أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

تعويضات ضحايا فسوح وبدل الإيجار والأثاث بانتظار حصر الإرث

الإثنين 30 كانون الثاني , 2012 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 5,179 زائر

تعويضات ضحايا فسوح وبدل الإيجار والأثاث بانتظار حصر الإرث

سلكت عملية الكشف على المباني القديمة في العاصمة بيروت طريقها التنفيذي بعد اتفاق عقده المجلس البلدي مع شركة «الخطيب وعلمي» الهندسية من أجل إجراء مسح شامل للمباني. وأوضح رئيس بلدية بيروت بلال حمد أن المجلس أقر التعاقد مع الشركة، بوصفه السلطة التقريرية. ويجري حاليا إعداد نص العقد لدى محافظ بيروت ناصيف قالوش، على أن تتم مراجعته من قبل لجنة تضم أعضاء في المجلس البلدي، تمهيدا لإقراره نهائيا. كما تفكر اللجنة بتقديم اقتراحات إلى مجلس النواب من أجل وضع نصوص تشريعية خاصة بعملية مراقبة المباني وصيانتها. 

وتشمل عملية الكشف جميع المباني التي قدم أصحابها شكاوى بخصوصها، وتوجد لدى البلدية ملفات بشأنها. أما المباني التي لم تقدم فيها شكاوى فسوف يتم التعرف إليها عبر إجراء مسح بصري يقوم به فريق من شركة «الخطيب وعلمي» لكل شوارع العاصمة، وضمن حدودها الجغرافية التي تمتد من نهر بيروت شرقا، حتى بدارو ومستديرة شاتيلا والمدينة الرياضية غربا. وتتيح تلك الطريقة، وهي أولية، معرفة المباني التي أضيفت إليها طبقات إضافية، أو حصلت فيها تصدعات ظاهرة. وفي حال تبين وجود مبان تستدعي الكشف الهندسي المعمق سوف تقوم الشركة بذلك، بحسب الطرائق الهندسية المتبعة. 

لكن الكشف «لا يعني»، كما يؤكد حمد، «وجود التمويل اللازم لصيانة المباني، فتلك مسألة منفصلة عنه، إذ يجب البحث عن مصادر التمويل، وما إذا كانت ستكون على عاتق أصحاب المباني، أو الدولة، أو جهات أخرى». 

وللتوضيح هنا فإن مهمة اللجنة التي تشكلت برئاسة وزير الداخلية مروان شربل بعد انهيار مبنى فسوح هي التحقيق فقط في أسباب انهيار المبنى، بينما يجب أن تقوم البلديات بعمليات الكشف على جميع المباني القديمة في لبنان، استنادا إلى التعميم الذي أصدرته وزارة الداخلية وطلبت فيه من البلديات تولي عمليات الكشف المذكورة. 

في انتظار معرفة ما تخبئه العاصمة من مشاكل بناء وتصدع، فقد حصل سكان مبنى فسوح على جزء من التعويضات المقررة لهم، وهي بدل إيجار عن كل منزل لمدة عام، وبدل أثاث. ويبلغ عدد سكان المبنى ستة وستين شخصا، بينهم سبع وعشرون ضحية، وثمانية وعشرون ناجيا وتسعة مصابين، وهم جميعهم من المستأجرين. 

وتعتبر غلاديس فرحات من أكثر الأشخاص الذين منيوا بخسارة عدد من أفراد عائلتهم، بعدما مقتل والدها وثلاثة من أشقائها في انهيار المبنى، وهي تقيم حاليا مع والدتها الناجية أيضا لدى صهرها زوج إحدى شقيقاتها الثلاث. 

وكانت غلاديس تعمل لدى شركة تسويق، لكنها عاطلة منذ شهرين عن العمل، وتنتظر أن يهدأ الحزن قليلا كي تبحث عن عمل وسكن جديد، فهي غير قادرة بعد على الإقامة في منزل مستقل مع والدتها. وتوضح أنها تقاضت من الهيئة العليا للإغاثة مبلغ تسعة آلاف دولار، بدل إيجار المنزل، وعشرة ملايين ليرة بدل أثاث، بينما يترتب عليها إجراء حصر إرث قبل الحصول على مبلغ الثلاثين مليون ليرة كتعويض عن والدها وأشقائها، وإرثها هو عبارة عن اراض يملكها والدها في بلدة زحلتا في منطقة جزين. 

ورفض ريكاردو سعد الذي قتل والداه، الحديث في موضوع التعويضات، مكتفيا بالقول إن شقيقه الذي كان يقيم مع والديه لدى انهيار المبنى يعمل في السعودية، وقد عاد إليها، كما أن لديه شقيقة أخرى متزوجة. 

ولا يزال جاك جعارة الذي فقد والده، في مستشفى الجعيتاوي، وتقيم معه والدته، وذلك بسبب الكسور العديدة التي أصيب بها في أضلاعه وقفصه الصدري، وجروح في رأسه وعينه. 

