ومع انحسار العاصفة في البقاع (سامر الحسيني) أمس، تكفلت الأمطار الغزيرة بفك عزلة قرى المريجات، وبوارج، وحزرتا، وترشيش، التي تنفست الصعداء بعد أيام من الثلوج المتراكمة. وتسببت الامطار الغزيرة بكسر الجليد، ما أدى إلى تشكل السيول على مختلف الطرق البقاعية. ومع استعادة البلدات حياتها الطبيعية، لفت رئيس بلدية بوارج محمد البسط إلى أن «بوارج التي تعد الأكثر ارتفاعا في قضاء زحلة بعد حزرتا، وقد عانت من عزلة تامة في الأيام الماضية. ولم تدخل البلدة أي جرافة لوزارة الاشغال العامة». وفي حزرتا لم يجد أبناء البلدة الذين تعودوا على الثلوج سوى سواعدهم لرفع أمتار من الثلوج المتراكمة على أبواب منازلهم وسياراتهم، في ظل شكوى مزمنة من غياب التحضيرات المطلوبة لمواجهة العواصف الثلجية، وشكوى متصاعدة عن ضعف في عملية جرف الثلوج على الطريق الرئيسية الممتدة من حزرتا إلى ضهور الشوير. وطالب رئيس البلدية أحمد أبو حمدان بـ «مستوصف طبي مجهز، يتكيف مع واقع البلدة الجبلية، التي لا تخشى سوى العوارض الطبية والصحية في أوقات الثلوج، بعدما اعتادت على تأمين كافة احتياجاتها لزوم التدفئة والغذاء والأكل قبل مواسم العواصف والثلوج».
وشهد طريق شتورة – ضهر البيدر عبورا موقتا لسيارات الدفع الرباعي دون سواها، لتراكم الثلوج وتشكل طبقة من الجليد عليها، ما اضطر المواطنين إلى سلوك طريق مرجعيون للوصول إلى بيروت. وعمل الجيش اللبناني على نقل عدد من جنوده إلى أماكن خدماتهم العسكرية بواسطة شاحنات كبيرة. كما تسببت الأمطار الغزيرة بفيضان الكثير من المجاري النهرية، لا سيما مجرى نهر البردوني والغزيل في تعنايل وبر الياس، حيث غمرت المياه مئات الدونمات المزروعة بالقمح وبقية الزراعات الشتوية. كما فاضت المجاري المائية على طول الطرق الرئيسية في شتورة والفرزل. كما فاض مجرى نهر الليطاني في منطقة تل عمارة عند مدخل اوتوستراد رياق - بعلبك. وشكل بركة مائية كبيرة حجزت بداخلها عشرات السيارات التي تعطلت بفعل تسرب المياه إلى محركاتها.
«لا أضرار زراعية كبيرة»
كما أنه لم يسجل أي شكوى زراعية من حصول خسائر طالت الحقول الزراعية أو البنى التحتية في قرى قضاء زحلة، ولم يتم الإبلاغ عن «حالة أضرار أو كارثة زراعية»، وفق توصيف وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن الذي قال لـ «السفير»: «إن القطاع الزراعي لم يتأثر سلبا بالعاصفة الثلجية، ولم يتم تسجيل أي أضرار زراعية كبيرة وعامة، إنما اقتصرت الأضرار على حالات محدودة ومحصورة جدا عند بعض المزارعين دون سواهم، ولم يكن هناك أي اضرار عامة أسوة بكارثة العام 2010»، لافتاً إلى أنه لم تسجل أي كارثة زراعية في العام الحالي. وأكد الحاج حسن أن «أجهزة الوزارة كشفت على ما قيل من أضرار طالت مزارعي النحل في حاصبيا، وتبين أن الأضرار كانت بسيطة جدا ومحدودة. كما كشفت أجهزة الوزارة على أضرار مزارعي الدواجن، التي قيل إنهم تكبدوها، إنما الصحيح كانت الأضرار محصورة وبسيطة جدا». وتحدث رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم الترشيشي عن إيجابيات كثيرة تفوق أي سلبيات أخرى تكون قد طالت الحقول الزراعية بدءا من المياه الغزيرة وإلى الثلوج التي قضت على الكثير من الآفات الزراعية والحشرات، ولا سيما فار الحقل مع تعزيز مناسيب المياه الجوفية، وإراحة المزارعين من الري».
وفي راشيا والبقاع الغربي (شوقي الحاج)، تسببت مياه السيول بارتفاع نسبة المياه الجارية في الأنهر والسواقي، واجتاحت مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالزراعات الشتوية في سهول البقاع الغربي وراشيا، كما اقتحمت عددا من المنازل والمحال التجارية، لا سيما منها تلك الواقعة في مناطق منخفضة، أو على مجاري الأنهر وضفافها، متسببة بأضرار مادية.
