الفائتة
يبدو أن الأبيض الذي لامس السواحل أمس، مستمرّ في زحفه حتى الغد، إذ توقعت مصلحة الأرصاد الجوية في إدارة الطيران المدني أن يبقى الطقس اليوم ماطراً ومثلجاً على ارتفاع 300 متر وما دون في الشمال، وفيما تنحسر الأمطار خلال الليل على الساحل، تستمر الثلوج بالتساقط على المرتفعات وفي الداخل. أما طقس الغد، فماطر، مع ثلوج خفيفة على 400 متر وما فوق صباحاً.
انتاب الفرح قلب العامل السوداني عوالي البرقاوي 24 سنة، وهو يلهو بثلج بيض كلل منطقة جزين (خالد الغربي). فرحه الزائد سببه أنها المرة الأولى يشاهد فيها تساقط الثلوج بعد مجيئه إلى لبنان. أخذ البرقاوي وقته في اللهو على الثلج فصنع كرات ثلجية تارة يقذفها باتجاه رأسه وطورًا باتجاه الهواء، صارخاً «لبنان ياجميل». جمال لبنان وعاصفته التي كلّلت الجبال بالابيض، لم تخل من أضرار. إذ فضحت غزارة الأمطار «عورات» تلزيمات مشاريع البنى التحتية التي جرت بالتراضي في صيدا، بعدما تحوّلت الطرقات والشوارع إلى كمائن ومصائد. وانهار جزء من رصيف الكورنيش البحري الجديد، لينضم إلى أجزاء كبيرة سقطت في عواصف وقعت قبل اكثر من عام.
في عكار (روبير عبد الله)، بلغ تساقط الثلوج مناطق يقلّ ارتفاعها عن400 م في بلدة الكواشرة، حيث بدت بحيرتها مطوّقة بالثلج من كل ناحية. وقد عجزت سيارات الدفاع المدني عن إكمال فتح الطرقات في المناطق الأكثر ارتفاعاً. ففي جبل أكروم توقفت جرافة الدفاع المدني عن فتح الطرقات بالقرب من ثانوية كفرتون الرسمية، كذلك الأمر بالنسبة إلى محلة الجوزات، التي تسكن فيها مجموعة صغيرة من العائلات. وهناك حيث قارب ارتفاع الثلج متراً ونيف، يقول مختار كفرتون علي أحمد الزين إن أصحاب الماشية مهدّدون بنفوق أعداد كبيرة من ماشيتهم إذا لم يتمكنوا من توفير العلف، وهو أمر في غاية الصعوبة بالنسبة إلى قاطني محلة الجوزات، كما بالنسبة إلى أصحاب الماشية في كل جبل أكروم.
وفي منطقة الجرد، وخصوصاً بين بلدتي بيت يونس وبيت أيوب، أفاد مصدر في مصلحة الزراعة في عكار عن مزيد من الانجراف في التربة وانهيارات متعددة في جدران الدعم. وقد اقتلعت العاصفة الكثير من الأشجار في سهل عكار، وبصورة خاصة على طريق العبودية.
وفي بلدة العريضة يخشى الأهالي فيضان النهر الكبير الجنوبي الذي يمر بين البيوت، وخصوصاً بجانب المدرسة الرسمية، وليلة الأربعاء ـــــ الخميس لم ينم أصحاب مراكب الصيد البحري و«هم يدارون مراكبهم»، بحسب فهد درويش، التي أصيب العديد منها بأضرار فادحة نتيجة تلاطمها المستمر بفعل ارتفاع منسوب النهر الكبير من ناحية، وشدة الأمواج البحرية من ناحية ثانية. أما البيوت البلاستيكية، فقد أصيبت بأضرار فادحة.
وفي الضنية (عبد الكافي الصمد) قطعت الثلوج معظم الطرقات الرئيسية والفرعية في الضنية، التي يزيد ارتفاعها على 800 متر وما فوق، ما أدى إلى عزل بعض القرى عن العالم الخارجي. وأفادت مراكز الدفاع المدني العاملة في الضنية أن آلياتها تعمل منذ يومين على إزالة الثلوج المتراكمة على الطريق الرئيسية التي تربط الضنية بطرابلس ابتداءً من بلدة بخعون على ارتفاع 750 متراً، ومن يسلكون تلك الطريق يمكنهم الوصول بصعوبة إلى ساحة بلدة سير فقط، على علو 900 متر.
