أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«الداعية» جنبلاط وحيداً: موجة و«بتمــرق» يا رفيق

الأربعاء 29 شباط , 2012 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,068 زائر

«الداعية» جنبلاط وحيداً: موجة و«بتمــرق» يا رفيق

قطع النائب وليد جنبلاط علاقته بسوريا. فالرئيس السوري «طاغية ومصاب بجنون العظمة». وليد جنبلاط حليف حلفاء النظام السوري في لبنان. فالمهم المحافظة على الاستقرار وتسيير أمور الناس. المعادلة الصعبة سهلة التطبيق عند جنبلاط: لا للنظام السوري في سوريا، نعم للنظام السوري في لبنان.

تجاه النظام على أرضه وبين جمهوره (ومعارضيه)، لا يختلف جنبلاط 2006 عن جنبلاط 2012، ولو أنّ لغة الأفاعي والقرود غابت هذا العام. لكن سقف مواقفه على حاله، وهو يقول ما معناه: «للأسف، بات بعض الغرب يعتبر أنّ أمن النظام السوري من أمن إسرائيل».

في مجالسه، لا يوفر جنبلاط الدول العربية من انتقاداته، فهي «عاجزة ويحكمها الجبن، ما يحول دون القيام بأي خطوة للشعب السوري». لكن ماذا عن زيارته للسعودية؟

يؤكد الزعيم الاشتراكي أنه لم يتلقّ أي دعوة لزيارة المملكة، الأمر الذي يحصر أجواء علاقة الطرفين في الاتصال الأخير بينه وبين وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل. يعبّر البيك عن عدم رغبة في الحديث عن هذا الموضوع، مشيراً إلى أنّ زيارات وزراء من جبهة النضال الوطني للمملكة لا تدخل في إطار إصلاح العلاقة. فالوزير غازي العريضي ذهب إلى الرياض للمشاركة في مهرجان الجنادرية. والوزير وائل بو فاعور لبّى دعوة وزير الشؤون الاجتماعية السعودي.

من زار كليمنصو في الفترة الأخيرة يؤكد أنّ الأمور لم تصطلح بعد بين جنبلاط والمسؤولين السعوديين. ينقل الزوار عن صاحب الدار قوله إنّ السعوديين «كثيرو العتب»، رغم إدراكه أنّ «المشكلة هي مع الملك السعودي شخصياً وليس مع مسؤولين أو أمراء في البلاط». يقول جنبلاط ما معناه انه يفهم أسباب الزعل السعودي «لكن يجب تجاوز الأمر»، باعتبار أنّ الزمن قد مضى على مساهمته في إقصاء رئيس تيار المستقبل، سعد الحريري، عن الحكم. ويعود ويكرّر تبريراته الأمنية لتسميته الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة. يوحي جنبلاط لزواره ما معناه أنّ «الهم السوري أكبر بكثير من هم رئاسة ميقاتي أو إسقاط الحريري»، في محاولة لدفع عجلة الأمور إلى الأمام، لكن الأكيد أنّ المصالحة مع السعودية لن تكون في القريب العاجل، وكذلك هي حال علاقته بقوى 14 آذار.

فريق المعارضة لا يفهم حتى اليوم كيف يتمكّن جنبلاط من التفوق عليه في حدة معاداة النظام في سوريا، ويحافظ في الوقت نفسه على الهدوء مع حلفاء النظام في الحكومة. أما جنبلاط، فإذا كان قد وصف الرئيس الأسد بأنه «مجنون عظمة»، إلا أنه يعتبر أنّ القادة الحاليين لـ14 آذار، غير الرئيس الحريري، «مجانين» بالمطلق. ويمكن القول إنّ حدة خلافه مع النظام في سوريا تكاد توازي خلافه مع 14 آذار، فهو لا يفهم دعواتهم له إلى الانسحاب من الحكومة وتأزيم الوضع في لبنان. ولا يفهم أملهم بأن تخرب علاقته بحزب الله، إذ يعتبر نفسه قادراً على بعث الرسائل اللازمة للحزب من موقعه الحالي، وإحدى هذه الرسائل: «الشعب السوري احتضنك في حرب 2006 لكونك واجهت إسرائيل». ويمكن ربط هذه الرسالة بأسفه لكون «أمن النظام السوري بات من أمن إسرائيل».

نواب 14 آذار ومسؤولوها بدورهم لا يوفّرون جنبلاط. في الملف السوري أخذ منهم «الرهجة»، وفي السياسة أخذ منهم الأكثرية، وفي السلطة أخذ منهم الحكم. وهم يسألون: «لماذا يُعطى وليد جنبلاط هذا الحجم»؟ يجدون أنّ ثمة مبالغة في تقديره وإبرازه، مستنكرين اهتمام الجميع، من حلفائه وخصومه، بأي خطوة يقوم بها. تبحث قوى المعارضة عن آلية ما لتحجيم جنبلاط وحركته، وهم باشروا بهذا الأمر الأسبوع الفائت عندما تجاهلوا مشاركته في «الاعتصام التضامني مع الشعب السوري» في حديقة سمير قصير.. فيما لم تعط أي من شخصيات المعارضة أهمية لمواقفه الإعلامية الأخيرة.

لم تعد قوى 14 آذار، بمعظمها، تثق بوليد جنبلاط. وثمة تسويق خفيّ في مجالس هذه القوى لكيفية إدارة البيك أموره عبر ضمان ثلاث مسلّمات: الطائفة الدرزية، أمنه الشخصي والمال. يقولون إنه «يحاول إعادة وصل مع انقطع مع السعودية لتفتح «حنفية» المملكة المالية على المختارة. وهو صعّد موقفه من النظام لكونه تلقّى رسائل واضحة بأنّ ثمة «تحرّكاً ما تجاه جبل العرب قد يهدّد علاقة زعيم المختارة به». ولمحافظته على أمنه الشخصي، يقوم جنبلاط بمداراة علاقته بحزب الله ويحافظ على حكومة الحزب». لكن من ينظر إلى علاقة جنبلاط بحزب الله يدرك أنه ليس بين الطرفين من تواصل ولا اتفاق، إذ تنحصر العلاقة بالحرص على استمرار الحكومة، خصوصاً أنّ الحزب وحلفاءه يتجنّبون، كما تفعل قوى 14 آذار، تناول جنبلاط وموقعه في الإعلام.

جنبلاط ينتقد الجميع. يقول إنه «بخير وضميره مرتاح لكونه يستطيع ــ بالحد الأدنى ــ التعبير عن مواقفه وفصل الأمور عن بعضها».

ضميره مرتاح لكنه وحيد. قوى السلطة تتجنّبه وقوى 14 آذار لا تثق به. كان جنبلاط بحاجة لمن يؤنسه، فاستقبل الشيخ أحمد الأسير في المختارة السبت الماضي. كان اللقاء تعارفياً بحسب الاشتراكيين، أكد خلاله جنبلاط «على موقفه الموضوعي والمنطقي من الأحداث في سوريا». سأل أحد مسؤولي الحزب الاشتراكي «ماذا يفعل سلفي في المختارة؟» جواب من هم أعلى منه رتبة في الحزب يقول: «موجة وبتمرق، يا رفيق».


Script executed in 0.18193984031677