عام مضى على الحركة الإحتجاجية في البحرين، هل أجرت جمعيات المعارضة في البحرين مراجعة حسابات؟ ماذا عن المتغيرات في خطاب المعارضة أو في تعاطي السلطات؟ وهل ستلتزم الجمعيات بما حددته من سقف لمطالبها؟ لماذا حيّدت المعارضة في أدبياتها استهداف "الملك" وصوبت السهام على الحكومة؟ وماذا عن الشعارات المرفوعة ومدى واقعيتها؟
الوفاق: يسقط حمد : تسقط صلاحيات حمد
يقول النائب السابق عن كتلة الوفاق المستقيلة جلال فيروز إن مطالب المعارضة ارتفعت بعد أن بات الشارع أكثر قناعة بضرورة رحيل الحكومة. وأضاف أن المعارضة طالبت في بداية الحراك بتداول سلمي للسطة، أما المطلوب اليوم فهو دستور عقدي جديد مشابه لدساتير الديمقراطيات العريقة التي يختار فيها الشعب من يحكمه.
وفي حديثه مع موقع المنار، اعتبر فيروز أنه بعد مرور عام على الاحتجاجات السلمية في البحرين، بات الحراك الشعبي ذاتي الدفع دون أن يحتاج إلى محرك.
وأردف أن المعارضة في البحرين تميز في تعاطيها مع النظام البحريني بين جهتين، جهة تحاول فرض القهر والعسكرة وهي مدعومة من قبل الجناح المتشدد في الأسرة الحاكمة، وجهة أخرى ترى بأن الحل الأمني لن يكون مفيداً وأنه لابد من ترك باب لحوار جدي مع المعارضة.
وقال النائب السابق عن كتلة الوفاق المستقيلة بأن الجمعية تطالب بأن تتحول البحرين إلى مملكة ديمقراطية كما في بريطانيا وهولندا، وأنها عندما تتحدث في أدبياتها السياسية عن ملكية دستورية فإنها لا تعني إسقاط الملك كشخص بل إسقاط صلاحيات الملك التنفيذية.
وأشار أن المعارضة البحرينية حققت الكثير من الانجازات من خلال تحركاتها خلال العام الماضي، كون البحرين باتت اليوم مادة أساسية في أخبار وسائل الإعلام العالمية وفي ملفات المنظمات الحقوقية، لافتاً أن حديث أوباما عن ضرورة اجراء حوار جدي بين المعارضة والنظام كفيل بإيضاح نتائج الحراك الشعبي وصمود الجماهير واصرارها على متابعة نضالها السلمي.
كما أكد أن أوساط الجمعية تبدي خشية وتخوفاً من انفلات الشارع وعدم القدرة على ضبط الجماهير في حال استمرت السلطات في أعمال القتل والقمع، ولم تركن إلى المنطق والصواب، مستحضراً كلاماً لرئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم عندما سُئل مؤخراً في مؤتمر صحفي أن لجوء المعارضة السورية إلى العنف، فأجاب أن الشعب في سورية صبر سنة ومن حقه اليوم أن يحمل السلاح وان يلجأ للعنف، متسائلاً بدوره: "هل ينطبق ذلك على شعب البحرين الذي مازال يصبر على عمليات القمع والعنف؟"
وعد: المعارضة نجحت في كسب ثقة الشارع وجمعه حول مطالبها
من ناحيته اعتبر نائب أمين جمعية وعد رضي الموسوي أنه بعد مرور عام بات الشارع البحريني أكثر تمسكاً بمطالبته بمجلس تشريعي منتخب يمتلك كامل الصلاحيات، دون أن يشاركه أي مجلس معيّن، كما هو الحال في الوقت الحاضر.
وقال الموسوي لموقع المنار : لقد تأكد لنا أن لا مخرج لأزمة البحرين إلا بحل سياسي، وهذا ما كنا نطالب به من عشر سنوات، وبتنا مقتنعين بضرورته بعد أن تحول البلد خلال هذا العام إلى مزارع خاصة استشرى فيها الفساد المالي والسياسي والأمني.
وأشار إلى أن المعارضة البحرينية هي اليوم بأفضل حالاتها، لأنها نجحت في كسب ثقة الشعب البحريني، وتحويل ما كان يوصف في السابق بأنه مطلباً فئوياً إلى مطلب جامع للشعب.
وتابع: "رغم القمع والحالة الأمنية الضاغطة مازلنا نتابع ونطالب بدولة مدنية تمثل كافة مكونات الشعب البحريني. نحن لم نتوقف عن التحركات وسبق وأن زرنا القاهرة، وحاولنا أن نلتقي بأمين عام الجامعة العربية، لكن الأبواب أوصدت بوجهنا. فالتقينا بشخصيات سياسية وأطلعناهم على وثيقة المنامة - الوثيقة المشتركة للمعارضة السياسية- وتفاجؤوا كيف يتم رفض هكذا مطالب".
العمل الإسلامي: ميزان القوة متغيّر وهو دائماً لصالح الشعوب
من ناحيته، اعتبر القيادي في تيار العمل الإسلامي السيد جعفر العلوي أن إسقاط النظام هو شعار رفعه التيار منذ أربعين عاماً، وأن التضحيات الجمّة التي قدمها الشعب لا يليق بها إلا إحداث تغيير جذري وكامل.
