أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الشعـب يريـد دخـول حـرج بيـروت

السبت 11 شباط , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,648 زائر

الشعـب يريـد دخـول حـرج بيـروت

 وكان سيل الاتهامات والاعتراضات يأتيه من كل حدب وصوب، من صالة مسرح «المدينة» التي ملأها جمهور شاب في معظمه. فعلى الرغم من تأكيده أنه عازم على إعادة فتح الحرج أمام العامة، لكن لفترة تجريبية بدءاً من أواخر العام الحالي، «إذا سمحت الظروف»، أعرب الحضور عن عدم رضاه، لا بل عن امتعاضه من إصرار حمد على «تدوير الزوايا». والمقصود، محاولته عدم وضع جدول زمني محدد وصريح لإعادة فتح الحرج الذي هو ملك للعامة، وفقاً للقانون، أولاً. واشتراطه على عملية إعادة فتحه ببند «التجربة»، ما يعني إعادة إقفاله إذا ارتأى حمد أن تلك التجربة أثببت فشلها. والمسألة الأهم، بالنسبة إلى الحضور، هي عدم اعترافه بأنه يخرق القانون بالإبقاء عليه مقفلاً.

هكذا بقي الجمهور الحاضر يواجه حمد لنحو ساعتين، مصراً على إعادة فتح الحرج من دون أي شروط.

بدا واضحاً أن مناصرة إعادة فتح الحرج لا تكبّد الكثير من العناء، إذ يكفي الاطلاع على الصور التي استقبلت الحضور قبل اللقاء، لتكوين موقف مناصر. فما من دولة في العالم تسيّج أشجاراً وخضاراً وطبيعة جميلة بأسلاك شائكة، وتمنعها عن العموم. لا بل أكثر تفتحها أمام عدد من الأجانب، «المصنّفين درجة أولى» وفق ما قاله أحد الحاضرين تهكماً. ولعلّها النقطة الأبرز التي أثارت امتعاض أكثر من مشارك واصفينها بـ«المهينة». إلى ذلك، لم ينبع غضب الحضور من مسألة الأجانب فحسب، بل أيضاً من أحاديث عن أسباب منع العموم من دخول الحرج، أهمها تجنّب المشاكل السياسية على اعتبار أنه مرفق يفصل بين منطقتين من لونين مذهبيين.

ورد هذا السبب ضمن الأسباب الموجبة للإقفال التي عدّدها حمد. قال: «دمرّ الاجتياح الاسرائيلي الحرج سنة 1982، فقرر الرئيس رفيق الحريري سنة 1990، إعادة تأهيله من خلال اتفاقية بين بلدية بيروت ومقاطعة «إيل دو فرانس» و«مجلس الإنماء والإعمار»، تنصّ على زرع الشجر وتأهيله بمقاعد بحيرة اصطناعية وغيرها من المسائل.. لكنهم ارتأوا يومها أن إعادة فتحه أمام الناس ممكن أن تعرّضه للتخريب، وتحويله إلى مكان لـ«pic-nic» وشرب الأراكيل، أو مكان منافٍ للأخلاق أو للجدال السياسي». وأوضح حمد الذي استهل كلمته، بـ«النوستالجيا»، أنه ورث «الإقفال». وقد حاول استباق الاعتراض عليه بالإشارة إلى أنه فعلياً لا يملك أي سلطة وأن «رئيس بلدية أصغر قرية في لبنان لديه سلطة أكثر مني»، لافتاً إلى أن أذونات الدخول إلى الحرج منوطة بمحافظ بيروت، الذي يصرّ على شرط بلوغ الزائر سنّ الخامسة والثلاثين عاماً.

لكنّ حمد أعلن تلزيمه لشركة خاصة تأمين الحراسة «تلافياً لسوء استغلال الحرج»، ثم أضاف: «لدي متعهد للصيانة سأمسكه بيده التي تؤلمه، وفق المثل اللبناني، ثم سأجتمع مع الجمعيات البيئية للوقوف عند رأيها. ومع نهاية تلك التحضيرات نُعيد فتح الحرج، ومساحته 350 ألف متر مربع، وتكون فترة تجربة وتحدّ لي، كرئيس بلدية، وللزوار. فإذا فشلنا فسنعيد إقفاله ونبحث الأسباب».

