لا تبدو هذه القراءة المبسّطة للشبكة العنكبوتية ومواقعها الإلكترونية، وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر وفايسبوك)، موحّدة في السعودية، حيث ينحو الحكم وفق الشريعة الإسلامية الى تحجيم مساحات التعبير السياسي والديني، في وقت باتت هذه المواقع بالذات تساهم في «التغيير» في دول عربية أخرى.
حول «تويتر» في السعودية أكثر من رأي: قد يهدف الى «التطاول على الرسول» كما جاء في التهمة الموجّهة الى المدوّن السعودي الشاب حمزة كشغري الذي رغب في مصارحة ربّه ببعض الكلمات والخواطر، فوجد نفسه قيد الاعتقال. قد يكون أداة «ثورية» بحجم «مجتهد»، المغرّد الخفي الذي يواصل فضح أخبار أمراء المملكة منذ شهرين الى اليوم، في تغريدات حول التكلفة الخيالية للقصور التي يمتلكها عبد العزيز بن فهد، على سبيل المثال، من قبيل «هل صحيح أن قصرك في الرياض بجانب قصر اليمامة يفوق سكن الملك مساحةً، وكلف الدولة نحو 12 مليار ريال لأنه يتكون من عدة قصور؟ وأن التكلفة الحقيقية ثلاثة مليارات والباقي (تسعة مليارات) بينك وبين الحريري؟»...
كما يمكن لـ«تويتر» أن يتحول الى «حرام» على المسلمين مقاطعته، كما دعا مؤخرا المفتي العام في السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الشيخ، على خلفية ما يروّج له كل من كشغري و«مجتهد»، وغيرهما من دعاة التحرر الإعلامي في المملكة، من «أكاذيب»، على حدّ تعبير المفتي.
يبدو كل ذلك «مثيرا للسخرية» برأي المعلّقة شيلينا زهرة جانمحمد في مجلة «ذا ناشينال» الإماراتية، التي اعتبرت أنه من المضحك أن تطلّ مجموعة عبر «فايسبوك» بالذات لتدعو فوراً الى إعدام كشغري، «قبل انضمام العشرات اليهم على الموقع». وأضافت: «واذا أحببتم المفارقات الخاصة بكم، فقد ترغبون في معرفة أن الأمير الوليد بن طلال (ابن أخي الملك السعودي) استثمر مؤخرا 300 مليون دولار (1.1 مليار درهم) في التغريد عبر تويتر». وتبقى المفارقة الأكبر على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، التي «سمحت للشباب المسلم بتعزيز إيمانه وثقافته الدينية بطريقة لم يكن أحد ليتخيلها.. وكسرت الحواجز الجغرافية وسمحت لهم بمناقشة الإسلام في العصر الحديث»...
ليس المفتي السعودي وحيدا في مناداة «المسلمين الحقيقيين» الى مقاطعة الإعلام التواصلي الالكتروني. ففي باكستان، دعا مدير موقع الكتروني باسم «ميلات فايسبوك» المسلمين الى حذف حساباتهم على «فايسبوك التكفيري»، مستغلا مشاركته في ندوة «التكفير من خلال «فايسبوك» ودور الشباب المسلم في التواصل الاجتماعي»، للتحذير من الموقع الذي أضرّ بملايين المسلمين في العام 2010 إثر مسابقة لرسم الرسول.
يشارك بول موتر في المعهد الأميركي «فورين بوليسي ان فوكس» المعلّقة جانمحمد استهجانها لفتوى تحريم «تويتر» قائلا في سياق انتقاده اعتقال كشغري: «بإمكان السعوديين أن يجعلوا من حالة كشغري مثالا لغيره، أي لكل من قد يجرؤ على كتابة رسائل مماثلة عبر الموقع، الا أن المضحك هو أن يغيب عن المفتي أن السلفيين هم أكثر من يستخدمون «تويتر» ويشاركون في رسم سياساته»...