بموازاة تكثيف التيار الوطني الحر، انطلاقاً من المتن الشمالي وبعبدا والكورة، اجتماعاته الحزبية المناطقية للانطلاق «قريباً جداً» بتحركات احتجاجية، وصفتها مصادر التيار بالنوعية، و«تهدف إلى التصعيد ضد القوى المعطلة للتغيير والإصلاح في السرايا الحكومية وفي ملف العدل والقضاء خصوصاً»، علمت «الأخبار» أن معاوني الرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله، الوزير علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، ينويان المباشرة اليوم أو غداً على أبعد تقدير باتصالات مع أطراف الأزمة، في محاولة من مرجعيتيهما للتوصل إلى حل. وليس لتحرك الخليلين علاقة بوفد حزب الله الذي يزور الرابية للقاء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ظهر اليوم، إذ إن لقاء اليوم مرتبط حصراً بإحياء ذكرى توقيع التفاهم بين الحزب والتيار عام 2006.
وفي الوقت عينه، قالت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الأخبار» إن كتلة النائب وليد جنبلاط الوزارية «تنأى بنفسها» هذه المرة عن الخلاف و«تكتفي بالتفرج على الأزمة الحكومية من بعيد، في ظل استعداد وزراء الاشتراكي للمشاركة في مجلس الوزراء حين يدعو الرئيس نجيب ميقاتي إلى عقد جلسة».
ورغم وضع المعنيين بحل الأزمة في حسبانهم احتمال أن يكون سبب وقف جلسات مجلس الوزراء مرتبطاً بملف تمديد بروتوكولات المحكمة، ورغبة الرئيس ميقاتي في تفادي أزمة جدية داخل مجلس الوزراء بشأن هذا الملف، فإن الوسطاء يرون إن إثبات هذا التحليل أو نفيه سيظهر من خلال السقف الذي سيرسمه كل واحد من أطراف الأزمة لموقفه. ورأت مصادر معنية بهذه المبادرة أن المعني الأول بتسهيل الحل هو ميقاتي، إذ ليس من مصلحته أن يبقي الحكومة على ما هي عليه: فكل وزير يستطيع تسيير شؤون وزارته إلى حد بعيد، من دون اجتماع مجلس الوزراء. فيما تتعطل الحكومة مجتمعة. فتذهب الانتصارات الحكومية والإنجازات إلى الوزراء المعنيين بدل ذهابها إلى رئيس الحكومة. أما الرئيس نجيب ميقاتي فهو مستمر بتأكيده في مجالسه على تمسكه بموقفه، وعدم نيته العودة عن تعليق جلسات مجلس الوزراء من دون الاتفاق على صيغة تؤدي إلى رفع إنتاجية مجلس الوزراء، دون أن يحدد كيفية رفع الإنتاجية.
وقد التقى ميقاتي أمس الوزير جبران باسيل على مائدة الوزير السابق عدنان القصار، لكن من دون التطرق للأزمة الحكومية بصورة مباشرة، إلا من خلال «اللطشات» التي تبادلها الطرفان. وأكدت مصادر المجتمعين أن موعد العشاء، الذي دعا إليه القصار عدداً من الشخصيات، مقرر منذ ما قبل اندلاع الأزمة الحكومية. وأكدت مصادر التيار الوطني الحر أن ما سبب بتعطل مجلس الوزراء هو «أمر غير قابل للنقاش من طرفنا، كوننا لن نرضى بأن نتخلى عن حقنا في مناقشة أي اسم مقترح للتعيين في أي وظيفة كانت، بغض النظر عمن يقترح الاسم». وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى في التيار لـ«الأخبار»: قبل أن يقترح رئيس الحكومة تعيين مسيحيين في الإدارة، فليعالج مشكلة الموظفين السنّة المخالفين للقانون في مواقعهم».