استهل المحامي نزار صاغية مداخلته، من «وراثة» حمد «أسباب إقفال الحرج»، فقال: «لقد ورثت مخالفة قانونية، وأنت مستمر بها، كأن رئيس البلدية هو صاحب الحق بإقفال او فتح الحرج».

أضاف: «قضية حرج بيروت تشبه قضية وسط المدينة والشاطئ اللبناني وغيرهما من الأماكن العامة التي منعت عن العامة وفتحت أمام فئة معيّنة من الناس». وانتقد فكرة فترة التجربة، واعتبرها مرفوضة، مشيراً إلى أنه «ما من بلد يحترم نفسه، يسمح للأجنبي بدخول مرفق عام ويمنعه عن المواطن». وعلّق على موضوع الاستعانة بشركة خاصة «لأنه بحسب الخطة، سيقفل الحرج بعد إعادة الفتح مجدداً، وتبقى الشركة المعنية مهتمة به بموجب عقد».

وشرح لماذا يُعد إقفال حرج بيروت غير قانوني. فأوضح أن «هناك فرقاً بين ما هو ملك للدولة وما هو ملك عام. والملك العام يجب أن بكون دائماً مفتوحاً أمام الجميع ومجاناً». ولفت إلى أن حرج بيروت اعتبر دائماً حرج العيد. وأكد أنه إذا امتنعت الإدارات المختصة عن اعتبار الحرج مكاناً عاماً فيمكن للقضاء أن يعلن ذلك، مثلما فعل مجلس شورى الدولة الفرنسي، حين حدّد الأماكن التي تعتبر أحراجاً عامة في البلد. ونبّه إلى أن بعض الوثائق الخاصة ببلدية بيروت تؤكد على أن حرج بيروت هو مكان عام.

تعليقاً، أشار حمد إلى أن فشل فترة التجربة لا يعني بتاتاً عدم إعادة فتح الحرج من جديد «وإنما بعد فترة درس للأسباب التي أدّت إلى التجربة الاولى».

من جهته، أعلن المهندس إيريك بوفار من مقاطعة إيل دو فرانس أن تدخلهم يهدف إلى المساعدة في إعادة تأهيل الحرج. وساند حمد قائلاً: «إعادة فتح الحرج لا يمكن أن تتم بين ليلة وضحاها».

في اللقاء حاول رئيس مؤسسة «نحن» محمد أيوب أن يكون أكثر عملياً وطالب بموعد محدد وصريح لإعادة فتح الحرج، معتبراً أن ثلاثة إلى أربعة أشهر تكفي لفتحه، لا سيما أن الصيف قريب. وإذ أكد على أهمية وضع أسس للدخول وجدول بالمسموح والممنوع من الأمور، لفت إلى أن مسألة وضع نظام خاص بالحرج لا تستهلك من الوقت إلا ساعة واحدة.

وفي رأيه «المكان يربي عادات لدى المواطن، فكيف نربي وطناً اذا لم يكن هناك ساحة وحرج وشاطئ..؟» معلقاً بأن نسب التسرّب من المدارس والمخدرات لا تأتي من فراغ. وقال: «عملية إعادة تأهيل الحرج يجب أن تراعي الناس الذين سيدخلونه، لأنه لا يمكن قولبة الناس بحسب الأماكن العامة». وسأل: «كيف يمكن إدارة بلد إذا فشلنا في إدارة 350 ألف متر مربع.

بعد المداخلات الأربع، دارت تعليقات الحضور ومعظمها في فلك إعادة فتح الحرج سريعاً ومن دون شروط. وهناك من طالب بالاستعانة بطلاب الجامعات لحراسة الحرج بدلا من أن «تذهب الأتعاب إلى شركات خاصة».

على اثر ردود الفعل المصرّة على إعادة الفتح السريع وغير المشروط، دعا حمد أيوب إلى تشكيل وفد لتدارس الموضوع. وحُدد اللقاء يوم الاثنين في 20 الجاري. 


Script executed in 0.19396090507507