أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

لبنان والغاز: «إنت فين وإسرائيل فين؟»

الإثنين 20 شباط , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,064 زائر

لبنان والغاز: «إنت فين وإسرائيل فين؟»

الاتفاقات والتفاهمات التي توصّل اليها الطرفان يفترض أن تشعل ضوءاً أحمر في لبنان، وأن تدفع حكومته الى استغلال الأفضلية الجغرافية والسياسية التي يتمتع بها، والإسراع نحو البدء الفعلي في أعمال التنقيب واستخراج النفط والغاز.

صحيح أن زيارة نتنياهو فتحت آفاقاً جديدة لإسرائيل، في الأطر العسكرية والأمنية، من خلال الاتفاق على فتح المجالين الجوي والبحري لقبرص أمام الجيش الإسرائيلي، تحت عنوان حماية المنشآت الغازية في عرض المتوسط، إلا أن التداعيات على لبنان، من ناحية عسكرية، مقلصة جداً، ولن تغير كثيراً من ميزان القوى القائم بينهما، لكنها تبقى، حتى في هذه الأطر، ذات دلالات اقتصادية سلبية. حماية إسرائيل للمنشآت، من شأنها أن تربط نيقوسيا أكثر بتل أبيب، وقد تدفعها إلى مجاراتها، اقتصادياً، على حساب لبنان.

المخزون النفطي والغازي في شرق المتوسط تتقاسمه ثلاث دول: لبنان وقبرص وإسرائيل، رغم أن الواقع يشير الى وجود لاعبين آخرين، كتركيا وسوريا، وشركات التنقيب، ومن ورائها دولها. كل دولة من الدول الثلاث لديها فرص وتهديدات من ناحية اقتصادية، وتوجب مصالحها أن تعمل على استغلال الفرص وتحييد التهديدات. قبرص من جهتها، تخشى التهديد التركي، وتعمل على تحييده من خلال إسرائيل، بينما تقلق إسرائيل من تبعات ابتعادها الجغرافي النسبي عن أوروبا، وأيضاً المنافسة مع الدولتين الأخريين (لبنان وقبرص) للأفضلية الجغرافية والسياسية التي تتمتع بها الدولتان. الأمر الذي دفعها الى تعزيز التعاون مع قبرص، وتحويلها الى شريك، بدلاً من أن تكون منافساً، وهو ما يفسر كيف أن الشركات نفسها، الإسرائيلية والأميركية، التي تنقّب في إسرائيل، تتولّى عمليات التنقيب في قبرص. وفي الإطار نفسه، تأتي الأنباء الإسرائيلية عن بناء خط لنقل الغاز إلى قبرص، ومن ثم تصديره إلى أماكن أخرى في أوروبا. بحسب صحيفة جيروزاليم بوست (15/02/2012) «تسعى شركة ديليك الإسرائيلية للطاقة، الى إبرام عقد شراكة مع قبرص، لبناء منشأة لمعالجة الغاز ونقله إلى كلا الجانبين».

التهديد من جهة لبنان مركّب: داخلي وخارجي. من جهة، عانى لبنان طويلاً، خلال السنوات الماضية، تباطؤاً وتلكؤاً في معالجة الموضوع، ويمكن البعض أن يحلل أو حتى أن يعلم، بأنه كان مقصوداً، لكن ما يزيد من المشكلة، هو أداء الحكومة الحالية، وتعليق جلساتها، وعدم المسارعة إلى اتخاذ الإجراءات الخاصة باستدراج العروض ومباشرة أعمال التنقيب، بعدما صدرت أخيراً المراسيم التطبيقية للهيئة الناظمة لقطاع النفط والغاز. من جهة ثانية، يبدو أن إسرائيل وقبرص ستسبقان لبنان، كشريكتين، الى الأسواق الخارجية، ما يعني أن الغاز اللبناني سيصل متأخراً ويفقد أفضليته، التي كانت إسرائيل تخشاها وعبّرت عنها في الماضي، الأمر الذي يحتم على الحكومة اللبنانية، إذا قررت أن تراعي مصالح لبنان، معالجة الموضوع بطرق ووسائل وعقلية مختلفة، وأن يكون اختيارها لجنسية شركات التنقيب هادفاً، ويمكن أن يساعد على المنافسة اللاحقة على الأسواق، إزاء الأفضلية التي باتت لدى إسرائيل.

مع ذلك، لا بد من الإشارة، وبكثير من الألم، إلى أن رهان إسرائيل المعلن على الخلافات الداخلية اللبنانية، وسوء الإدارة والتباطؤ، كان محقاً. كتبت صحيفة غلوبس الاقتصادية الإسرائيلية (05/10/2010) أن «جهات إسرائيلية تتابع ما يجري في لبنان، وهي على اقتناع بأن هذا البلد قادر على إعطاء الرخص الأولى للتنقيب عن الغاز حتى نهاية العام الجاري، (أي نهاية العام 2010)، إذ بإمكان لبنان أن يسدّ الفجوة الموجودة بينه وبين إسرائيل، وأن يتحوّل سريعاً إلى منافس حقيقي، لكن هذه الجهات نفسها ترى أن التجارب السابقة تظهر أنه ما من سبب يدعو إلى القلق على المدى المنظور. فالكنوز الطبيعية اللبنانية تثير انقسامات داخلية وخارجية في هذا البلد، كذلك فإن لبنان يعيش حالة من عدم الاستقرار، وبالتالي لن تسارع شركات النفط العملاقة إلى استثمار المليارات في دولة كهذه».

تعليق جلسات الحكومة في لبنان، وربط البعض لبنان بالوضع في سوريا، والتوتير الأمني الداخلي، تعزز جميعها صدقية الرهانات الإسرائيلية، وتبعث السرور لدى صانع القرار في تل أبيب، الذي يكتشف يوماً بعد آخر، صحة تقديراته ورهاناته.


Script executed in 0.19525194168091