وناهز سُمك الثلوج على الطريق المؤدية إلى مستشفى الضنية الحكومي في بلدة عاصون أكثر من 40 سنيمتراً، ما دفع مركز الدفاع المدني في بلدة سير إلى تفريغ آلية قرب المستشفى من أجل العمل على إبقاء الطريق مفتوحة إليه، بعدما قطعتها الثلوج لأكثر من مرة في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
إلى ذلك، قطعت الطرقات المؤدية إلى بلدات بقاعصفرين وبقرصونا وقرى القطاع الشرقي بأكمله ابتداء من بلدة الحازمية، ما جعل معظم المواطنين الصاعدين إلى بيوتهم في البلدات الجردية يركنون سياراتهم جانباً، ويذهبون سيراً على الأقدام.
وناشد أهالي البلدات الجردية وزارة الأشغال العامة والدفاع المدني وكل الجهات المعنية العمل على إعادة فتح الطرقات في مناطقهم، بعدما قطعتها الثلوج منذ مساء أمس، وزاد سمكها في بعض المناطق على متر تقريباً، من غير أن تبادر أيّ جهة إلى إعادة فتحها ما جعل الناس معزولين عن العالم، كذلك ناشدوا الجهات المختصة العمل على إعادة التيار الكهربائي إلى مناطقهم، بعد انقطاعه عنهم. كما تسبّبت الثلوج في إغلاق المدارس الرسمية والخاصة، والمؤسسات الرسمية أبوابها في أغلب قرى وبلدات الضنية.
وأدّت العاصفة في طرابلس إلى انهيار العديد من الجدران واقتلاع الأشجار، فيما غمرت السيول الشوارع وعملت الفرق الفنية على فتح المجاري.
وفي البقاعين الغربي والأوسط (أسامة القادري) حاصر الثلج الأهالي في منازلهم وقراهم، وسط انقطاع للتيار الكهربائي وفقدان مخزون الحطب والمازوت.
وفي زغرتا، تعمل أربع جرافات تابعة لمركز جرف الثلوج في إهدن بصعوبة بالغة على إبقاء الطرقات سالكة قدر الإمكان أمام السيارات، وخصوصاً أن الثلج لا يزال يتساقط بكثافة.
وفي الهرمل أدى تساقط الثلوج المتواصل منذ ساعات الليل إلى عزل القرى والبلدات، وقد شُلت الحركة تماماً.
وفي عاليه، أقفلت طرق قرى وبلدات المتن الأعلى وجرد عاليه ـــــ بحمدون بسبب تراكم الثلوج، فيما يعاني الأهالي انقطاع الكهرباء منذ صباح أمس.
وفي حاصبيا، عزلت الثلوج العديد من قرى العرقوب، فيما أدت السيول إلى ارتفاع منسوب نهر الحاصباني، ففاضت مياهه على البساتين الواقعة عند ضفتيه، مسببة أضراراً في أقنية الري وجدران الدعم.
(الأخبار)
الأساتذة يتبرّعون بالتدفئة
تحوّلت، أمس، الأراضي في قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون (داني الامين)، إلى مستنقعات مياه، بعدما ملأت مياه الأمطار برك التجميع المنتشرة في معظم القرى، وفاضت على الطرقات المجاورة، متسبّبة بإقفالها.
وقد انقطع التيار الكهربائي، وارتفعت أصوات طلّاب عدد من المدارس الرسمية مطالبة بالتدفئة. وأفاد أحد مديري المدارس أن مدرسته «تكبّدت مصاريف إضافية كبيرة في ظلّ ارتفاع أسعار المازوت، والبرد القارس الذي حلّ على المنطقة منذ أكثر من شهرين، حتى إن عدداً من المدارس جمع التبرعات من الأساتذة لشراء مازوت يؤمن التدفئة للطلّاب».