وكان عضو كتلة الوفاء للمقاومة حسن فضل الله قد قال أمس إن الحزب «سيبذل كل الجهود لإعادة عمل هذه الحكومة حرصاً على البلد واستقراره». وقال إن «الاتصالات التي سنباشرها في الأيام القليلة المقبلة محكومة بقواعد أساسية تتمثل في ضرورة أن يتفاهم أفرقاء هذه الحكومة في ما بينهم وأن يتحملوا مسؤولياتهم في عملها واستمرارها وإنتاجها». والحزب لا يريد، بحسب فضل الله، أن يستخدم أحد الحكومة منصة لإرسال الرسائل السياسية إلى الداخل أو الخارج». وفي السياق نفسه، وجّه زميل فضل الله في كتلة حزب الله النيابية، علي فياض، رسالة تأييد لموقف تكتل التغيير والإصلاح من الأزمة الحكومة، إذ أكد أنه «لا يجوز في أي حال من الأحوال أن يلجأ من يجب أن يكون دوره رعاية مجلس الوزارء، إلى تعطيل مجلس الوزراء تحت أي مسمى، لأن الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد لا تواجه بسياسة الضرب على الطاولة، بل بعقلية مرنة معتدلة ومنفتحة تتعاطى في أعلى المسؤولية الوطنية وتأخذ بالاعتبار كل الحساسيات السياسية وتحترم أحجام القوى السياسية والطائفية وتلتزم بالأعراف التي درجت عليها الحياة السياسية اللبنانية في سبيل أن نمضي قدماً في تسيير عجلة الدولة». وفي أول موقف من نوعه لحزب الله، تخوف فياض أن «يكون لدى البعض أجندة مخفية وحسابات غير معلنة».
بدوره، أكد وزير الصحة علي حسن خليل أن الأزمة الحكومية «مناسبة لإعادة تنظيم عمل الحكومة لتصبح أكثر إنتاجاً. وعلينا أن نرسي قواعد جديدة لآليات حل الاختلاف في وجهات النظر حتى لا نعطل الدولة من خلال خلاف على تعيينات».
في سياق آخر، عبّر البطريرك الماروني، بشارة الراعي، على هامش جولته التي انتقل فيها من بيروت إلى المتن الشمالي، عن أسفه لـ«الغيبوبة التي يعيشها السياسيون اللبنانيون، والممارسة السياسية التي تؤدي الى الخراب والفقر». ورأى الراعي أن «السلطة السياسية مؤتمنة على المال العام»، مؤكداً رفضه السياسات التي تؤدي إلى «أن يهجر شعبنا من أرضه».
شطح يلتقي فيلتمان
من جهة أخرى، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن مستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون الخارجية، محمد شطح، عقد اجتماعين منفصلين في واشنطن مع مساعد وزيرة الخارجية جيفري فيلتمان، في حضور نائب مساعد وزيرة الخارجية السفير جاك ويلس، ومدير الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي ستيف سيمون، ومديرة الشؤون اللبنانية هاجر حجار وكبير مستشاري الشرق الأوسط في مكتب نائب الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، جوناثان فاينر.
وفي محاضرة في مؤسسة كارنغي، بعنوان «سبعة أعوام على ثورة الأرز: لبنان على هامش الربيع العربي»، سأل شطح كيف يناقش «الإصلاح السياسي الحقيقي في لبنان، في ظل وجود حزب رئيسي في البلاد يمتلك قوة مسلحة مستقلة وسلطة الأمر الواقع على العديد من جوانب السياسة الوطنية وعلى الأرض». و«الكثير من اللبنانيين، إن لم يكن معظمهم» يعتبرون الأمر، بحسب إحصاءات شطح، «غير منطقي وغير مقبول». والإصلاح السياسي يبدأ، بحسب وزير المال السابق، باستحداث مجلس شيوخ وتسهيل اعتماد التصويت الفردي، فيصوّت كل مواطن لشخص واحد، بطريقة تمنح تمثيلاً متساوياً لجميع اللبنانيين.
لقاء جديد في طرابلس
أطلق في طرابلس، أمس، «لقاء الاعتدال المدني» برئاسة النائب السابق مصباح الأحدب، خلال احتفال شارك فيه ممثلون عن النائبين روبير فاضل وبدر ونوس. وفي كلمته، أشار الأحدب إلى ضرورة «توحيد الصف وتحصين مدينتنا ومنطقتنا ضد العواصف العاتية ومحاولة تجنيبها كأس الفتنة السامة والمدمرة التي يُحضَّر لها».
(الأخبار)