وليس من قبيل الصدفة أن يصف رئيس « نقابة مزارعي وعمال الصنوبر في لبنان» فخري المصري ما لحق بأشجار الصنوبر المثمر في المتن الأعلى بـ «الكارثة»، ذلك أنه وبحسب المصري «ستكون للأضرار نتائج اقتصادية واجتماعية مباشرة، لا سيما أن أحراج الصنوبر تشكل مورد الرزق الأساس لنحو 60 بالمئة من المواطنين في المتن الاعلى وحده».
ولا تتسبب الثلوج في كل مرة بأضرار تطاول اشجار الصنوبر، فالثلوج المترافقة مع رياح شديدة لا يمكن أن تغطي الأشجار وتتراكم عليها، وما حصل في العاصفة الأخيرة أن الثلوج تساقطت بكثافة بعد هدوء الرياح ما سمح بتراكمها على أغصان الأشجار التي تكسرت تحت ثقل الثلج، ما أدى إلى تقطع خطوط التوتر العالي وحرمان المنطقة من الكهرباء خلال العاصفة. وتركزت أضرار الثلوج في القرى والبلدات التي يزيد ارتفاعها على التسعمئة متر، في حين أن الأضرار التي تسببت بها الرياح الشديدة طاولت كافة القرى، ففي بلدة رأس المتن أشار سامي المشطوب إلى أن «أضرار الثلوج كانت محدودة نسبيا لأن القسم الأكبر من أحراج البلدة يقع في (وادي لامارتين) أي في مناطق يتراوح ارتفاعها بين ستمئة وثمانمئة متر»، لافتاً إلى «أننا تضررنا من جراء الرياح الشديدة التي اجتثت بعض الأشجار». وقال: «في الاحراج التي أملكها اجتثت الرياح شجرتين معمرتين، لكن ثمة عددا أكبر من الأشجار التي أوقعتها الرياح في الأحراج المجاورة».
واشار المزارع منير الأعور إلى أن «حجم الأضرار أكبر بكثير مما كنا نتوقع، ما يعني أن المنطقة ستشهد كارثة زراعية وطبيعية تترتب عليها نتائج يعجز المزارعون عن مواجهتها، بعيداً عن رعاية الدولة ومواكبتها للكارثة التي جاءت لتقضي على آمالنا كعاملين في قطاع الصنوبر، نواجه منافسة غير مشروعة وأعمال تهريب مستمرة للصنوبر الأجنبي»، لافتاً إلى أن «العاصفة اجتثت مئات الأشجار من الجذور، وشلعت أغصان وجذوع آلاف الأشجار، في ظاهرة معممة طاول القرى الممتدة من كفرسلوان وقرنايل مروراً بالقرى والبلدات الواقعة على ارتفاع سبعمئة متر وما فوق».
أما المصري، فقال: «كنقابة لا نطالب الدولة بمحاربة الطبيعة، لكن نطالبها بأن تلتفت إلينا أسوة ببقية القطاعات الزراعية التي تتعرض لكوارث طبيعية»، وأشار إلى «أننا في السابق وعدنا بالتعويض على الأضرار ولم نلق أي مساعدة، بالرغم من أن الصنوبر يعتبر ثرورة اقتصادية وبيئية وجمالية». وأضاف: «لن نقوم بإعداد دراسة ميدانية حول حجم الخسائر، إذ سبق وقمنا بمسح للأضرار عام 2008 ولم يكن هناك اي تجاوب من الدولة»، لافتاً إلى أن «الأضرار كبيرة جدا ولا يمكن أن نتحدث عن أرقام، لكن كحد أدنى يمكننا التأكيد أن حجم الانتاج سيتراجع أكثر من 20 بالمئة». واعتبر المصري أن «الاضرار لا تقتصر على موسم واحد فحسب»، مشيراً إلى أن «الاشجار المتضررة بحاجة لأربع أو خمس سنوات لتجدد نفسها وتعود إلى إنتاجها السابق، ما يعني أن نتائج الأضرار ستبقى ماثلة لأربع سنوات متتالية»، لافتاً إلى أن «المشكلة تركزت في المتن الأعلى نظرا لحجم الاحراج الموجودة فيه، لكنها طاولت أيضا أحراج الصنوبر في جزين وسائر المناطق اللبنانية». وقال: «كنقابة نطالب وسنطالب وزارة الزراعة بإيفاد فريق فني من الوزارة لاعداد دراسة تبين حجم الاضرار، ونحن سنكون الى جانب هذا الفريق لنؤازره، لتكون هناك أرقام واضحة ودقيقة عن حجم الخسائر»، محذرا من أن «عدم إيلاء الدولة اهتماما بالقطاع سيدفع المواطنين إلى وقف معاملة الأحراج ما يعني اندثار هذه الثروة». وأضاف: «الكارثة تتطلب إجراء مسح دقيق للخسائر يحتاج إلى وقت طويل نظراً لحجم الأضرار الكبيرة، وهذا الحجم من الأضرار سيكون موازياً لتراجع الإنتاج بمعدلات متقاربة، وعملنا كنقابة سيتركز على مراجعة الجهات المعنية، لا سيما وزارات الزراعة والاقتصاد والبيئة، والتحرك سيتركز على كيفية اعتماد حملات تشجير لتعويض الخسائر مستقبلاً، إضافة إلى البحث في كيفية التعويض على المزارعين، عبر «الهيئة العليا للإغاثة»، فضلاً عن أن هناك ضرورة استثنائية لمواجهة الكارثة في مجالها البيئي وليس الزراعي فحسب، لأن أشجار الصنوبر إضافة إلى هوائها وجمالها وإنتاجها، تعتبر بمثابة منقيات (فلترات) للهواء». وأكد المصري أن «الكارثة ستطاول ما لا يقل عن خمسين ألف عائلة في منطقة جبل لبنان، تعـتاش من القطاع تبعاً لإحصاءات دقيقة أجرتها النقابة سابقا».