بقي ملف الـ11 مليار دولار، مضافة إليه المليارات الخمسة لإنفاق 2010 ، قيد التداول في الساحة الداخلية، على وقع تداعيات تعطيل نواب 14 آذار وجبهة النضال الوطني الجلسة النيابية الأخيرة، احتجاجا على عدم ربط المبلغ بقاطرة مشروع قوننة الـ8900 مليار ليرة لبنانية، المقدم من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ما دفع الرئيس نبيه بري الى تعديل استراتيجية تعامله مع الملف المالي، و«مباغتة» الفريق الآخر بقبوله نظرية « تلازم المبلغين»، بعدما أوقف العمل بعرض «السلة المتكاملة» الذي كان قد اقترحه على الرئيس فؤاد السنيورة وفريقه، فيما يبدو ان الحكومة قطعت مسافة في طريقها نحو ترتيب حسابات المرحلة الماضية.
وبينما تعرض النائب وليد جنبلاط خلال اليومين الماضيين لانتقادات من شخصيات وقوى في 8 آذار، على خلفية مقاطعته جلسة مجلس النواب، أكد الرئيس بري لـ«السفير» ان جنبلاط باق في صفوف الاكثرية مع احتفاظه بخصوصيته.
الى ذلك، يبدو ان عقدة التعيينات الادارية تتجه نحو الحلحلة، حيث علم أن هناك توجها لدى مجلس الوزراء، في جلسته المقبلة في القصر الجمهوري، لتعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى، على أن يتم اختيار اسم جديد، من غير الأسماء التي طرحت سابقا من قبل رئيس الجمهورية ميشال سليمان والعماد ميشال عون.
ولم يستبعد مصدر وزاري أن يصار الى حسم كل تعيينات مجلس القضاء دفعة واحدة، بالاضافة الى بعض الهيئات الرقابية ومنها الهيئة العليا للتأديب.
بري يسحب عرضه
وقال الرئيس نبيه بري لـ«السفير» انه أبلغ أقطاب الأكثرية خلال اجتماعه بهم في مجلس النواب، أمس الأول، انه نفض يديه كليا من العرض الذي كان قد قدمه الى فريق 14 آذار والرئيس فؤاد السنيورة، والقاضي بتشكيل لجنة نيابية وزارية تتولى وضع سلة كاملة لمعالجة كل المسائل والإشكاليات العالقة، من الـ11 مليار دولار، مرورا بتسوية وضعية القوانين الـ69 المعلقة من أيام حكومات السنيورة، وصولا الى إلزام الحكومة الحالية بتقديم الموازنة في مهلة محددة.
وأضاف بري: بعدما رفض الفريق الآخر هذا العرض الثمين وقاطع الجلسة النيابية، مفرطا بفرصة ذهبية لطي صفحة الماضي، أعلن عن أنني أصبحت في حل تام من الطرح الذي تحملت أعباءه بشكل شخصي بعدما غامرت بتقديمه وإلزام حلفائي به، من دون أن أكون قد شاورتهم بشأنه مسبقا، لا سيما «حزب الله» والعماد ميشال عون.
وتابع: أكثر من ذلك، أقول الآن انه لو عُرض علي اليوم الطرح الذي قدمته، لكنت أول من يرفضه، علما بأنني كنت قد ذهبت في منح التسهيلات الى حد التعهد بأن أصوّت وكتلتي النيابية الى جانب السلة الشاملة.
وأوضح بري انه «إزاء ما حصل، قررت أن أسير باقتراح الرئيس السنيورة وفريق 14 آذار بتحقيق التلازم بين مشروعي الـ8900 مليار ليرة والـ11 مليار دولار، وقد توافقت مع الرئيس نجيب ميقاتي بحضور وزير المال، خلال الاجتماع الموسع في مكتبي، على ان تبادر الحكومة الى وضع مشروع قانون مفصل حول إنفاق الـ11 مليار دولار شبيه بمشروع قوننة الـ 8900 مليار ليرة لبنانية، من حيث التفنيد والشرح، ليأخذ طريقه بعد الانتهاء من إعداده الى مجلس النواب».