العاصفة شمالاً
شمالاً وفي الضنية («السفير»)، استكملت أعمال فتح الطرق في العديد من قرى وبلدات الجرد، في وقت بقيت بعض الطرق مقفلة بسبب تراكم الثلوج، حيث ناشد أهالي بلدات جيرون ودبعل والقمامين وزارة الأشغال العامة الإيعاز للجهات المعنية لفتح طرق قراهم «المعزولة عن محيطها». لكن الوضع بدا مختلفا في بعض قرى وبلدات الاصطياف في الضنية، التي تحولت إلى مقصد للزائرين الباحثين عن تمضية عطلة نهاية الأسبوع والتمتع بمشاهدة الثلوج، رغم تدني درجات الحرارة وتشكل طبقة من الجليد على العديد من الطرق.
في عكار (نجلة حمود)، تمكن المواطنون من تفقد ممتلكاتهم أمس، تمهيدا لاستعادة حياتهم الطبيعية، حيث عمل المزارعون على تفقد مزروعاتهم والبيوت البلاستيكية التي تمزقت بفعل قوة الرياح. كما أدت الأمطار الى تلف المحاصيل الزراعية الشتوية، وألحقت أضراراً بموسم البندورة والحمضيات التي تساقطت ثمارها على الأرض. وشهدت المناطق الجردية ورشة عمل منظمة من قبل البلديات التي عمدت على إعادة فتح الطرق الرئيسية والفرعية أمام المواطنين، الذين تهافتوا على المحال التجارية للتزود بالسلع والمازوت، الذي كان قد فقد من محطات الوقود جراء زيادة الطلب. وناشد الأهالي في قرى وبلدات فنيدق، ومشمش، وعكار العتيقة، وعيات، وأكروم، العمل على إصلاح الأعطال في شبكة الكهرباء وإعادة التيار الى مناطقهم، خصوصا أنهم يعيشون في الظلام منذ بدء العاصفة، وأبدت عائلة الشاب سعود الدندشي الذي قضى غرقا في النهر الكبير أسفها للطريقة التي تم بها التعاطي مع قضية ابنها، مؤكدة أنه لم يتم البحث بشكل جدي، ولفتت العائلة الى أنها تقوم بالبحث عن جثة ابنها في مختلف القرى الواقعة بالقرب من النهر، وأعربت عن مخاوفها من أن تكون قوة المياه قد جرفته الى البحر في منطقة العريضة.
في إهدن («السفير»)، سمح انحسار العاصفة لأهالي البلدة بتفقد منازلهم، التي لم يتمكنوا من الدخول إليها بفعل تراكم الثلوج. وقد شهدت البلدة زحمة وافدين من مختلف المناطق اللبنانية الذين تمتعوا بالثلوج وتراشقوا بكراتها. وبعد ظهر أمس، لم يتمكن أحد من الوصول الى إهدن بفعل زحمة السير الخانقة ابتداء من بلدة اجبع، ما دفع بالمواطنين إلى ركن سياراتهم إلى جانب الطريق والانتظار لساعات للمرور فيما بعضهم فضل العودة ادراجه.
كما لم تفتح المدرجات في الأرز امس بفعل استمرار تساقط الثلوج حتى الظهر، إلا أن المواطنين حاولوا التوجه إلى المنطقة المفتوحة طريقها على خط واحد أمام السيارات المجهزة. وقد وصلت سماكة الثلوج إلى ثلاثة أمتار وسط حجوزات غير متوقعة وصلت إلى مئة في المئة.
وفي إقليم التفاح («السفير») تراوحت سماكة الثلوج بين العشرة والأربعين سنتمتراً، وعملت جرافات وآليات اتحاد بلديات جبل الريحان بالتعاون مع وزارة الأشغال العامة على فتح الطرق المؤدية إلى المناطق المذكورة. وأشار رئيس الاتحاد المهندس زياد الحاج إلى أن وحدات متخصصة من عمال ومتطوعين، مجهزين بآليات وجرافات، كانت مستنفرة قبيل وقوع العاصفة منذ اسبوع، وعملت طوال هذه الفترة على فتح الطرق في بلدات الريحان ومنطقة إقليم التفاح، وتأمين خط الوصول بين النبطية ومنطقة البقاع الغربي، وخاصة عند مثلث كفرحونة الذي غطته الثلوج بكثافة، لافتاً إلى أن هذه العملية ساهمت في تأمين دائم للمواد الأولية والغذائية والمحروقات للأهالي في المناطق المتأثرة بالعاصفة. وتحولت مناطق جبل الريحان وإقليم التفاح ومليتا إلى مزارات للمواطنين لمشاهدة الوشاح الأبيض الذي غطى أنحاء المنطقة. وتسببت الأمطار المتساقطة بإلحاق أضرار في حقول المزروعات والخيم البلاستيكية في منطقة النبطية، وأحدثت المزيد من الأضرار في الطرق العامة، لا سيما الطرق التي شهدت أعمال حفر للبنى التحتية التي قامت بها إحدى الشركات في حي البياض.