يندرج في هذا السياق، الاستحقاق الذي ينتظر المؤسسة العسكرية في صيف العام 2013 ومن ثم خريفه، والمتمثل ببلوغ قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي وعدد كبير من اركان القيادة سن التقاعد، مما يدخل المؤسسة العسكرية أحد أعمدة الاستقرار اللبناني، في حالة من الفراغ على مستوى اتخاذ القرار وحتى في تسيير أبسط الامور العادية... ويتزامن ذلك مع استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة ومن بعده دخول الحكومة في مرحلة تصريف الاعمال، ما يعني عدم القدرة على اتخاذ قرارات اساسية تتصل بالتعيين والتشريع.
يوضح رئيس الجمهورية لـ«السفير» ان «مقاربة هذا الموضوع لا تتم من زاوية شخصية. انما انطلاقا من اعتبارات عدة ابرزها وجوب زيادة الاعمار في السلسلة العسكرية، وقد يسأل سائل عن السبب؟ الضابط حين كان يحال على التقاعد في سن الـ58 عاما، كان السبب عائدا لأساليب الحرب القديمة الصعبة التي تتطلب جهدا كبيرا حيث يتحمل العسكري المشقات، اما في يومنا الحاضر، فقد اختلف الامر مع التطور الهائل على الصعيد العسكري عديدا وعتادا ونوعية اسلحة، ما دفع دولا عدة، لا سيما في اوروبا، الى رفع سن التقاعد للعسكريين من ذوي الرتب العادية الى 64 عاما، فكيف الامر بالنسبة للضباط».
ويضيف سليمان «قليلة هي الدول التي يحال فيها «الجنرال» (العماد أو العميد) على التقاعد في سن الـ58، وقائد الجيش عادة ينظر الى صحته والوقت المتبقي له في الخدمة، لذلك يجب ان تكون سنّو خدمته المتبقية ست سنوات ليرافق عهدا بكامله، ونحن اخترنا عمر الـ62 لقائد الجيش كسن تقاعد، ونعتبر انه العمر المعقول لتطوير السلسلة العسكرية».
ويتابع رئيس الجمهورية «أما بالنسبة للعماد جان قهوجي فانه يبلغ سن التقاعد قبل نحو تسعة أشهر من انتهاء ولايتي الرئاسية، ودرجت العادة انه عند انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعمد إلى تعيين قائد جيش جديد، وبالتالي فان استمرار العماد قهوجي طيلة فترة ولايتي يجب ألا يفسر، وكأنه محاولة لفرض استمرارية قائد الجيش على رئيس الجمهورية المقبل، إذ أنه في السابق تم وضع العماد فيكتور خوري بالتصرف وعين بديل عنه، لذلك من المفيد ان يستمر قائد الجيش الحالي مع هذا العهد».
ويؤكد سليمان انه «حتى لا نلجأ إلى تمديد شخصي للعماد قهوجي ولمرة واحدة، طرحنا أن يصار إلى تعديل سن تقاعد قائد الجيش وهذا سيؤمّن استمرارية القائد الحالي إلى نهاية العهد وينسحب الأمر على كل من سيعيّن لاحقا، وانا شخصيا مع هذا الطرح مئة في المئة وهو سيحصل عبر مشروع قانون من الحكومة يقدم الى مجلس النواب وينص على تمديد سن التقاعد لقائد الجيش، وقد طرح عليّ هذا الموضوع قبل أي مسؤول آخر وطلبت السير به وانا من اقترح الـ62 سنا للتقاعد».
يذكر أن قهوجي كان في طليعة من اجتمع بهم سليمان بعد عودته من رحلة رومانيا وتشيكا حيث أطلعه على استعداد كل من رومانيا وتشيكيا لمساندة الجيش بعد المحادثات التي أجراها رئيس الجمهورية مع كل من نظيريه الروماني والتشيكي. كما اطلع سليمان من قهوجي على التطورات الأمنية في البلاد والإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني في الداخل والمناطق الحدودية.
من جهة ثانية، يشير رئيس الجمهورية الى ان لبنان سيشارك في القمة العربية في بغداد هذا الشهر، أضاف «قد يقال أننا لن نستطيع ان نغيّر في الموقف شيئا، ولكن عدم مشاركة لبنان في أي مؤتمر عربي ليس فيه ربح لاحد انما العكس صحيح، واذا لم يؤخذ برأينا، فهذا لا يمنع ان نكون حاضرين لكي نعكس صورة موقفنا المنطقي، وانا سأواصل التعبير عن موقف لبنان، وأعيد التذكير أنه لطالما طالبنا في الماضي ان يكون هذا البلد محايدا لا سيما في أمور الخلافات العربية، على ان يكون هذا الحياد ايجابيا ويساهم في رأب الصدع بين الاشقاء، والاجدر بنا في ظل التطورات الراهنة والمخاطر الكبيرة ان نحيّد لبنان حتى نستطيع لعب دور توفيقي بالقدر الممكن، خصوصا واننا نكاد نكون البلد العربي الوحيد الذي يقيم علاقة ممتازة مع كل الدول العربية والقادر على التواصل مع جميع الاشقاء والاصدقاء الذين يحترمون ويتفهمون موقفنا، لأننا نقول كلمتنا الصحيحة بصراحة في الجلسات المغلقة كما في العلن، لذلك وحفاظا على دور لبنان الحريص على استقرار كل الدول العربية والضنين بها خيرا، لان في ذلك خيره واستقراره، يجب ان نكون حاضرين في كل الاجتماعات والقمم والمؤتمرات العربية».
ويقول رئيس الجمهورية «صحيح اننا لم نستطع فعل الشيء الكبير على صعيد الوضع العربي المستجد، لكنني لن أتوانى عن لعب دور توفيقي ايجابي، وهذا ما قمت به عمليا وسأستمر عليه، اذ ان اتصالاتي لم تنقطع يوما مع اي من القادة العرب، وقد تحدثت أكثر من مرة مع كل من أمير قطر وخادم الحرمين الشريفين والعاهل الأردني وبحثت معهم الوضع السوري وإمكان الحد من التوتر، وأيضا تحدثت مع الرئيس السوري في علاقة بلاده مع هذه الدول، لم استطع تحقيق ما أريد ولكنني اعتقد ان الكلمة الجيدة تبقى مفيدة وتترك أثرا».
وأوضح رئيس الجمهورية أنه سيتوجه اليوم الى الدوحة للمشاركة في «قمة التوصيل العربي لمحاربة الفقر بالتكنولوجيا» غدا، حيث سيرافقه وزير الاتصالات نقولا الصحناوي، على أن يلتقي خلال الزيارة القصيرة التي تستمر حتى الثلثاء، أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني «وسأطرح معه موقف لبنان المعلن من مختلف التطورات العربية والذي اعبّر عنه دوما».
يذكر أن القمة المذكورة ينظمها الاتحاد الدولي للاتصالات بالشراكة مع جامعة الدول العربية من 5 إلى 7 اذار الحالي «بهدف درء الفجوات الرقمية في العالم العربي من خلال تعبئة الموارد البشرية والاقتصادية والتقنية». كما تهدف القمة «إلى تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في كافة الدول العربية خاصة الأقل نموا، وتفعيل دور هذا القطاع في خلق فرص عمل للشباب العربي وتسخير التقنيات الحديثة لدعم اقتصاديات المنطقة وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة».