أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

انسحب من الحوار عبر «المنار» جان أوغاسبيان: «خارج التغطية»!

الأربعاء 18 كانون الثاني , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 3,893 زائر

انسحب من الحوار عبر «المنار» جان أوغاسبيان: «خارج التغطية»!

من دون مقدمات، وبلا أي اعتراض تمهيدي، يقف النائب جان أوغاسبيان، الذي كان جالسا الى جانب ضيفين آخرين، تاركا مقعده باتجاه الباب، ولسان حاله يقول: «ما رح إقدر كفي.. أنا ما جايي على هالأساس..». 

حدث ذلك في الفقرة الأولى من حلقة تتناول موضوع ضبط الحدود اللبنانية - السورية، عندما أنهى أوغاسبيان كلامه عن الشق التقني، باعتباره كان مسؤولا عن هذا الملف في حكومة الرئيس سعد الحريري. وبدا واضحا أنه تجنب الغوص في نقاش سياسي، عن سابق تصور وتصميم. وحين بدأ عضو «المجلس الوطني للإعلام» غالب قنديل في الكلام، وما كاد يلامس الجانب السياسي حتى فاجأ أوغاسبيان الجميع بانسحابه من الاستديو. وفيما تبعه الزميل ضياء أبو طعام محاولا إعادته لاستكمال الحوار، أردف عضو «كتلة المستقبل» الذي كان عصيا على التفاوض: «قلتم لي اننا سنتكلم بالشق التقني الصرف.. بتمنى ما تعرضو القسم الذي شاركت فيه».

لكن «المنار» لم تستخدم مقص المونتاج، ليتوجه أبو طعام، بعد فاصل إعلاني، معتذرا من المشاهدين «لضيق صدر حرمنا من مقاربة الملف بالشكل المطلوب». فيما علق قنديل بقوله بأنه يحق لأوغاسبيان التحدث تقنياً، لكن لا يمكنه منعنا من التطرق الى الشق السياسي من الموضوع المطروح. وأسف لموقفه باعتباره «من المحاورين الجيدين، وليس من الموتورين كالبعض في الكتلة التي ينتمي اليها»، على حد قول قنديل. 

وهكذا أكملت الحلقة بلا ضيف ثالث، مع كل من قنديل ورئيس لجنة المتابعة لعرب وادي خالد الشيخ طلال الأسعد. 

وبمعزل عما إذا كانت إدارة الحلقة قد أخلّت بالتزام مسبق قطعته لأوغاسيبيان، أم أن الأخير بالغ في رد فعله، وصنع من الحبة قبة، فإن الأكيد أن ما حصل يثبت أن الصراع السياسي الحاد في البلد قد وصل الى حد نفي الآخر، وإنكار حقه في الرأي المخالف، ذلك أن عضو كتلة «المستقبل» لم يحتمل أن ينتظر لحين انتهاء قنديل من مداخلته ليبني على الشيء مقتضاه بقاءً عبر التعليق والرد، أو انسحابا، بل انه غادر بمجرد استشعاره بأن الضيف الآخر سينحو في اتجاه سياسي معارض لتوجهاته.

ولعل ذلك يؤشر الى أن لغة الحوار في لبنان قد تعطلت كليا حتى على المستوى الإعلامي، في موازاة القطيعة السياسية المتمادية. والمفارقة أن عدوى هذه الظاهرة انتقلت الى شخصيات معروفة باعتدالها ورصانتها مثل جان أوغاسبيان، الذي ربما تكون إطلالته عبر «المنار» أساسا قد ساهمت في رفع منسوب تحسسه انطلاقا من الاشتباك السياسي الدائر بين «حزب الله» و«تيار المستقبل».

و«خارج التغطية» هو برنامج جديد، هدفه تناول قضايا حساسة لا تحظى عادة بالتغطية السياسية والإعلامية اللازمة. واللافت فيه بداية شكله الجديد بدءا من الديكور وكسر «تقليد» طاولة الحوار المعتمدة غالبا، عبر توزيع «أنيق» لمقاعد الضيوف والمُحاوِر، لتقديم صورة بعيدة عن النمطية، قائمة على التقطيع السريع والمؤثرات الصوتية المختارة بعناية من قبل المسؤولة الفنية حوراء خليفة. فيما تثبت اللعبة الإخراجية نفسها، خصوصا من خلال حسن تطويع الكاميرا ومقاربة المشهد من زوايا متعددة ومنوعة في آن. ولعل البرنامج يثبت مدى التطور الذي أحرزه المخرج عبد فرحات في مجاله، وتحديدا من خلال عمله في شركة «ساتلينك» (التي تنتج البرنامج).

ويشكل تقسيم الحلقة الى ثلاثة محاور، أمرا لصالح البرنامج، فيدخل المقدم الى كل منها عبر مقدمة موجزة، يتبعه تقرير ميداني، وذلك لكسر رتابة الحوار مع الضيوف وتسريع وتيرة الفقرات. 

لكن رغم رصد عدد وافر من المراسلين في عواصم عدة، يؤخذ على بعضهم ضعف التقارير التي يعدونها، فلا تبدو على قدر الموضوع المطروح، ويكتنفها الغموض وعدم الترابط أحيانا، كالتقرير الثاني الذي عرض في الحلقة السابقة. 

كما يلاحظ أن الزميل أبو طعام يحتاج لبعض الوقت من أجل تكييف نفسه مع شكل البرنامج الجديد، وهو إذ أثبت جدارته كمراسل ومحقق ميداني، الا أنه يبدو أنه لم يخرج بعد كليا من جلباب شخصيته كمراسل، وإن كانت تسجل له جرأته في طرح المواضيع ومقاربتها من زوايا مختلفة. بيد أن البرنامج الحواري يتطلب جرعة إضافية من التفاعل وبث الحيوية في مفاصل الحوار. ولعل هذا من أبرز ما يفتقده برنامج «عصري» عبر «المنار». 

فاتن قبيسي


Script executed in 0.2091019153595