أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

باريس لميقاتي: إنأ بنفسك نحن معك

الأربعاء 08 شباط , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,887 زائر

باريس لميقاتي: إنأ بنفسك نحن معك

بات الرئيس نجيب ميقاتي يشبه الرئيس سعد الحريري في آخر أيام حكومة الوحدة الوطنية: عراك كلامي داخل مجلس الوزراء، اعتكاف حكومي ولا من يحرّك ساكناً للتوسّط والتوصّل إلى حلّ. على هذه الخلفية، سيزور ميقاتي العاصمة الفرنسية باريس غداً، حيث سحظى بجرعة دعم فرنسية. وهذه الجرعة، حُرِم منها الحريري قبل عام وشهر، عندما أقال خصومُه حكومتَه وهو جالس في المكتب البيضاوي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما. في هذه الزيارة الرسمية، يدخل ميقاتي باريس بصورة مختلفة عن صورة الحريري في واشنطن. لكن المشترك بينهما كثير: حكومة معتكفة. مجلس وزاري يعجز عن اتخاذ أي قرار، فاعتمد خيار «النأي بالنفس». نأي بالنفس على الحدود الشمالية والشرقية حيال خروقات عسكرية سورية (من النظام او معارضيه).

«عهد» متواضع على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي باعتراف رئيس الحكومة واعتراف حلفائه المفترضين في الحكومة (نتيجة تدخّل السياسة بكل الملفات). يضاف إلى ذلك قيام ميقاتي بهذه الزيارة من دون أن يرافقه وفد وزاري، فيذهب وحيداً مع عدد من مستشاريه وبعض مراسلي المؤسسات الإعلامية.
لكن ما تشير إليه الأجواء الفرنسية يدلّ على عكس هذه الصورة اللبنانية. يتحدث مصدر ديبلوماسي فرنسي رفيع المستوى عن قيام ميقاتي بواجباته في الحكومة وتنفيذ وعوده، وهي تتلخّص بثلاث قضايا: استقرار الوضع الأمني في لبنان «ومحصلته إيجابية وواضحة»، احترام لبنان لالتزاماته الدولية و«يتمثل ذلك بشكل أساسي في تمويل المحكمة الدولية واحترام القرار 1701»، وأخيراً القيام بإصلاحات داخل مؤسسات الدولة، «وهو ما باشر به ميقاتي ولو جزئياً، والمثال الأبرز على ذلك تقديم خطة لإصلاح قطاع الكهرباء». خلاصة حديث المصدر الدبلوماسي الفرنسي تشير إلى أنّ الفرنسيين يعدّون جرعة دعم لميقاتي، على المستويين المعنوي والمادي. معنوياً، لن تختلف مواقف الرئيس نيكولا ساركوزي ورئيس الحكومة فرنسوا فيون ووزير الخارجية آلان جوبيه عن المواقف التي أعلنها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال زيارته الأخيرة لبيروت. ومادياً، سيعلن خلال هذه اللقاءات الثلاثة وغيرها، عن جهوز ثلاثة اتفاقات دعم للحكومة اللبنانية: تقديم وكالة التنمية الفرنسية 70 مليون يورو لإقامة محطات تكرير للمياه في جونيه وكسروان، تقديم مبلغ 30 مليون يورو لدعم الكهرباء بموجب مؤتمر باريس ــ 3 (بعد إعلان الحكومة عن خطة الكهرباء)، إضافة إلى تقديم 5 ملايين دولار أميركي لوزارة التربية. هذه التقديمات سيعلن عنها يوم الجمعة المقبل، ويضاف إليها إعلان عن استكمال فرنسا دعم الجيش اللبناني عبر إعادة وضع خطة «تعزيز» سلاح الجو اللبناني قيد التنفيذ. يكسب ميقاتي من ذلك دعماً واضحاً، إلا أنّ المتحدث يستدرك، وتحديداً حيال ملف الكهرباء: «لكن هذا لا يعني أننا راضون على النتيجة».
