هي نتيجة رفضها الجانب الاثيوبي، وسجّل ملاحظاته عليها، لكنه رفضٌ «لن يؤثر في مجرى الدعاوى القضائية التي رفعها أهالي الضحايا، ولا في تعويضاتهم»، وفق ما أكد وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي لـ«السفير»، نافياً أي علاقة للدولة اللبنانية بـ«الدعاوى أو التعويضات الناتجة عن الحادث نفسه».
وإذا كان عضو لجنة التحقيق الكابتن محمد عزيز قد أكد أن التقرير لا يحدد المسؤوليات، وبالتحديد الجهة التي يجب أن تدفع التعويضات لذوي الضحايا، فإنه يهدف (التحقيق) إلى «كشف ما حصل عبر تحليل المعلومات المستخرجة، ثم البناء على تحليلها بهدف التوصل إلى الخلاصات التي تحدد أسباب وقوع الحادث، بهدف منع تكرار حوادث مماثلة».
وبتحميل طاقم الطائرة مسؤولية الكارثة، في ظل تأكيد التقرير ان «الطائرة بقيت سليمة من الناحية التقنية إلى حين سقوطها»، أي أنه لا توجد أخطاء في التصنيع أدّت إلى عدم استجابتها، كما التأكيد على قيام برج المراقبة في مطار بيروت الدولي بواجباته كلها، فإن النتيجة تضع «الطيران الاثيوبي» في موقع تحمل المسؤولية كلها، تجاه ذوي الضحايا. ويبقى أن التقرير لا يحدّد هوية الجهة التي يجب أن يدفع التعويضات لعوائل الضحايا، وهي مهمة منوطة بالمحاكم التي سترفع الدعاوى أمامها، والتي ستعتمد على التقرير في عملها.
وأمس، أكدت شركة الطيران الاثيوبية رفضها نتائج التحقيق، وقال نائب رئيس عمليات الطيران ديستا زيرو في بيان أصدره «ان الطائرة انقسمت بسبب انفجار قد يكون قد حصل نتيجة طلقة أو عمل إرهابي أو رعد». ولفت الى «أن هناك أضرارا خارجية على الطائرة، وأن التقرير الصادر عن السلطات اللبنانية، الذي حمل قائد الطائرة ومساعده مسؤولية سقوطها، تقرير متحيز ويعتمد على فرضيات مع تجاهل كامل للحقائق الصلبة». يذكر ان الأطراف الثلاثة الممثلة في لجنة التحقيق والمؤلفة من لبنان وفرنسا (مكتب التحقيق) وأميركا (مكتب التحقيق الفيدرالي) قد وافقت على مضمون التقرير، في ظل رفض الطرف الرابع له، وهو الاثيوبيون.
ومن المفترض أن يقفل التقرير، مبدئياً، الجدل الذي دار على مدار عامين إلا تسعة أيام، حول المأساة التي أودت بحياة تسعين ضحية لبنانية وعربية وأجنبية، بتاريخ 25 كانون الثاني 2010، مع تحديد المسؤوليات والجهة الصالحة لرفع دعاوى التعويضات.
وفي الأسباب المباشرة لسقوط الطائرة، أشار عزيز الذي قدّم خلاصة عن التقرير، إلى «سوء إدارة طاقم الطائرة لسرعتها وارتفاعها واتجاهها ووضعها، عبر إرسال أوامر متناقضة ومتضاربة إلى أسطح التحكم بالطائرة، ما نتج عنه فقدان السيطرة عليها». كما «فشل طاقم الطائرة - وفق التقرير - في الالتزام بمبادئ إدارة الطاقم المرتكزة على التعاون المتبادل عبر لفت الانتباه بصوت عال لكل انحراف أعاق أي تدخل محتمل لإصلاح الوضع».
وحدّد التقرير، من بين العوامل المساعدة على سقوط الطائرة، «العوامل الجوية ووقت الإقلاع (الليل)، وفقدان الخبرة لدى طاقم الطائرة، وطريقة تشغيل الطائرة، ووجبة الطعام التي كان طاقم الطائرة قد تناولها وتسببت بإتعاب القائد ومساعده، ما أدى إلى عدم خلودهما للنوم للراحة، وتلكؤ مساعد الطائرة في التدخل».
وأشار عزيز إلى أنه «صحيح ان قائد الطائرة يمتلك حوالى عشرة آلاف ساعة طيران في سجله، لكنها ساعات قضاها في قيادة الطائرات الزراعية، وطائرات أخرى غير طائرة البوينغ 800-737». وأكد عزيز أن قائد الطائرة، وفقاً للمعلومات التي توفرت للجنة التحقيق، «يمتلك 188 ساعة طيران في فترة 51 يوماً، على متن «البوينغ 800-737» فقط، وأنها كانت رحلته الأولى إلى لبنان، كما أنه لم يمض على تخرج مساعد قائد الطائرة سوى ستة اشهر، وكانت لديه 350 ساعة طيران».
ووفق التقرير، «تضافرت كل هذه العوامل لزيادة الضغط النفسي وخلق حالة من فقدان الوعي غير الظاهر لدى طاقم الطائرة».
وكشف عزيز أمس، عن «مماطلة الجانب الاثيوبي لجهة تجاوبه مع طلبات لجنة التحقيق، حيث اقتضى فريق التحقيق حوالي العام كي يتمكن من الذهاب إلى اثيوبيا والحصول على المعلومات اللازمة لإجراء التحقيقات». واشار إلى أن «ملاحظاتهم على التقرير النهائي لم ترد إلى بيروت إلا بعد ظهر أمس (الأول)».
وأورد عزيز ملاحظات الجانب الاثيوبي على التقرير، التي سجلت من ضمنه، وردّت «مشاكل السيطرة على الطائرة إلى عطل في جهاز التحكم بسطح توجيه الطائرة العمودي من جهة، وبسبب، ما أسموه، إرباك برج المراقبة لطاقم الطائرة وتوجيهه نحو عين العاصفة».
ورأى الاثيوبيون في ملاحظاتهم أنه «لا يوجد دليل على أن مساعد الطيار لم يعمل كما يجب، كما لم يبد قائد الطائرة أيا من اعراض الضياع أو فقدان الوعي غير الظاهر»، مؤكدين أن «الطائرة دخلت في عين العاصفة»، مجدداً.
وبعدما ردّوا سقوط الطائرة كما سلف إلى عطل بالتصنيع، ومن ثم «إرباك من قبل برج المراقبة في مطار بيروت لقائد الطائرة، وكذلك للعاصفة»، عاد الاثيوبيون وأشاروا إلى أن «الطائرة سقطت بسبب تحطمها أو انفصالها نتيجة انفجار في الجو ناتج عن احتمال إطلاق نار أو عمل تخريبي أو إصابتها ببرق».
وكان الوزير العريضي قد استهل المؤتمر الصحافي الذي عقد في المديرية العامة للطيران المدني أمس، بالتأكيد على حرص لبنان، ووزارة الأشغال، على «استقلالية التحقيق بسقوط الطائرة وعدم استباقه النتائج ومتابعته الحثيثة للقضية إلى حين خروج التقرير»، مشيراً إلى «سلامة الموقف اللبناني طوال الفترة الماضية».