وتساءل كيف أن السلطات التي لم تحقق أبسط الإصلاحات ستقبل بمطلب الحكومة المنتخبة؟ وكيف سيقبل من في الحكم بمطلب إن تحقق فهو سيكون الطريق لعزله والإنهاء على استبداده؟
وقال العلوي إن تعاطي النظام مع الشعب على مدى عام كامل من الإحتجاجات أثبت للتيار أن الرؤية الصحيحة هي التصعيد مع النظام حتى الوصول إلى لحظة اسقاطه. وعن واقعية تحقق مطلب اسقاط النظام، أجاب العلوي أن الشعوب عندما قاومت لم تكن القوة دائماً في ميزانها إلا أن ميزان القوة يتغير بسبب الإصرار والتوكل على الله، لافتاً إلى الثورة الإسلامية في ايران التي تحققت بقيادة الإمام الخميني (قدس سره) وإلى تجربة المقاومة الإسلامية في لبنان.
وأوضح القيادي في تيار العمل الإسلامي أن الإختلافات بين تيارات وقوى المعارضة البحرينية هي إختلافات نظرية وليست عملية، لأن آلة القمع الخليفية لا تستثني أحداً تقتل وتعتقل وتعدتي على الجميع، مشيراً إلى ضرورة وجود مجلس أعلى للمعارضة يقود الحراك اليوم حتى ولو اختلف أعضاؤه في بعض التفاصيل الصغيرة.
التجمع القومي: النظام يريد تحويل الحراك المطلبي الى صراع طائفي
وفي مقابلة مع موقع المنار، أشار الأمين العام للتجمع القومي الدكتور حسن العالي أن خطاب المعارضة البحرينية لم يتغير، سواء لناحية المطالب المرفوعة أم لناحية مبادئ عملها. وفسر أن التجمع القومي دعا منذ بداية الحراك إلى تسوية الأزمة من خلال حوار جدي، وإلى رفض المتاجرة بالمطالب الوطنية أو تصوير ما يجري في البحرين على أنه صراع طائفي.
وقال العالي إنه خلال عام كامل اتضح للمعارضة أن السلطة غير راغبة وغير جادة في الاستماع للمطالب الوطنية، وانها تسعى لحرف مسار الحراك المطلبي ليتحوّل إلى صراع طائفي. فأجرت حوار وطني شكلي لم تشارك فيه المعارضة، وخرجت بتوصيات هشة وراحت تحاول فرضها، كما انها لم تنفذ توصيات لجنة تقصي الحقائق الملكية من اطلاق سراح المعتقلين وعودة المفصولين ومحاسبة المسؤولية عن الاستخدام المفرط للقوة.
وتابع : "اصرار النظام على عدم الاستجابة لمطالب الشعب يدفع إلى مزيد من التأزيم، وسيؤدي الى انهيار اقتصادي في البحرين"، مضيفاً أن المعارضة ليس لديها النية بالتراجع وهي مقبلة على مزيد من الفعاليات الجماهيرية لاستمرار الضغط في اطاره السلمي.
وعن سبب رفع شعار اصلاح النظام بدلاً من اسقاط النظام، أوضح أمين عام التجمع القومي أن المعارضة لا بد وأن تكون واقعية في طرحها السياسي وهي مقتنعة بضرورة التحول السلمي، وتأخذ بعين الإعتبار أن البحرين جزء من منظومة خليجية محكومة بظروف ومعطيات معينة، وهي متشابهة لناحية نظام الحكم السائد موجود، أي نظام حكم العائلة المتوارث عبر عشرات السنين، وكون البحرين حليفة للولايات المتحدة وتستضيف على أرضها هناك قاعدة عسكرية، بالاضافة إلى القناعة بضرور التحول السلمي.
المشيمع : المستقبل للشباب وللقوى الممانعة
بدوره أوضح نجل أمين عام حركة حق الناشط السياسي البحريني علي مشيمع أن الحركة لم ترفع في بداية التحرك شعار "يسقط حمد"، وأنها كما باقي الجمعيات السياسية كانت تدعم شعارات الإصلاح، إلا أن التعاطي الوحشي للنظام مع الاحتجاجات فرض تغييراً في الخطاب.
وفي حديث مع موقعنا، قال المشيمع بأن النظام يدرك بأن مطلب المملكة الدستورية مساوٍ بكلفته لمطلب اسقاط النظام الخليفي، وتابع: "عندما نطلب بملكية دستورية فكأننا نقول لآل خليفة وزارة الداخلية ليست تركة لكم، والشعب أحق منكم بوزارة الدفاع، وأن البحر الذي جعلتهم 3% من سواحله فقط للاستفادة العامة وأن الأراضي التي تمتلكون أكثر من 70% يجب أن يعودوا لصالح الشعب.. وهذا ما لا يمكن أن تقبله السلطة الحاكمة".
وأضاف "شخصياً أنا مقتنع بأن الشعب لا يمكن أن يتعايش مع نظام يستقدم قوات أجنبية لتستبيح بلاده وتقتل شعبه، ومع سلطات تدنس المقدسات وتعتدي على الحرمات".
وختم بأن الحديث عن عدم واقعية شعار اسقاط النظام فيه شيء من اللبس، إذ لم يكن أحد يتصور ما جرى في مصر وليبيا قبل أكثر من عام، وقال: "نحن نؤمن أن المستقبل للشباب وللقوى الممانعة والمقاومة، وليس لقوى الاعتدال وغيرهم، ونحن نؤمن بأن الكون متغير وأن القوة المطلقة لله، ولذلك فنحن لا نعوّل إلا على الله وعلى صبر الجماهير".