ربما هي المرة الأولى التي يسمّي فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المملكة العربية السعودية، في سياق نقدي. ففي خطابه الذي ألقاه أمس بذكرى القادة الشهداء، وبمناسبة مرور أسبوع على وفاة والد الشهيد السيد عباس الموسوي، انتقد نصر الله أداء الحكم السعودي مع سكان منطقة القطيف، واصفاً إياها بواحدة من أكثر المناطق فقراً في السعودية، «وعندما يخرج الناس للمطالبة باعتبارهم مواطنين، ولو درجة ثانية، يواجهون» بالحل الأمني.
الحديث السعودي لنصر الله ورد في سياق الحديث عن ضرورة اللجوء إلى حل سياسي في كافة الدول العربية، من سوريا إلى البحرين والسعودية وغيرها.
في خطابه أمس، وتحت عنوان «أهمية الحفاظ على الحكومة الحالية»، انتقد نصر الله، بطريقة غير مباشرة، أداء الحكومة وإنتاجيتها، وشدد على أن الحفاظ عليها «لا يجوز أن يكون حجة لدى أطراف أو مكونات الحكومة لعدم الإنتاجية وعدم الفاعلية»، مشيراً إلى أن التذرع بأن هذه الحكومة تحافظ على الاستقرار والأمن، لا يسقط التكليف عنها ولا عن مكوناتها.
ورأى أن «هناك، واقعاً، من يريد أن يعطل هذه الحكومة، وأن لا تكون منتجة وفعالة، من يريد إسقاطها لو استطاع أن يسقطها». وأشار إلى بذل حزب الله جهوداً كبيرة وتقديمه التنازلات وتأجيله ملفات لا ينبغي تأجيلها لمصلحة بقاء الحكومة، واستمرارها وتعاون أطرافها.
ولفت إلى أجواء شائعات وتشويهات في المنطقة في ما يعني المقاومة، وخصوصاً حزب الله، واضعاً في هذا الإطار ما قاله «وزير داخلية نظام حسني مبارك، خلف القضبان، الذي يحاكم بتهمة إطلاق النار على المتظاهرين»، حيث اتهم عناصر من حزب الله وحركة حماس بإطلاق النار على المتظاهرين. وكذلك قول إسرائيل إن الحزب يقيم قواعد في أميركا اللاتينية وغرب أفريقيا والهند وجورجيا وتايلند وأذربيجان.
ودعا نصر الله إلى التفتيش عن «الأيادي الإسرائيلية في الفوضى المنتشرة في منطقتنا»، مشيراً إلى أن هدف المشروع الأميركي ـــــ الإسرائيلي الفعلي هو خلق الاقتتال والفوضى عند العجز عن السيطرة على سلطة ما، في بلد عربي أو إسلامي ما. وأكد أن كلام نتنياهو «لا يخيفنا، لا نتنياهو ولا (إيهود) باراك ولا (إيهود) أولمرت ولا وزير الحرب السابق ولا (دان) حالوتس ولا «مالوتس، هؤلاء لا يخيفوننا أصلاً، فليقولوا ما شاؤوا، وليهددوا بما شاؤوا وليفعلوا ما شاؤوا». ووصف تصريحاتهم بأنها جزء من الحرب النفسية. وذكر أن لبنان جزء من المنطقة، وتشمله دون شك مخططات الأميركيين والإسرائيليين.
وإقليمياً أكد نصر الله حزن حزبه على «كل دم يسفك في أي مكان: في لبنان أو سوريا أو العراق أو فلسطين أو باكستان أو إيران أو أفغانستان». وتابع: «نحن نتألم لأي طفل يصاب باليتم، لأي امرأة تصاب بالثكل، لأي بيت يهدم، ولأي ألم يدخل إلى أي قلب أو بيت أو عائلة، لكن لا يكفي أن نتألم. يجب أن نبحث عن الموقف، عن الأداء الذي يسد أبواب الفتنة وأبواب الصراع وأبواب الألم». وجدد الدعوة إلى «حل المعضلات عن طريق الحلول السياسية والحوار»، مذكراً بتنظير العرب على اللبنانيين طوال 30 عاماً بشأن وجوب الجلوس على طاولة مستديرة وتدوير الزوايا، عكس ما يفعلونه في سوريا. وأكد في هذا السياق أن العرب لا يريدون حلاً سياسياً في سوريا، لذلك يتعثر الحل، سائلاً في هذا السياق عمن يتحمل مسؤولية اللاحل.
وإذ أكد أن الغرب لا ينوي التدخل عسكرياً في سوريا، بل يريد قتالاً عربياً، قال إن «المطلوب ذبح العيون السود في سوريا لا العيون الخضر والزرق». وجزم بأن الولايات المتحدة وأوروبا ليستا مستعدتين للتدخل العسكري في سوريا، تكتفيان حتى الآن بإرسال السلاح والمال، وتحرّضان السوريين على قتل بعضهم البعض، وتدعوان العرب إلى إرسال مقاتليهم إلى سوريا، بعدما كانوا يرسلونهم إلى العراق لتدميره. وأشار إلى أن أبواب الحلول السياسية مقفلة من البحرين مروراً بالسعودية، التي ترد بالرصاص والدبابات على متظاهرين لا يطالبون بأكثر من بعض الإصلاحات والحقوق والإنماء لمناطقهم الفقيرة، وصولاً إلى سوريا.
وختم نصر الله بالإشارة إلى أن شعوب المنطقة يمكن أن تختلف على ملفات كثيرة، من سوريا فالعراق حتى إيران، لكنها تتفق على امتداد العالم العربي والإسلامي على أمر واحد اسمه اسرائيل وفلسطين.
وذكر نصر الله أن العقد الماضي كان يفترض أن يؤدي إلى هيمنة أميركية مطلقة على المنطقة، وإلى تصفية القضية الفلسطينية بشروط إسرائيلية، ليولد الشرق الأوسط الجديد، لكن «المؤمنين الواثقين العازمين المجاهدين المضحين الثابتين في أكثر من بلد، وفي أكثر من منطقة استطاعوا أن يدفعوا هذه العاصفة الخطيرة والعاصفة الآتية أيضاً، بالوعي والإيمان والتصميم والصبر والوحدة والثقة، والتوكل على الله والحضور والإخلاص والاستعداد للتضحية».
بدوره علق رئيس المجلس النيابي نبيه بري على تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخير بأن «لبنان يمثّل عقدة إسرائيل في هذا العالم، لا العربي فحسب. وذلك نتيجة انتصاره وانتصار مقاومته على آلة الدمار والأفكار الإجرامية». وأشار إلى أن «خط القطار العملاق الذي يلحق أكبر الأضرار بالاقتصاد المصري وقناة السويس لا يؤتي ثماره الا إذا اندحر لبنان واندحرت سوريا، كي يصبح الخط الدائري سالكاً وسالماً، وإلا فإنه لن ينافس قناة السويس». وتوجه بري إلى الإسرائيليين بالقول: «لبنان كان وسيبقى كما يريده اللبنانيون، لا كما تريدونه أنتم، سيبقى دولة لن يطاولها احتلالكم».