وأبدى تفهمه «لموقف لبنان بالنأي بالنفس عما يجري في محيطه العربي نظراً لخصوصية موقع لبنان وعلاقاته التاريخية بالدول العربية». وأكد لميقاتي أن فرنسا جاهزة لتقديم كل الدعم للبنان في المجالات الاقتصادية والتقنية».
وعقد الرئيس الفرنسي مع ميقاتي اجتماعاً استمر ثلاثة أرباع الساعة بحضور سفير لبنان في فرنسا بطرس عساكر وسفير فرنسا في لبنان دوني بيتون.
من جهته، قال ميقاتي بعد الزيارة في تصريح: سعدت باللقاء مع الرئيس الفرنسي ساركوزي وتطرقنا بالحديث الى العلاقات الثنائية بين البلدين، وكما تعلمون فإن هذه العلاقات قوية على الصعد الثقافية والتربوية والاقتصادية. طبعاً تناولنا الموضوع السياسي والأهم هو وجود القوات الدولية في جنوب لبنان والمساهمة الفرنسية القيمة فيها.
أضاف: في خلال الحديث عن القوات الدولية طلبت من الرئيس الفرنسي أن يقوم بالضغط اللازم على اسرائيل لوقف خروقاتها البرية والبحرية والجوية للسيادة اللبنانية، وكذلك وقف أعمال التجسس ضد لبنان. كما تطرقنا طبعاً الى الواقع العربي والوضع في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام، وأكدت للرئيس الفرنسي الموقف اللبناني بعزل لبنان عن كل هذه التطورات، لأن الاساس بالنسبة لي هو الوضع اللبناني والاستقرار في لبنان، وطلبت من الرئيس الفرنسي دعم هذا الموقف اللبناني حيث بدا متفهماً جداً ووعد بدعم هذا الموضوع. بكل صراحة أقول كان اللقاء مع الرئيس ساركوزي جيداً جداً، والعلاقة بين لبنان وفرنسا ليست علاقة شخصية بل هي علاقة تاريخية بين بلدين على الصعد كافة، وقد شعرت بمدى حرص الرئيس الفرنسي على سيادة لبنان واستقلاله.
ورداً على سؤال عن الموقف الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي قال ميقاتي: ان الرئيس ساركوزي أكد في خلال اللقاء دعم لبنان وما أقوم به في سبيل المحافظة على الاستقرار في لبنان. كما أكد حرصه على ان يكون لبنان بعيداً عن أي توتر.
أضاف: أكدت للرئيس ساركوزي أننا في لبنان لدينا كل يوم ربيع عربي ولكن الأساس، قبل أن نتحدث عن أي ربيع عربي، أن نتحدث عن غروب الحروب في المنطقة وقيام فجر السلام فيها، وأن المطلوب هو حل القضية الفلسطينية على اساس مبادرة السلام العربية التي أطلقت في بيروت عام 2002 والسعي لتحقيق السلام في المنطقة، لأن هذا السلام هو الأساس، وليس كل التحركات التي تحصل اليوم. مع احترامي لكل ما يجري اليوم فإذا لم يحصل سلام في المنطقة فلن يكون هناك استقرار.
وقال رداً على سؤال عن موضوع دعم الفرنسيين للجيش اللبناني: عرضنا في خلال اللقاء موضوع القرار 1701 الذي يتضمن مساعدة الجيش اللبناني لكي يحل محل القوات الدولية، وقد شكرت للرئيس الفرنسي المساعدة الفرنسية الأخيرة للجيش اللبناني وطلبت المزيد لمساعدة الجيش اللبناني وزيادة إمكاناته.
بعد ذلك انتقل ميقاتي الى مقر رئاسة الحكومة الفرنسية حيث استقبله رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون بحضور سفير لبنان في فرنسا بطرس عساكر وسفير فرنسا في لبنان دوني بيتون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتناول البحث العلاقات الثنائية وملفات التعاون بين البلدين.
كذلك زار ميقاتي رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جان بيار بيل بحضور سفير لبنان في فرنسا بطرس عساكر وسفير فرنسا في لبنان دوني بيتون، وتناول البحث العلاقات التاريخية والدائمة بين لبنان وفرنسا.
وحرص رئيس مجلس الشيوخ على اصطحاب ميقاتي في ختام اللقاء الى كنيسة ماري دو ميديسيس في مقر مجلس الشيوخ، حيث احتفل البطريرك أنطوان عريضه بأول قداس ماروني في فرنسا، بعيد اعلان دولة لبنان الكبير.
وفي ختام الزيارة دوّن ميقاتي الكلمة الآتية في سجل مجلس الشيوخ: يسرني زيارة هذا المقر الكبير في الجمهورية الفرنسية، مجلس الشيوخ الفرنسي، الذي لطالما دافع عن سيادة واستقلال لبنان، والصداقة التي تربط فرنسا ولبنان خير دليل على ذلك.
وكان ميقاتي أكد في بداية زيارته الرسمية الى فرنسا، «متانة العلاقات بين لبنان وفرنسا»، مشددا على «أهمية الاستمرار في تفعيلها في المجالات كافة». كما شدد على أنه «لطالما اعتبرنا فرنسا بوابتنا إلى أوروبا، مثلما لبنان هو بوابة العبور نحو العالم العربي».
