وصاحب المبنى يرفض ترميم مبنى إيجاراته أصبحت متدنية».

ولا توجد إحصاءات بكل تلك الحالات التي تقدر بآلاف الوحدات السكنية.

ولأن الحكومة قصرت عن تشكيل هيئة إدارة الكوارث حتى اليوم، فقد أعلن سركيس أنه بصدد إنشاء الجمعية اللبنانية للتخفيف من أخطار الزلازل، بمشاركة عدد من المهندسين. كما أعلن الخنسا أن اتحاد بلديات ساحل المتن سوف يفتتح الشهر المقبل مركزا لهيئة إدارة الكوارث.

وفي جديدة المتن، يوضح رئيس البلدية أنطوان جبارة أن المباني القديمة تقتصر على حي واحد في منطقة الدورة، ولكنها مبان من طابقين فقط، «وإنما توجد مباني سكن عشوائي في كل من حي الرويسة والزعيترية. وتقوم البلدية منذ عام تقريبا بالكشف على مستودعات الطوابق السفلى في المباني، وتخلي المستودعات التي تتكدس فيها بضائع، وتؤدي إلى تحميل الأساسات أثقالا زائدة، وقد أخلت حتى الآن ستة مستودعات كانت مخزنة بالكرتون والأخشاب».


Script executed in 0.22950100898743