وينتظر جعارة شفاءه للعودة إلى عمله في شركة هندسية. ويوضح أن والده كان يستأجر المنزل منذ العام 1967 ويدفع بدل إيجار أربعمئة ألف ليرة سنويا، بينما يوجد لديه شقيق واحد مسافر، وشقيقة متزوجة في جبيل. 

وكان جعارة يعيل والديه، وسوف يبحث عن شقة للإيجار من أجل الإقامة فيها مع والدته بعد حصوله على تعويض الإيجار والأثاث. كما يقوم بعملية حصر إرث أراض حرجية يملكها والده في جبيل من أجل الحصول على التعويض. 

وها هي قسوة فقدان آن ماري تجعل من والدها إيلي عبد الكريم أكثر إيمانا برحمة الله ، فقد أوضح أنه يشكر ربه على نجاة ولديه التوأمين أنطوني وأنطونيلا مع والدته، بعدما شاهد المبنى وعرف أنهم تحت الأنقاض. ويبلغ عمر التوأمين سبعة عشر عاما، وقد أصيب أنطوني بنزف في رأسه وكسر في جمجمته، بينما أصيبت أنطونيلا بكسر في مرفق اليد اليمنى، ورضوض في رجلها الشمال، كما كسرت رجل أمه وضلع من أضلاعها. ولا يزال الثلاثة في مستشفى الروم، على أن يغادروه بعد غد الأربعاء. 

ويقول عبد الكريم الذي بلغ عامه الثالث والخمسين إنه ولد في منزله، وعاش فيه وتزوج وأنجب أولاده، ولم يغادره حتى انهياره، كل ذاكرته في ذلك المنزل، لكنه غير مهتم بإيجاد منزل في الأشرفية أو خارجها، لأن الإنسان يستطيع العيش في أي مكان في وطنه، المهم أن يجد منزلا، بالإضافة إلى أن أسعار الإيجارات في الأشرفية مرتفعة. وقد حصل عبد الكريم على بدل الإيجار والأثاث، لكنه غير مهتم بالحصول على تعويض عن ابنته، التي لا يعوض عنها شيء. وقد عرف من بعيد أن الهيئة العليا للإغاثة طلبت القيام بعملية حصر إرث، لكنه غير مهتم أيضا. يقيم حاليا لدى عديله في انتظار الشقة الجديدة، ويقول إن أصدقاءه وأحباءه لم يتركوه وبقوا إلى جانبه، وسوف يعود إلى عمله بعد خروج العائلة من المستشفى. عندما سمع عبر التلفزيون بوفاة آن ماري، شكر الله على أنه مؤمن، كي يكمل حياته، وقال: يجب أن أكملها لأن لدي شابا وصبية يحتاجان إلي. 

وقد أوضح الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة العميد ابراهيم بشير أن تعويض الثلاثين مليون ليرة يسري على الضحايا اللبنانيين والأجانب بالتساوي، بينما تختلف قيمة التعويضات الخاصة ببدل الإيجار والأثاث، مشيرا إلى أن كل عامل أجنبي حصل على بدل الإيجار الذي كان يدفعه في الغرفة، وهو خمسون دولارا عن كل شهر، أي ما يقارب ستمئة دولار عن عام واحد. وبالنسبة للأثاث فقد قدمت الهيئة لكل عامل سريرا وفرشة وحرامات لأنهم كانوا ينامون على الفراش. وجرى تبليغ السفارة السودانية بضرورة الاتصال بأهالي الضحايا وإجراء حصر إرث لحصولهم على التعويضات الخاصة بضحاياهم. وفي هذا السياق أوضح رئيس الجمـــعية الخيرية الســودانية في لبنان يوسف عبد الكريم أنه تم نقل جثماني ســودانيين من الضحايا إلى السودان، بينما دفن الباقون في لبنان. 

أما الضحية ياسر محمد حسين الذي قضى في انهيار المبنى، وهو من بلدة دنبو في عكار، فقد تعرض لحالة التباس، ينتظر توضيحها اليوم لدى الهيئة العليا للإغاثة. وأوضح مختار بلدة دنبو خالد علوش أن ياسر كان يقيم مع شقيقه وأحد أبناء بلدته في غرفة في الطابق الأول من المبنى، لأن الثلاثة يعملون في الأشرفية، وعندما انهار المبنى كان ياسر موجودا في الغرفة، لكن أهله لم يتعرفوا اليه إلا في مستشفى رفيق الحريري الذي نقل إليه، قبل نقله إلى بلدته. وحصل الأهل على أوراق ثبوتية من المستشفى، ومن النيابة العامة بأنه من الضحايا. 

وقد ناشد مخاتير البلدة وعائلة الفقيد وهو أب لأربعة أطفال، المسؤولين القيام بواجبهم، كي تنال عائلة الفقيد حقها في التعويض كغيرها من العائلات، باعتبار أن له ابنا معاقا وثلاثة أطفال يتلقون تعليمهم في المدارس، وحتى الآن لم يفتح تحقيق، أو تقوم لجنة ما بزيارة أسرته والتقصي عن حقيقة وضعه وظروف عيشه وحياته الصعبة.


Script executed in 0.19659495353699