أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«أحلامك حلوة» يا معالي الوزير

الأربعاء 15 شباط , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,975 زائر

«أحلامك حلوة» يا معالي الوزير

أول من أمس، ظهر الرئيس رفيق الحريري في منام النائب مروان حمادة. لم يستطع حمادة أن يخفي حلمه الدافئ عن النائبة بهيّة الحريري. وقف أمامها بخشوع، أمس، في مقهى «الإتوال» في ساحة النجمة، وأطلعها عليه فوراً. تحسب لحمادة رباطة جأشهِ رغم تأثره الواضح. فهو لم يكتف بإعلان الحلم، بل شرحه تفصيليّاً: «لا تحزني، رأيته وكان مبتسماً». ثم أومأ برأسه مطمئناً. فاض الصمت عن الواقع. الموقف مؤثر. الرئيس الراحل مبتسم في منام الشهيد الحيّ. ثمة تبادل للابتسامات، بين الشهيدين، الراحل والحيّ، عبر الأحلام إذاً. حمادة، الذي وصل باكراً، تزامناً مع وصول نائبي الحزب التقدمي الاشتراكي، أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور، لشرب القهوة، أخرج من جيوبه أحلاماً كثيرة أمس. فإلى المشهد السوريالي، المشبع بالابتسام، أطلع حمادة رجلاً آخر قدم لإحياء «ذكرى المقهى» أنه رآه هو الآخر في المنام وأنه «سيصبح نائباً في الدورة الانتخابيّة المقبلة».


للأسف، لم تكن جاكلين حاضرة، لتفسّر هذا الكم من أحلام حمادة، غير أن النتيجة، بلا شك، أن الجميع قال في سرّه «أحلامك حلوة» يا معالي الوزير. شيئاً فشيئاً، بدأ النواب يتهامسون في ما بينهم «رؤية» مروان حمادة. طبعاً حدث خلاف «طفيف» في التفاسير، لكن عموماً ساد الرضى. كان ينقص أن تظهر جاكلين وحسب، لتعلن: «أحلامك حلوة».

عملياً، كان لقاء أمس بمثابة استعادة محطة أساسيّة من ذاكرة كتلة المستقبل. هناك، في المساحة المسماة ساحة اصطلاحاً، رغم ضيقها فعلياً، حيث يتوثب الحمام الزاجل على المدينة، عادةً، في فيالق عديدة، تراجع الحمام إلى الخلف، ليلعب في الهواء وراء البرلمان، فيما تدفق النواب إلى المقهى. النائب غازي يوسف، كان حائراً، مرتبكاً، وحزيناً في الوقت عينه. جمع الصفات الأليمة كلها في وجهه. رغم كل شيء، كان نشطاً على نحوٍ لافت. مسح الأرض ذهاباً وإياباً من قلب المقهى إلى خارجه، كما أنه لم يستطع منع دموعه من التساقط. ذرف بعض الدموع على هامش اللقاء، التي انسلت على غفلةٍ منه، ما اضطره إلى خلع نظارته. على الأرجح، حاول أن يتماسك، أو يخفي الأمر، لكن النظارة سببت انكشاف أمره حين بكى. في أية حال، لم ينتبه أحد. كان الجميع مشغولاً بشرب «القهوة السعوديّة» وتناول التمور التي وزعت «عن روح الشهيد»، كما قال أحد عمال المقهى. في الواقع، نجح نواب الرابع عشر من آذار في استعادة المشهد كاملاً كما كان قبل اغتيال الرئيس المغدور. والذي لا يعرف القصة من أساسها، سيخال أن ما حدث هو تبديل طفيف، بين الرئيس الحريري وشقيقته، إذ كان الجميع ملتفاً حول النائبة، في مشهدٍ يتطابق تطابقاً دقيقاً مع جلسات الحريري الشقيق في المجلس ومحيطه. كان الرئيس «العرّاب»، وأمس لم تختلف صورة النائبة بهيّة عنه بشيء، إذا استثنينا النواب الحاضرين، ممن كانوا على عداء مع الحريري في أيام «القهوة بالإتوال»، كالنائب تمام سلام مثلاً، أو نواب القوات اللبنانيّة، الذين لم يكونوا نواباً كما هو معروف، بسبب ظروف الوصاية السورية. وطبعاً، لم يكن نجل السيدة بهيّة أحمد بهذا الحضور «المهيب». كان مهيباً بالفعل، حين ألقى خطاباً عبر إحدى الوسائل الإعلاميّة، تزامناً مع هبوط وفد من بعيد أمام المقهى، حيث أدلى بتصريحه. بدا الوفد شعبياً على نقيض الجالسين في المقهى، إذ لا ربطات عنق تلف رقابهم، وليس من بينهم من يحمل «السيجار». كانوا أشخاصاً حقيقيين أحبوا الرئيس الحريري بحق، وهتفوا لابن شقيقه، الذي يشبهه خلقياً إلى حدٍ بعيد.

وفيما روى أحد الزملاء الذي كان مقرباً من الراحل، قصة «الفنجان الأخير»، للمرة الألف، سمع بعض الحاضرين القصة كأنها حدثت أمس. كأنها ليست السنة السابعة على الرحيل. هذا ما يسمى بالوفاء. وحدث أكثر من ذلك. تأججت المشاعر فأفرزت تصفيقاً حاداً، حين وصلت «الشهيدة الحيّة». على مهلها، نظراً إلى وضعها الصحي الصعب، نزلت الإعلاميّة مي شدياق، لتشرب بدورها فنجان القهوة الأخير في «الإتوال». ربما، كانت مواقفها من الرئيس الحريري مختلفة قليلاً، حين كان يشرب القهوة في ساحة النجمة. لكن «اللي فات فات واللي مات مات». هي، أيضاً، صارت شهيدة، لكنها حيّة. أمس، أيضاً، «حنّت» النائبة السابقة نائلة معوّض إلى أيام «النضال». نزلت هي أيضاً إلى «الساحة»، لكن من دون «ميشو»، وارتشفت القهوة بشغف. المؤسف، أن المقهى لم يقدم «البونبون» إلى جانب القهوة.


Script executed in 0.17723608016968