استمع الى الخطاب كاملاً. تحرك على ايقاع كلمات «السيد». صرخ عندما أعلن نصر الله ان هناك «اسلحة معروفة وأخرى مخبأة وغير معروفة». في مثل هذه المواقف كان رزق يجد نفسه واقفاً، قبضته تلوح في الهواء صارخاً «لبيك يا نصر الله». يجلس مجدداً مشدوداً الى الشاشة. «هذا السلاح هو لحماية بيروت ووضعها مقابل تل ابيب، او لوضع الضاحية مقابل تل ابيب» يقول سيد المقاومة. يقف الرجل مجدداً صارخاً «لبيك يا نصر الله» لكن بصوت اعلى هذه المرة. لم يكن رزق يعيش هذه الحالة وحده. فعلى هذا الايقاع تحرك الآلاف امس في «المجمع»، كما يطلق ابناء الضاحية على المكان.
امس كان السيد نصر الله كقائد اوركسترا، يحرك بموسيقى كلماته الآلاف، كيف لا يمكن ان يتفاعل معه الحضور وهو قد اعتاد المنبر منذ أن «كان عمري 15 عاماً». تحدث السيد عن كل شيء. حلل الوضع الاقليمي، وشرح موقف حزبه مما يجري من احداث في سوريا. «السيد» امس كان «آخر رواق»، يقول شاب حزبي. فنصر الله كان «مهضوم وبروّحلك همومك» يقول الشاب. في القسم الاول من الخطاب كان «الحكي الكبير» اي التحليل الاستراتيجي ورؤية «الحزب» لما يجري في المنطقة. اما في الشق الداخلي من الخطاب، فشعر الجميع بأنهم في ضيافة «السيد»، اي بمعنى آخر بدا أن كلاً من الحضور يشعر وكأن «السيد» يحدثه شخصياً.
الجمهور كان مشدوداً لكلمات «سماحته فهو خاطب عقولنا قبل قلوبنا» يقول محمد مستراح، الشاب الجامعي. ابن كلية الهندسة يحب المنطق في الكلام. فـ«السيد اظهر البيّنة لـ14 آذار من خلال خطابات قادتهم ومن صحفهم تحديداً». ما يطلبه الشاب العشريني حالياً هو ان تلتزم «جماعة 14 آذار، بما طلبوا من الحزب الالتزام به». يكمل الجميع الاستماع الى الخطاب. تعلو «صفرة» جماعية داخل قاعة «المجمع»، عندما يذكر نصر الله ان المبلغ الذي صرفته قوى 14 آذار في لبنان هو «3 مليارات دولار». في الشق الداخلي يطول الحديث يقول السيد «بتتحملوني بعد». يرد احد الحضور وكأن نصر الله سيسمعه «كمّل يا سيّد».
هكذا، انتظر الجميع نهاية الخطاب وما سيقوله نصر الله عن التفجيرات الاخيرة التي استهدفت اسرائيليين في الهند وجورجيا. «حكي عن اغتيال نائب رئيس الموساد في اسبانيا، قد تكون مفاجأة السيد لنا في آخر الخطاب»، يقول احمد حمود. السيد خيّب امل الشاب الثلاثيني لأن الرد على اغتيال «القائد العسكري للمقاومة سيكون رداً مشرفاً» وليس عبر استهداف دبلوماسيين. خيبة امل حمود بدّدها التوقع بالرد المشرف من قبل قيادة المقاومة، فأفراد عاديون لا يكفون دماء الشهيد مغنية. امس عاش الجميع مختلف المشاعر مع السيد نصر الله. في ختام الخطاب خرج الجميع مرتاحاً. فالسيد نصر الله مثل الـ«بلسم اذا بتحطه على الجرح بطيب»، يقول احد جرحى المقاومة المصاب في عينيه وهو يخرج من القاعة.
تنتهي كلمة السيد نصر الله، يبقى الرجل جالساً على كرسيه. «تخيّل ان يأتي مرافقوه لمساعدته على الوقوف الآن»، يعلق احدهم ضاحكاً من مشهد سعد الحريري في ذكرى 14 شباط. يضيف آخر: «شو السيد ما عندو شي يعمله غير الـSKI؟».