ماذا في السياسة؟ تقول أوساط الرئيس ميقاتي إنّ الزيارة ستتناول العلاقات بين البلدين وملف قوات اليونيفيل والوضع في المنطقة. أوساط السفارة الفرنسية في بيروت، تؤكد أنّ ساركوزي وباقي المسؤولين الفرنسيين سيؤكدون أنّ خروج بلادهم من القوات الدولية في الجنوب ليس محل نقاش، وكذلك هي حال إعادة النظر بالقرار، فيشددون على التزام فرنسا بهذا الموضوع التزاماً كاملاً، وسعيها إلى تطوير مشاركتها وتفعيلها. وسيطرح الفرنسيون، بحسب المصدر نفسه، موضوع التحقيقات الخاصة بالتفجيرات التي تعرّضت لها القوات الدولية في الجنوب وتحديداً في التفجير الأخير في صور في كانون الأول الماضي، مشيرين إلى أملهم في تفعيل هذه التحقيقات وإمكان التوصل إلى نتيجة واضحة «للكشف عن هوية الطرف الإرهابي المسؤول عن هذه الجريمة». وفي الإطار نفسه، يؤكد المصدر الفرنسي أن باريس ستبلغ ميقاتي رسمياً قرارها خفض عديد جنودها المشاركين في اليونيفيل من 1200 عنصر إلى 900، فـ«هذا العدد يكون كافياً، وهو ما سيدفع إلى تطوير عملية التنسيق مع الجيش اللبناني». ويؤكد المصدر أنه «سيجري البحث في كيفية تفعيل التعاون بين القوات الدولية والجيش، تحديداً للتوصل إلى أفضل صيغ العمل الميداني، إضافة إلى تطوير الجيش وإعداده». وينفي المصدر إمكانية تسليم اليونيفيل الجيش بعض المواقع العسكرية لكون القرار 1701 يحدد مناطق عمل القوات الدولية.
ماذا عن الملف السوري؟ سؤال الديبلوماسيين الفرنسيين عن هذا الموضوع يلقى الجواب الآتي: «هل يجتمع شخصان في لبنان ولا يتحدثان عن الوضع في سوريا»؟ يتابعون «نتفهّم وضع لبنان بما يخص هذا الملف ونفهم مدى ترابط الأمور بين البلدين وما يدفع الحكومة إلى اتّخاذ موقف حيادي» أو النأي بالنفس. وبالتالي «ليس مطروحاً الطلب من لبنان القيام بأمور يعجز عن القيام بها»، ولن يطلب الفرنسيون أي أمر بهذا الشأن. يضيف: «والمهم أن تبقى الحكومة محمية ولبنان محمياً وألا يتأثر بالأحداث السورية».
إلا أنّ ميقاتي سيسمع بوضوح أنّ الفرنسيين «يتابعون بانتباه أسلوب تعامل الحكومة اللبنانية مع قضايا اللاجئين والمعارضين السوريين في لبنان»، مع تشديد المتحدث على أنّ الدولة تقوم بواجباتها كاملة في هذا الملف، «إلا أنه في حال تبيّن أي خلل على هذا الصعيد، فإنّ فرنسا لن تتردّد في توجيه نظر الحكومة إلى ذلك». يضيف: «ويجب التنبه إلى أن اشتداد الأزمة في دمشق سيصعّب الأمور على الحكومة اللبنانية واللبنانيين». وعن إمكانية إعادة طرح الفرنسيين لإقامة ممر إنساني بين لبنان وسوريا، يشدد المتحدث على أن «هذا الموضوع ليس أولوية».
أما المحكمة الدولية، فالأمور واضحة بشأنها بحسب الفرنسيين. تندرج في إطار احترام ميقاتي لالتزامات لبنان، والنقاش بهذا الملف محصور في إطار «تمديد ولايتها وليس إزاحة المحكمة أو تعديل عملها». ويضيف الديبلوماسي الفرنسي أنّ المشاورات اللبنانية ستجري مباشرة مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.


Script executed in 0.19371104240417