أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

سيناريو أميركي ـ إسرائيلي جديد لمرحلة ما بعد الأسد

الثلاثاء 28 شباط , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,719 زائر

سيناريو أميركي ـ إسرائيلي جديد لمرحلة ما بعد الأسد

سؤال يبدو خيالياً، لكنه ليس كذلك بالنسبة للضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية بروس ريدل الذي يقدم عبر هذا السؤال «السيناريو المثالي» لتحقيق الهدف، الذي يُعدّ برأيه «أكثر أهمية وإلحاحاً من الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران». 

هضبة الجولان هي «الكلمة السحرية» التي سيقطع بها ريدل الطريق، التي تمرّ عبر دمشق، بين طهران وبيروت تمهيداً للقضاء على «حزب الله»، أما كيف يمكن أن يتم ذلك؟ فيعود رجل الاستخبارات الأميركي، المقرّب من «الموساد» الإسرائيلي، إلى العرض الذي قدمته الحكومة الإسرائيلية للأسد الأب في العام 2000، وفيه «الجولان مقابل السلام مع إسرائيل». 

وفيما يستعرض الضابط الأميركي، الذي عمل سابقاً كمستشار أعلى لثلاثة رؤساء للولايات المتحدة لقضايا الشرق الأوسط، في مجلة «نيوزويك» تفاصيل «العرض التاريخي» الذي كان قدّمه إيهود باراك للرئيس حافظ الأسد وتعرقل «بشكل دراماتيكي» في اللحظات الأخيرة بعد مرض الأخير ثم العرض الذي قدّمه بنيامين نتنياهو للأسد الابن في العام نفسه بعد استلامه الحكم، يؤكد أن آل الأسد خسروا فرصتهم في هذا العرض. ويستطرد موضحاً أن لا بدّ في هذه المرحلة من العمل على استغلال الأزمة السورية لفتح الطريق أمام تحقيق مخطط مماثل مع حكومة ما بعد الأسد التي سيتعيّن عليها قطع الاتصال مع «حزب الله» مقابل استعادة الجولان وتحقيق الانسحاب الكامل منه. 

في السياق، يؤكد ريدل مطمئناً أن قطع الطريق مع «حزب الله» يعني حتماً قطعه مع إيران وهو ما سيهدّد مستقبل الحزب الذي أشار قادته إلى أن عرقلة وصولهم إلى طهران تعني حتماً «الكارثة» بالنسبة إليهم. 

وكجزء من السيناريوهات التي بدأ الغرب برسمها لمرحلة ما بعد الأسد، والتي يعوّل من خلالها على إضعاف الحلف الثلاثي: إيران – سوريا – «حزب الله»، يقول ريدل إن «المعارضة السورية تكره الحزب الشيعي لدعمه الأسد طوال هذه الفترة ما يدعم حظوظ طرح مماثل»، مضيفاً «بطبيعة الحال، الأسد قد يعتبر أن هذا الطرح الإسرائيلي دليل دامغ على انجرار المعارضة وراء المؤامرة الصهيونية، ولكن السوريين الذين يرغبون بوضع حدّ للعنف ولعقود من الحرب والاحتلال سيدعمون ذلك.. والسوريون باتوا يدركون أن الحرب لن تعيد لهم أراضيهم، وحدها المفاوضات ستفعل ذلك». 

ولدعم فكرته، يستشهد ريدل بما قاله رئيس الاستخبارات الإسرائيلية السابق أفرايم هاليفي من أن مخطط إضعاف «حزب الله» عبر إسقاط الأسد يعدّ خياراً استراتيجياً أكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل من ضرب المنشآت النووية الإيرانية. فـ«حزب الله» لديه 50 ألف صاروخ موجهة إلى حيفا وتلّ أبيب والقدس، فيما الأسد لديه المئات من صواريخ «سكود» يمكن تزويدها برؤوس كيميائية قد تنتهي بين يدي «حزب الله». 

من هنا، يصرّ ريدل على أن «طريق السلام الوحيد في الشرق الأوسط هو تفكيك «حزب الله». وهنا تفتح نافذة فريدة من نوعها لعزل لبنان، وذلك عبر استغلال الأزمة السورية وممارسة إسرائيل، بمساعدة المجتمع الدولي، الضغط الإقليمي على القوى السياسية السورية في مرحلة ما بعد الأسد». مردفاً أن «المجتمع الدولي سيصفق حتماً لهذه المبادرة الإسـرائيلية التـي ستقضي على الإرهاب بأقل عنف ممكن، وتظهر تل أبيب كشريك أساسي في صناعة السلام والتغيير الديموقراطي». 

ويرى رجل الاستخبارات الأميركي، الذي شغل في السابق منصب المستشار الخاص لحلف شمال الأطلسي ولمجلس الأمن القومي، أن إسرائيل ليس لديها ما تخسره. «هي قدمت عرض الجولان في السابق، ولو وافقت حكومة ما بعد الأسد على السلام مع إسرائيل، فسيساعد ذلك إسرائيل على عزل حزب الله وكسر المحور السوري – الإيراني». 

ويرجع ريدل إلى تفاصيل المبادرات الإسرائيلية السابقة مع الرئيس حافظ الأسد بخصوص الجولان، «ففي العام 2000، وبعد أشهر من التردّد، قدّم رئيس الوزراء حينها إيهود باراك عرضاً جدياً للأسد. وقتها تمسك وزير الخارجية السوري فاروق الشرع بضرورة أن يشمل الاتفاق كامل أراضي الجولان المحتلة منذ العام 1967، في وقت قدّم عرضاًَ تضمن السلام الكامل مع إسرائيل مقابل التوصل إلى ترتيبات أمنية واسعة النطاق تقضي بجعل الجولان منطقة منزوعة السلاح والحدّ من انتشار القوات السورية بالقرب من الهضبة فضلاً عن تبادل السفراء مقابل الانسحاب الكامل إلى خط وقف إطلاق النار الذي يفصل الحدود قبل حرب 1967. وكان باراك أعطى الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون الصلاحية أن يقدم للأسد كل أراضي الجولان ما عدا الشريط الضيق من 500 متر الممتد على طول الشاطئ الشمالي الشرقي لبحيرة طبريا، على أن يتم تعويضه بأرض أخرى تجعل السوريين يحصلون على 100 في المئة من أراضيهم. وكان كليــنتون بدوره قد وعد إسرائيل بمساعدات عسـكرية بمليارات الدولارات لإتمام الصفقــة. ولكن ذلك كان قد تأخر بعد مرض الأسد وانشغاله بتأمين الخلافـة لابـنه، فرفض الصفقة. 

ويخلص ريدل إلى أنه «منذ بدء الربيع العربي قبل سنة، حاولت إسرائيل الحفاظ على نوع من التوازن مع الأنظمة الديكتاتورية، ولكن عليها أن تدرك أن حقبة الديكتاتوريين ولّت وأن الوقت للقيام بخطوة نوعية تظهر أن تلّ أبيب باتت مستعدة لشرق أوسط جديد. وهو ما يمكن أن يناقشه الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى استقباله بنيامين نتنياهو مطلع الشهر المقبل».


Script executed in 0.19435501098633