أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

لجنة وزارية «عجيبة» لمغارة جعيتا

الأربعاء 08 شباط , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,005 زائر

لجنة وزارية «عجيبة» لمغارة جعيتا

تنتظر بلدية جعيتا إبطال قرارات تمديد عقد تشغيل مغارة جعيتا الممنوح إلى شركة «ماباس»، لتفتح طاقة أمل باستعادة المغارة «المستلبة» منذ عقدين بقرارات وزارية مخالفة للدستور والقانون. وإلى حينه، بدأت البلدية الأسبوع الماضي بإزالة المخالفات على طريق المغارة من قبل أصحاب المحال، وباشرت قبل ثلاثة أيام إزالة التعدّيات الحاصلة من قبل شركة «ماباس» المستثمرة لمغارة جعيتا. وقالت البلدية إن هذا الإجراء جاء بعد إنذارات متكرّرة أرسلتها بلدية جعيتا إلى المدير العام للشركة نبيل حداد خلال عامي 2010ـــ 2011.
التوقيت الذي اختارته البلدية يبدو صائباً، إذ من المفترض أن يعاد طرح ملف شركة «ماباس» على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. وكان مجلس الوزراء قد ناقش منتصف الشهر الماضي سبعة مشاريع قدمها وزير السياحة فادي عبود وأقرّ ستة منها، فيما أحيلت قضية إلغاء قرارات التمديد لعقد إدارة مرفق جعيتا السياحي على لجنة وزارية، أو إذا صحّ التعبير على مجلس وزاري مصغّر. وضمّت اللجنة رئيس المجلس نجيب ميقاتي ونائبه سمير مقبل ووزارات السياحة والعدل والطاقة والبيئة والأشغال والداخلية والمال. وحده وزير الدولة لشؤون مجلس النواب نقولا فتوش بقي خارج هذه اللجنة، بطلب مباشر من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وعلمت «الأخبار» أن حماسة فتوش للدخول في هذه اللجنة فاقت حماسته للدخول إلى اللجنة الوزارية التي أُلّفت لدرس الملفات والقوانين البيئية، بما فيها ملف المقالع والكسارات. لكن رئيس الجمهورية بادر إلى مخاطبته قائلاً «إنت خليك على جنب». فما كان من الوزير فتوش، وعلى طريقته الزحلاوية المعروفة، إلا أن بادر إلى إطلاق تهديد سياسي مبطّن، إذ قال: «يعني يا فخامة الرئيس هيك عم تحرّرني من جميع الالتزامات».
ومن المعلوم أن صوت نائب زحلة كان من الأصوات المرجّحة لكفة الأكثرية الجديدة التي نجحت في تسمية الرئيس ميقاتي لتكليف حكومته الثانية، ولقد ضمن فتوش نتيجة هذا الانتقال السياسي مقعداً وزارياً. ومنذ دخوله مجلس الوزراء، لا يترك فتوش ملفاً كبيراً أو صغيراً إلا يتدخل فيه، لكن متابعة دقيقة لحركته السياسية تظهر أن أولويته الوزارية تكمن في ملفين أساسيين: المقالع والكسارات ومغارة جعيتا. وبديهي القول إن تعارضاً مؤكداً في المصالح يقضي بإبعاد الوزير فتوش عن النظر أو النقاش في هذين الملفين، علماً بأن قدرته على المناورة لا تزال واسعة. ورغم أن فتوش ينفي أي صلة تربطه بشركة «ماباس»، عبّر في أكثر من مناسبة أن دفاعه عن الشركة ليس أكثر من نخوة زحلاوية لحماية المدير العام للشركة نبيل حداد، في وجه الهجمة التي يتعرض لها «من قبل الكسروانية»!
المهمة التي وضعت للجنة الوزارية ليست معقدة، بل هي من أبسط المهمات وأكثرها وضوحاً، وهي تعدّ لزوم ما لا يلزم إذا صحّ التعبير، لكون النتائج التي يفترض أن تخلص إليها سبق أن صدرت بقرارات معللة من هيئة الاستشارات والقضايا في وزارة العدل.
ولقد سبق لمجلس الوزراء أن ناقش قرار منح شركة «ماباس» امتياز استثمار مغارة جعيتا في جلستين عقدهما بتاريخ 18/3/2010 و25/8/2010، وذلك بناءً على طلب وزير السياحة فادي عبّود الذي أحال عليه ملفاً يتضمن المعطيات الكاملة للمخالفات الدستورية والقانونية التي تنطوي عليها عملية منح هذا الامتياز وتمديد مدّته مرّات عدّة، ومخالفات الشركة لواجباتها في عقد الاستثمار وشروطه المالية، وشكاوى بلدية جعيتا من تجاوزات هذه الشركة وتعدّيها على حقوق الغير. إلا أن مجلس الوزراء قرّر حينها تأليف لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وعضوية عدد من الوزارات، وذلك لإعداد تقرير عن ملف استثمار المغارة ورفعه مع الاقتراحات المناسبة. لكن هذه اللجنة لم تُنجز عملها، ولم ترفع تقريرها، ما دفع الوزير عبّود إلى طلب إعادة طرح ملفه بكتاب أرسله إلى الأمانة العامّة لمجلس الوزراء في 15 أيلول الماضي، ولقد تقرّر تأخير بتّ طلب عبود تفادياً للإحراج، لكون مغارة جعيتا كانت تخوض المنافسة على مسابقة عجائب الدنيا السبع الإلكترونية، والتي تبيّن أنها خدعة تجارية تقوم بها شركة تتلطى خلف جمعية غير حكومية مسجلة في سويسرا.
بدأت قصّة شركة «ماباس» مع جعيتا عندما صدر عن وزير السياحة حينها (نقولا فتوش) القرار رقم 186 بتاريخ 18/11/1993، الذي أعطى بموجبه الشركة حق استثمار مرفق جعيتا السياحي لمدة 18 سنة، تبدأ بعد سنة ونصف من تاريخ إبلاغ الشركة القرار، إلا أن الوزير نفسه عاد وأصدر القرار رقم 27 بتاريخ 18/3/1995، الذي قضى بتمديد مدة الاستثمار لتصبح 21 سنة بدلاً من 18 سنة، ثم عاد بتاريخ 12/11/1997، وأعطاها مدة 4 سنوات إضافية على مدة الاستثمار، كذلك أصدر وزير السياحة السابق جوزف سركيس القرار رقم 181 بتاريخ 20/11/2007، الذي قضى بتمديد مدة الاستثمار 4 سنوات إضافية، وبذلك ارتفعت مدة الاستثمار من 18 سنة إلى 29 سنة تنتهي في عام 2022.
مصدر في بلدية جعيتا التي تتابع الملف، أكد لـ«الأخبار» أن أقصى ما يطمح إليه أهالي جعيتا هو إبطال مجلس الوزراء لقراري التمديد عام 1997 وعام 2007، لكون العقد الأساسي والتمديد الأول قد شارفا على الانتهاء، وبذلك يحق للدولة استرداد إدارة مغارة جعيتا في عام 2014. ولفت المصدر إلى أن قرار البلدية إزالة مخالفات شركة ماباس على طريق عام جعيتا ليس إلا جزءاً يسيراً من الأمور الواجب على البلدية القيام بها لرفع التعديات وحفظ الحقوق العامة والخاصة.


Script executed in 0.18612909317017