وقال: في حال تم إنجاز المشروع قبل موعد الجلسة النيابية في 15 آذار الحالي، سأقوم بإدراجه على جدول الاعمال الى جانب مشروع الـ8900، لتتم مناقشتهما وإقرارهما معا، أما إذا تأخر فتستمر الجلسة قائمة للبت في العديد من مشاريع واقتراحات القوانين التي تهم الناس والدولة، على ان أحدد موعدا لاحقا لمشروعي الـ8900 مليار ليرة والـ11 مليار دولار.
واعتبر انه كان بمقدور نواب 14 آذار أن يأتوا الى الجلسة السابقة «ليبحثوا في مشاريع واقتراحات القوانين المحالة حتى لا تتضرر مصالح المواطنين، ومن ثم لينسحبوا إذا شاؤوا بعد طرح مشروع الـ8900 مليار ليرة».
وردا على سؤال حول موقف النائب وليد جنبلاط غير المنسجم مع الأكثرية، أجاب بري: من يظن انه يستطيع الإيقاع بيني وبين النائب جنبلاط مخطئ وواهم، ولا أنصح أحدا بالدخول على خط علاقتنا. وأكد ان جنبلاط لا يزال في الأكثرية، إنما على قاعدة ان كل طرف من أطرافها له خصوصيته وأفكاره، معتبرا ان هذا التمايز هو أبلغ رد على أولئك الذين اتهموا الحكومة عند تشكيلها بأنها حكومة هذا الحزب او ذاك.
وتعليقا على انتقادات وُجهت من قبل تيار المستقبل لزيارته قبرص، استغرب بري «اللجوء الى هذا النوع من الردود، بدلا من ان يشكروني لأنني ذهبت الى قبرص لأصحح خطأ ارتكبوه هم بحق حدود لبنان البحرية وثروته النفطية». ونفى ان يكون قد أدى دور السلطة التنفيذية في لقاءاته مع المسؤولين القبارصة، مشددا على ان الزيارة كانت منسقة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الطاقة جبران باسيل، ولافتا الانتباه الى ان من حق أي لبناني ان يدافع عن حقوق بلده، بمعزل عن موقعه، ومن دون ان ينتظر إذنا من أحد.
عون: جنبلاط ليس في الأكثرية
في هذه الأثناء، اكد رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون انه لن يقبل بأي شيء غير قانوني في موضوع الـ11 مليارا، «ونحن لسنا مجبرين على أن نتحمّل أخطاء غيرنا وتجاوزاتهم». واعتبر بعد اجتماع التكتل ان عدم حضور نواب «جبهة النّضال الوطني» إلى مجلس النّواب، هو موقف سلبي وغير سليم، معتبرا أنّ جنبلاط «من الأساس لم يكُن في الأكثرية».
«المستقبل».. والتدقيق المالي
من ناحيتها، دعت كتلة «المستقبل» النيابية، بعد اجتماعها امس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، الى تشريع التدقيق المالي للدولة اللبنانية منذ الطائف وحتى اليوم، مشيرة الى ان حكومة السنيورة كانت قد احالت في 25/5/2006 مشروع قانون الى المجلس النيابي للتدقيق في حسابات مالية الدولة اللبنانية كاملةً منذ الطائف وحتى الآن، ومطالبة بإحالة المشروع على اللجان المختصة ليصار الى مناقشته واقراره .
وأوضحت انها «أخذت علماً بما يتردد عن استعداد الحكومة الحالية لإعداد مشروع قانون بشأن المبالغ التي أنفقت من خارج القاعدة الاثني عشرية بين الأعوام 2006 و2010 كي يصار إلى مناقشته من قبل مجلس النواب، لقوننة الإنفاق الاضافي الحاصل في الأعوام من 2006 لغاية 2011، والمماثل لبعضه بعضاً، وذلك كله في وقت واحد»، متسائلة: لماذا لم يقدم وزير المالية ولم تقدم الحكومة على هذا العمل من قبل؟