كما خففت الإجراءات الأمنية للجيش اللبناني، والتي أتت بعد نحو أسبوع على حملة المداهمات التي قام بها في قرى وادي خالد وأكروم، من الاحتقان والخوف لدى سكان القرى الحدودية، وذلك بعد تدهور الأوضاع الأمنية في بلداتهم وتزايد الحديث عن وجود مجموعات مسلحة من المعارضين السوريين ومن جنسيات أخرى، تتحرك بحرية كبيرة مع مغيب الشمس وتتواجد بكثرة في القرى الحدودية المتقدمة. وهي التي كانت تقوم بشكل مستمر بحسب أهالي وادي خالد «بالإغارة على الجيش السوري، الأمر الذي كان يؤدي إلى تعريض المنازل الحدودية لنيران وقذائف الجيش السوري الذي كان يحمي مواقعه ويرد على المسلحين».
وبغض النظر عما يمكن أن يقدمه البعض من تبريرات سياسية أو غيرها فإن التجول في المنطقة، والحديث مع أبنائها يؤكدان أن العملية الأمنية التي قام بها الجيش اللبناني وشملت استقدام ملالات وآليات عسكرية، وتسيير دوريات مكثفة في الشوارع، إضافة إلى تعزيز تواجده في «مركز القوة المشتركة لضبط الحدود» في بلدة حنيدر، وتمركزه في الكنيسة لجهة الغرب، واستقدام ملالة إلى معبر الكنيسة الحدودي مع بلدات هيت والبويت والقصير، قد أدخلت الطمأنينة إلى أهالي تلك القرى الذين طالبوا مراراً باستحداث نقطة للجيش اللبناني على ذلك المعبر لحمايتهم أثناء قيامهم بالأعمال الزراعية المتاخمة للمعبر. كما أن المنطقة تعد الأكثر سخونة جراء محاولة استخدامها المستمرة من قبل المسلحين، الأمر الذي دفع بالمخاتير وأهالي المنازل المجاورة إلى اتخاذ تدابير الحماية الذاتية ومنع «أي غريب»، على حد تعبيرهم، من التوجه ليلاً إلى المعبر في بلدة حنيدر. وذلك لكونه المعبر الأكثر حيوية بالنسبة لأهالي القرى الحدودية جراء تواصلهم مباشرة مع الداخل السوري في بلدتي هيت والبويت، حيث يقطن العديد من اللبنانيين الذين عانوا كثيرا جراء إقفال المعبر الترابي من قبل الجيش السوري، وهو ما دفع بأهالي حنيدر والكنيسة مرار إلى مناشدة «المجلس الأعلى اللبناني السوري» بـ «استحداث نقطة أو ممر لأهالي المنطقة بإشراف الجيش، للسماح لهم بالدخول إلى الأراضي السورية، حيث يملكون منازل وأراضي إضافة إلى مطالبتهم بالسماح لطلاب المدارس والأساتذة بالدخول والخروج».
وأكد مختار بلدة الكنيسة علي المحمود «دعم الأهالي الكامل لخطوة الجيش اللبناني الذي خفف كثيرا من الاحتقان في المنطقة». كما رحب مختار وادي خالد طلال العلي بإجراءات الجيش، مؤكدا أن «منازلنا مفتوحة لعناصر الجيش ولأي إجراء يقومون به من شأنه التخفيف من حدة الاحتقان في المنطقة». وحذر الشيخ محمد الشيخ (من كبار وجهاء عشيرة العتيق) من «بعض المأجورين الذين يتواصلون مع وسائل الإعلام، ويصورون المنطقة كأنها في حالة حرب»، لافتا إلى أنه «لا علاقة لنا بما يقوم به الجيش السوري داخل أراضيه لجهة زرع الألغام والتعزيز من إجراءاته، لأنه يحمي حدوده وهذا حق له»، مؤكداً أن «الخوف ليس من الجيش السوري، بل من المرتزقة الذين يقومون بإطلاق النار باتجاه مراكز الجيش وهو ما حصل مراراً»، مطالبا بـ«أن يقوم الجيش اللبناني بوضع حد لهؤلاء».
وفي هذا السياق أصدرت فعاليات المشاتي، ورئيس بلدية مشتى حسن حمزة الأحمد، ورئيس بلدية المقيبلة علي السعيد، بيانا أمس، رحبوا فيه بخطوة الجيش «التي نتمنى أن تكون بشكل دائم وليست موقتة»، معتبرين أن «الخطوة جاءت في الوقت المناسب بعد كثرة الأقاويل والمخاوف لدى أهالي القرى الحدودية، كما أن الجيش قام بقطع الطريق على كل من تساوره نفسه القيام بعمليات أمنية من شأنها زج المنطقة في المجهول». وتمنى البيان «على نواب المنطقة وبعض وسائل الاعلام، الذين يقومون بتحريض الأهالي ودبّ الرعب في نفوسهم، جراء المبالغة في الأحداث، أن يهتموا بشؤون المنطقة الإنمائية، وبالأحوال المعيشية للأهالي الذين يعانون الأمرين بعد انقطاع التواصل مع سوريا الأمر الذي زاد من الضغوط الاقتصادية التي بدأت تهدد لقمة عيش البسطاء منهم ممن حرموا من التدفئة بسبب انقطاع المازوت من سوريا، وفقدوا قدرتهم الشرائية للحصول على السلع الرئيسة التي كانت تتوفر لهم بأسعار زهيدة».
وفي المواقف، استغرب «رئيس التجمع الشعبي العكاري» النائب السابق وجيه البعريني خلال مؤتمر صحافي عقده أمس «الحملة من قبل بعض النواب حديثي العهد بالسياسة، والمستغرب أن يستخدم الرئيس السنيورة عبارة «اقتحام الجيش لمناطق»، ونقول له: وهل تحرك الجيش اللبناني لِحفظ الأمن والاستقرار يعد اقتحاما؟»، داعيا أبناء عكار إلى «احتضان الجيش لأنه الضمانة لتحصين الوحدة الوطنية والقومية ولمواجهة المشاريع التآمرية على البلد». وأعلن النائب معين المرعبي في بيان له أن «أهالي عكار وفعالياتها ونوابها، يرحبون أشد ترحيب بفلذات أكبادهم من جيشهم اللبناني الحبيب، ويشكرون رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جان قهوجي على القرار الوطني الحكيم، الذي اتخذوه والذي من شأنه احباط أي محاولة لاختراق الحدود، وبما يحمي أهلنا في هذه المناطق التي هي بالأساس خزان الجيش اللبناني».
من جهة أخرى، أدى انفجار لغم ارضي عند معبر البني على مجرى النهر الكبير على الجانب السوري من الحدود بين بلدة المقيبلة اللبنانية وبلدة المشيرفة السورية أمس، إلى إصابة أ. م. خضر (من بلدة المشيرفة السورية) إصابة بليغة في ساقيه أدت إلى بتر احدهما. وعملت سيارة إسعاف تابعة لـ «الجمعية الطبية الإسلامية» على نقله إلى «مستشفى سيدة السلام» في القبيات. ومن ثم قام «الصليب الأحمر» بنقله إلى «مستشفى طرابلس الحكومي» للمعالجة نظراً لخطورة وضعه الصحي.