أصبح مكانهم معروفاً في كلّ مجمّع تجاري تقريباً، فما إن تدخل بسيارتك إلى الموقف، يمكنك أن تميّز الشبّان الذين يعملون في مغسل السيارات التابع له. تراهم حاضرين لأخذ السيارة منك وإعادتها نظيفة فيما تقوم أنت بالتسوّق أو بالترفيه في الداخل. بعض هذه المغاسل يتمتّع بتقنيات حديثة لغسيل السيارة من الخارج والداخل، تستغني عن المياه. فالمجمّعات التجارية لا تحبّذ فكرة وجود مياه ووحول داخل مواقف السيارات التابعة لها. وحين تكون هذه المواقف في أسفل البناء، فإن المياه الناتجة من غسيل السيارات، قد تمسّ أساسات البناء وتزعزع صلابته مع مرور السنين. لذلك كان لا بد من الاستغناء عن المياه من قبل القيّمين على هذا المشروع، للحصول على موافقة إدارة المجمّع بإقامة المغسل. أما البديل فكان استيراد مادة قابلة للرش من أميركا، لها ميزة أساسية: أنها صديقة للبيئة.
يشرح محمد جارودة، المدير التنفيذي لشركة تملك مغاسل عدة في عدد من المجمّعات التجارية الكبيرة، أن عملية التنظيف تبدأ برش المادة بواسطة الرذاذ على السيارة. بعدها تمسح هذه المادة المنظّفة بقماش مصنوع من الميكروفايبر، ثم تلمّع السيارة بماء الشمع. والتنظيف المعتمد داخلي وخارجي، وهو يدوم فترة أطول من التلميع العادي. ومن الخدمات الإضافية التي يقدمها هذا النوع الجديد من المغاسل: غسيل موتور من دون استخدام المياه، تنظيف فرش السيارة.
جاد فاخوري سمع بهذه التقنية، وهو أيضاً صديق للبيئة ويقوم بكل الاحتياطات اللازمة لحمايتها. لكنه يشترط أن تكون هذه الاحتياطات منطقية، بحيث يكون قادراً على تحمّل كلفتها المادية. يقول جاد إن تكلفة الغسيل ضمن أحد المغاسل المتطورة التي تستخدم مادة صديقة للبيئة تبدأ من 12000 ألف ليرة للسيارات الصغيرة، ويمكن أن تراوح بين الـ14000 ألف ليرة لبنانية والـ20000 ألف ليرة لبنانية للسيارات الكبيرة رباعية الدفع. أما في مغسل عادي، فهو يغسل سيارته بمبلغ لا يتجاوز الـ5000 آلاف ليرة لبنانية من دون احتساب إكرامية العامل التي لا يتغاضى عنها أبداً. وهذا المبلغ أقلّ كلفة بكثير، ما يعني أن ضريبة الاستفادة من الوقت، وعدم استخدام المياه، والحفاظ على البيئة، تبقى عالية، لا يقدر الجميع على تحمّلها.
أما عبير حنّا فترى أن هذه التقنية مفيدة كثيراً، فسيارتها كانت تبقى أسابيع طويلة من دون تنظيف لأنها لم تكن تحبّذ فكرة زيارة المحطة سوى لتزويد السيارة بالبنزين. لا تأبه إن كانت الكلفة إضافية، فالمهم أنها وجدت حلاً لإبقاء السيارة نظيفة. تضيف صديقتها سابين يونس، أن هذه المغاسل المتطورّة منتشرة في جميع أنحاء أوروبا، واستُحدثت خصيصاً لتوفير الوقت إذ تتيح فرصة تنظيف السيارة خلال فترة التسوّق بالأخص للناس الذين يفتقرون إلى وقت للترفيه والراحة. الشابتان جربتا هذا النوع من الغسيل أكثر من مرّة وهما راضيتان عن النتيجة. بخلافهما، زياد منصور يؤكد أنه لن يختار أبداً هذه المغاسل لتنظيف سيارته، إذ يتساءل عن كيفية غسل الدواليب وما يحيط بها دون استخدام المياه، «فهذه المنطقة هي الأكثر اتساخاً في السيارة ولا يمكن غسلها من دون استخدام المياه». ويضيف أن «اللمعة التي ستظهر في آخر عملية التنظيف لا تغرّه لأن السيارة ستبقى وسخة وعلى الأرجح سأتسلمها مليئة بالجروح الصغيرة بسبب غياب المياه».
لكن النتائج التي حصدتها الشركة مختلفة وفق ما تقول المديرة المسؤولة عن مغسل داخل أحد المجمّعات القريبة للعاصمة، إليان طايع: «الشهرة التي اكتسبتها هذه المغاسل كبيرة جداً بالنسبة للفترة الزمنية التي مرت على افتتاحها. وهذه الشهرة كانت العامل الأساسي الذي شجّع أصحاب الشركة على افتتاح سلسلة من المغاسل في أهم مولات البلد». تضيف إن «النسبة الكبيرة من الزبائن هي من النساء، إذ يصل التقسيم إلى 70% من النساء و30% فقط من الرجال». وتعيد السبب إلى أن «المغسل موجود داخل مركز تجاري و«الشوبينغ» بأغلب الأوقات هواية نسائية، كما أن المرأة أو الشابة تفضّل انتظار سيارتها لتُغسل داخل مول، لا داخل المحطة العادية على الطريق». وعن أوقات الازدحام التي تشهدها هذه المغاسل فهي «تتراوح غالباً بين فترة بعد الظهر والفترة المسائية، وهي الفترة نفسها التي يشهد المول فيها ازدحام الناس فيه».