تحافظ إيران على تفاؤلها وسط كلّ ما يحدث في سوريا والمنطقة متكئة الى المعطيات الواقعية و«المستندات الدينية والإيمانية». هذا ما استنتجه أمس زهاء 80 صحافيا لبنانيا من مختلف الاتجاهات السياسية دعتهم السفارة الإيرانية في بيروت الى حفل غداء بمناسبة الذكرى الـ 33 لانتصار الثورة الإيرانية المتزامن مع ذكرى المولد النبوي الشريف في مقرها في «بئر حسن»، حيث أجاب السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي عن اسئلتهم.
بالتفاؤل يبدأ السفير حديثه، مشيرا الى أن «الدبلوماسي يدرس في القضايا التي يعالجها درجات الربح والخسارة، ثم يحتسب الكم الأوفر، وفي الحسابات الإيرانية فإن ما يجري على الساحة السورية يشير الى أن المكاسب تفوق الخسائر».
تطلب زميلة إيضاحات أكثر واقعية، يشرح: «تقف إيران مع المطالب الإصلاحية للشعب في سوريا، وهذه الإصلاحات مطلوبة في ظل نظام الرئيس بشار الأسد، فقد خرج 70 في المئة من الشعب السوري (من أصل 22 مليون) الى الشارع تأييدا للرئيس السوري. أحد مراكز الدراسات في الدوحة بالذات قال ان الشعب السوري منقسم مناصفة بين مؤيد ومعارض للنظام».
ويضيف: «نحن مع الإصلاحات التي يريدها الشعب وقد حدد النظام السوري تواريخ لتعديل الدستور والانتخابات، لذا لا تزال إيران داعمة لهذا النظام وتشجع الحوار بينه وبين الشعب».
ونفى ابادي بشدة ردّا على سؤال أي «مدّ إيراني للنظام السوري بالسلاح». اضاف: «في هذه الأيام ندعم النظام السوري اكثر من أي وقت مضى، ونحن ندعمه بالموقف السياسي الحاسم وفي كل الاجتماعات الدولية وفي الإعلام وعبر القنوات الدبلوماسية».
وعمّا إذا كانت المصالحة الفلسطينية برعاية قطر ضربة موجهة الى محور إيران والمقاومة، قال أبادي: «لا يهمنا من يقود المصالحة. المهم أن تتم. أثناء المجزرة التي حصلت في العام الماضي لسفينة «مرمرة» سئلنا عما إذا كانت رؤية العلم التركي تقلقنا في حال انتزع مكان العلم الإيراني، فأجبنا بأننا نعتزّ بكوننا أصحاب المبادئ ولا يهمنا من هي الجهة التي تساعد القضية الفلسطينية. نحن نسرّ لرؤية أي بلد يحمل علم فلسطين الذي لم تنتزعه إيران من أحد، بل التقطته من الأرض».
ولفت النظر الى ان «النظام السوري يقف الى جانب قضية فلسطين ويؤلف ركنا من أركان المقاومة في مواجهة إسرائيل، وهذا هو سبب استهدافه». وردا على سؤال قال السفير الايراني: «هل القصة في سوريا تتعلق بالديموقراطية وبحقوق الإنسان؟ هل بات «قلب» أميركا وإسرائيل يخفق من أجل الديموقراطية، هل تكليف السفير الأميركي في سوريا إسقاط النظام هو من أجل قيام نظام ديموقراطي؟ الواقع أن الأميركيين لا يهمهم البتة من يكون الرئيس في سوريا ولا دينه، بل يهمهم ان يكون في خط الحفاظ عن الأمن الإسرائيلي لأن أمن إسرائيل هو من أمن أميركا. والهم الأساس للغرب اليوم هو إنقاذ إسرائيل بعد سقوط أنظمة مثل نظام (حسني) مبارك في مصر، فجاء الغرب وركز على سوريا حيث الهدف لا يتعلق بحقوق الإنسان، وثمة بلدان أحوج الى أن يتم الالتفات إليها في هذا الشأن».
«الإخوان المسلمون» و«حزب الله»
يقول ابادي عن العلاقة بين إيران و«الإخوان المسلمين»: «الإخوان المسلمون» كانوا أول من زار إيران بعد انتصار ثورتها، وعلى هذا الأساس نحن حددنا المبدأ والمعيار، نحن الى جانب الثورات الشعبية والوطنية كلها، ونحن الى جانب الشعوب لأن الإسلام هو دين التسليم القلبي أمام الله. وفي سوريا نحن نسأل أين الثورة الشعبية السلمية كي ندعمها؟ ان ما نشاهده لا يعدو كونه مجموعات مسلحة تقطع الرؤوس وتمثل بالجثث لأجل مصالح خاصة للبعض(...)».
وسألته «السفير» عما إذا كان متفائلا بمستقبل «حزب الله» في حال سقط النظام السوري فقال: «قلوبنا مطمئنة، فإن تنصروا الله فهو ينصركم». وعن رأيه باقتراح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انشاء «مجموعة أصدقاء سوريا» قال: «فرنسا على أبواب انتخابات رئاسية كما هي الحال في الولايات المتحدة الأميركية، لذا لم نعد نستطيع التمييز إذا كان هذا الموقف انتخابيا أم حقيقيا، ولا نعول كثيرا على مواقف فرنسا وأميركا في هذا الخصوص. فها هما تفشلان في أعلى مركز دولي وقد رأيتم جميعا الاستياء البادي على وجهي ممثلتي الولايات المتحدة الأميركية هيلاري كلينتون وسوزان رايس بعد الفيتو الروسي والصيني، وسمعتم الكلام غير اللائق دبلوماسيا لهيلاري كلينتون التي قالت «شعرنا بالاشمئزاز»، في حين أن أي قرار لصالح فلسطين طالما ووجه بالفيتو الأميركي، أوَلا يثير ذلك الاشمئزاز أيضا؟».
وسئل عن قضية المهندسين الخمسة الذين فقدوا فقال: «لقد أثرنا الموضوع مع وزير الداخلية العميد مروان شربل اليوم (امس) وطلبنا من الحكومة اللبنانية متابعة هذا الخبر والتأكد من صحته. وإذا صح تقوم الحكومة بالإجراءات اللازمة لاطلاق سراح هؤلاء المهندسين الإيرانيين».
وعن الاتهامات لإيران بدعمها الانتفاضة في البحرين، قال ركن أبادي: «نحن لا نتدخل وإذا تدخلنا في أمر ما لا نخجل من ذلك. لم تتدخل إيران في أي بلد من البلدان التي شهدت انتفاضات، لا في مصر ولا في اليمن ولا في تونس ولا في ليبيا. إنها المرة الأولى التي تخرج فيها الشعوب الى الشارع من تلقاء نفسها ولا تكون وراءها دول. وفي البحرين خرج الشعب للمرة الأولى متأثرا بما يجري في المنطقة، وقد طالب بإصلاح قانون الانتخابات لجهة أن يتم انتخاب جميع اعضاء البرلمان عوضا عن تعيين 40 في المئة منهم من جانب الملك. بالطبع ثمة اشخاص يريدون قلب النظام لكن ليس هذا هو مطلب المعارضين. والمهم في البحرين أن الحركة شعبية سلمية غير مسلّحة».