وأشار الى ان الرئيس الفرنسي وسائر المسؤولين الفرنسيين يتفهمون تماماً الظروف اللبنانية والجغرافية السياسية الموجود فيها لبنان، «وبالتالي سأقول موقفي وهو أنه لا يمكن أن يستعمل لبنان ممراً للتآمر أو لكي نكون في خصومة مع أي دولة عربية وهذا قرار نلتزم به».
وكان ميقاتي وصل الى باريس ليل أول أمس وبدأ صباح امس زيارة رسمية، بدعوة من نظيره الفرنسي فرنسوا فيون.
وأقيمت لميقاتي صباحا مراسم الاستقبال الرسمية في باحة المتحف العسكري، حيث كان في استقباله وزير النقل الفرنسي تيري مارياني.
تجمع رجال الاعمال
وزار ميقاتي مقر تجمع رجال الاعمال الفرنسي (MEDEF) حيث عقد اجتماعا مع أعضائه شارك فيه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، سفير لبنان في فرنسا بطرس عساكر وسفير فرنسا في لبنان دوني بييتون.
بداية رحب الرئيس العالمي للتجمع جان بورال بميقاتي وقال: اسمحوا لي أولاً أن أرحب بالرئيس ميقاتي في تجمع رجال الأعمال، وهو تجمع لا يتعاطى السياسة، انما هو تجمع رجال أعمال يرغبون في تطوير أعمالهم بين فرنسا ولبنان وزيادة حجم استثماراتهم والعمل في مجالي الاستيراد والتصدير والتعرف على بعضهم البعض. كما تعلمون فإن لبنان يحظى باهتمام كبير من قبل تجمع رجال الأعمال، ونحن ننظم اجتماعات حول لبنان ونرسل وفوداً اليه بشكل منتظم، لذا فإننا نقدر زيارتكم ونتطلع وزملائي للاستماع للكلمة التي ستلقونها.
أضاف: لن أسهب بالحديث عن الاقتصاد اللبناني، لكن اسمحوا لي أن أذكر أنه بعد سنتين من الصعوبات على الصعيد المالي 2010 و2011، فإن التوقعات الخاصة بلبنان للعام 2012، وفق البنك الدولي، ممتازة، اذ يتم الحديث عن ارتفاع في حجم الناتج الاجمالي العام بنسبة تقارب أربعة في المئة.
وقال: دولة الرئيس أنتم قادمون من عالم الأعمال، إذ قمتم بإدارة شركة اتصالات كبيرة في الشرق الاوسط، لذا فأنتم تدركون تماماً هموم رجال الاعمال الذين يسعون دوماً لاتخاذ قرارات صحيحة. نحن صانعو قرار لذلك يجب أن تتوافر لدينا المعلومات قبل البت بالأمور. وفي بلد مثل بلدكم، يجب تحديث هذه المعلومات بشكل منتظم. ان الشركات الفرنسية الكبرى متواجدة في لبنان والشركات الفرنسية التسعون توظف ما يقارب 5000 شخص وهذا أمر جيد الا أنه يجب ألا يرضي أياً منا.
ثم تحدث ميقاتي فقال: من المهم التوصل للغة اقتصادية مشتركة تمكننا من تحقيق التقارب بين بلدينا وضمان استفادة جميع المواطنين من هذا التقارب. لقد قام لبنان على القانون وحرية الفكر والاقتصاد، ولطالما دافع اللبنانيون عن مبادئ الاقتصاد الحر، وعلى الرغم من الحرب التي دامت من العام 1975 حتى العام 1990، احتفظ أصحاب الأملاك بممتلكاتهم الخاصة. فلم يحصل في بلدنا أن تم وضع اليد على أية أصول تعود للمستثمر، لا بل أؤكد لكم أنه في حالات عديدة أصدرت المحاكم اللبنانية أحكاماً لصالح القطاع الخاص في مواجهة الدولة.
أضاف: إن نظامنا المالي الذي لا يزال يطبق السرية المصرفية يدير ودائع تمثل ثلاثة اضعاف حجم الناتج المحلي الاجمالي. كما أنه لدينا في لبنان نظام تعليم ممتاز يقوم بتدريب وإعداد يد عاملة مؤهلة.
وقال: أنتم أمام فرصة للاستثمار في بلد يعتمد اقتصاد السوق ويحترم قانون القطاع الخاص ويدرب يداً عاملة مؤهلة ويؤمّن مزايا ضريبية ويطبق السرية المصرفية والتناوب على السلطة السياسية، ويتمتع بنوعية حياة جيدة لكن غالباً ما تعكس الصحف عكس ذلك على الرغم من الاستقرار السائد. ان فرص الاستثمار متوفرة في العديد من القطاعات: الصحة والتعليم والاتصالات والبرمجة والمياه والبنية التحتية والنقل والنسيج والكهرباء، ويوشك لبنان أن يصبح بلداً منتجاً للغاز.
وقال: تعود العلاقات الاقتصادية والتجارية بين لبنان وفرنسا الى زمن بعيد جداً، ولطالما اعتبرنا فرنسا بوابتنا إلى أوروبا. وعليكم أنتم أيضاً اعتبار لبنان بوابةً نحو العالم العربي. وأنا أدعوكم لتحويل لبنان مركزاً لأعمالكم في منطقة الشرق الأوسط.