يوماً بعد آخر، تظهر مؤشرات جديدة على كيفية تعامل رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط كشركة عائلية خاصة، زرع فيها موظفين من أقاربه وأصدقائه للسيطرة على أغلب مفاصلها. وقد أدى هذا الأمر إلى بروز عدد من المخالفات، ومنها ما بات يُهدّد سلامة الطيران المدني في لبنان وسمعة الشركة، بحسب مسؤولين فيها. في جديد «الشركة» إقامة مبنى لتدريب الطيارين داخل حرم المطار، علماً بأن الحرم نفسه يضم مبنى آخر مشيداً منذ سنين، يبعد عن المبنى المنويّة إقامته مسافة مئات الأمتار. لا أحد يملك الإجابة عن السبب وراء إقامة مبنى جديد لاستخدامه مركزاً للتدريب، وخصوصاً أن عدداً من الطيارين يؤكّدون أن مساحة المبنى القديم كافية لاستيعاب مركز تدريب متطوّر، وأن جلّ ما يحتاجه هو التجهيزات الحديثة. لكن الحوت، لغاية لا يعلمها غيره، قرر تشييد مبنى جديد. بدأ ذلك المخطط منذ عامين. هذا نظرياً. أما عملياً، فما جرى خلال العامين الماضيين هو عمليّة سحب رمول من المنطقة. وبحسب موقع شركة طيران الشرق الأوسط على شبكة الإنترنت، يُعيد مركز التدريب تجديد نفسه حالياً «من خلال مراجعة لمهماته ووظائفه وتجهيزاته ليضم أحدث تقنيات التدريب المحترف في قطاع الطيران التجاري».
في الأيّام القليلة الماضية، أرسلت نقابة مستخدمي وعمّال شركات الطيران في لبنان، رسالة إلى كلّ من رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان ووزير الداخليّة مروان شربل ووزير السياحة فادي عبود تتحدّث فيها عن سحب الرمول بكميّات كبيرة. وبيعت هذه الرمول إلى ورش البناء، وآخر عمليّة سحب حصلت قبل أيّام، بعد أن ظنّ العاملون في المطار أن العمليّة قد توقّفت.
وحتى اللحظة، فإن الحفرة التي تُسحب الرمول منها باتت على النحو الآتي: الطول 200 متر، العرض 75 متراً والعمق 15 متراً. وبعمليّة حسابيّة، فإن كميّة الرمول المسحوبة تبلغ 225 ألف متر مكعّب. وبحسب المعنيين بقطاع البناء، إن معدل سعة كميون الرمل هو 20 متراً مكعّباً، كذلك إن المعدّل الأدنى لسعر المتر المكعّب هو 20 دولاراً أميركياً، بحيث إن سعر الكميون هو 400 دولار. وبقسمة 225 ألف متر مكعّب على 20 متراً للكميون، هناك 11250 كميوناً من الرمل سُحبت من مطار بيروت، ويبلغ معدّل سعر هذه الكمية أربعة ملايين ونصف مليون دولار.
لا يقف الأمر عند هذا الحدّ، بل إن من ضحايا هذا المبنى المشتل الخاص ببلديّة بيروت الذي نُقل إلى منطقة قصقص، رغم أن السيدة رلى العجوز، المسؤولة عن اللجنة البيئيّة في عهد البلديّة السابقة، والمقربة من شركة طيران الشرق الأوسط، كما قالت بنفسها، تؤكّد أن هذه الأرض ملك مطار بيروت، وليست للبلديّة.
حاولت «الأخبار» الاتصال برئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، لكن الأمر تعذّر بسبب وجوده خارج البلاد. كذلك، قال العاملون في مكتبه، في اتصال هاتفي إنهم لا يعرفون شيئاً عن موضوع الرمول ولا يُمكنهم تقديم أي إجابة.
لكن في أوساط العاملين في مطار بيروت، هناك من يقول إن إدارة الشركة صرفت النظر عن بناء مركز التدريب، ويستدلون على ذلك بأن المتعهّد لم يقم بأي خطوة عمليّة غير سحب الرمول من فترة إلى أخرى.
لا يقف الأمر في مطار بيروت عن حدود الرمول؛ فهناك الموظفون العاملون في شركة ترانس الصايغ للحمولة، وهي التي لُزِّمت نقل الأمتعة داخل المطار من قبل شركة MEAS التابعة لشركة طيران الشرق الأوسط (التي يرأس مجلس إدارتها النائب غازي يوسف الذي لا يحضر إلى مقر الشركة إلا نادراً كما يقول عدد من العاملين في المطار. وإضافة إلى ذلك، ثمة رأي قانوني يرى في تسلم يوسف رئاسة مجلس إدارة شركة رأسمالها من المال العام مخالفة واضحة للقانون الذي يمنع الجمع بين النيابة ورئاسة مجلس إدارة شركات مماثلة). وتتلقى شركة ترانس الصايغ مبلغاً شهرياً قيمته 155 مليون ليرة شهرياً بدل رواتب لـ160 عاملاً في الشركة. إلى هنا كلّ شيء جيّد. لكن شركة ترانس الصايغ لا تدفع لهؤلاء رواتبهم، والحجّة أنهم يتلقون أجرة من الركاب مقابل نقل أمتعتهم، علماً بأن الموظفين في هذه الشركة يرفضون التحدّث عن هذا الواقع؛ لأن ما يجنونه شهرياً يفوق بأضعاف ما كانوا سيحصلون عليه من الشركة.