ويبدو ان رؤساء البلديات لم يقعوا في الشباك التي حاول السنيورة نصبها، ما ترك الأزمة معلقة في جوانبها الثلاثة: أولا بين رؤساء البلديات ومن خلفهم مخاتير وأهالي عكار وبين الوعود المعجلة المكررة للسنيورة و«تيار المستقبل»، وثانيا بين الزميلين اللدودين معين المرعبي وهادي حبيش والاصطفاف النيابي خلفهما، وثالثاً لجهة حضور التيار في عكار والذي بدأ يطرح سلسلة من علامات الاستفهام حول استمرار دوره وحضوره ومدى تأثيره.
وتشير معلومات لـ«السفير» الى أن السنيورة أيقن منذ دخوله الى قاعة الاجتماعات في «قصر القنطاري» في بيروت، بأن الأمور لن تسير كما يشتهي، خصوصاً عندما وجد أن 33 رئيس بلدية عكارية، هم فقط من لبوا دعوته من أصل 80 رئيس بلدية وجهت لهم الدعوة، ومن بينهم الرؤساء المسيحيون الذين اعترضوا على استثنائهم بداية وعلى تحويلهم الى ملحق أضيف الى قائمة المدعوين.
وبحسب المعلومات، فإن السنيورة تحدث أمام رؤساء البلديات بلغة فيها الكثير من استدرار العطف على التيار، فذكر بمحبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري لعكار وكيف منعه النظام الأمني اللبناني ـ السوري من زيارتها، فضلا عن الاسهاب في الحديث عن صدق نوايا الرئيس سعد الحريري وتواجده قسراً خارج لبنان. لكن ذلك لم يمنع رؤساء البلديات من رفع سقف الانتقادات التي وجهت بشكل مباشر الى السنيورة ومعه نواب عكار، واعتبر البعض منهم أن التيار «الأزرق» تخلى عن القيام بواجبه الانمائي خلال الحكومات الثلاث الماضية تجاه المحافظة التي أعطته ما لم تعط أي تيار سياسي من قبل، وأن نوابه يتلهون بخلافاتهم وبصراع النفوذ في ما بينهم وفي القضايا السياسية الكبرى وفي الظهور عبر وسائل الإعلام لتسجيل النقاط على بعضهم البعض، من دون الاهتمام بقضايا عكار الانمائية والاجتماعية.
كما انتقد رؤساء البلديات توقف «تيار المستقبل» عن تقديم الخدمات والمساعدات، وإقفاله العديد من المستوصفات والمؤسسات والمكاتب، ولم يتوان بعضهم عن انتقاد توقيت اللقاء الذي عقد عند السابعة مساء واستمر حتى العاشرة ليلا، لافتين النظر الى أن كثيرين من رؤساء البلديات لن يصلوا الى بلداتهم قبل ساعات الفجر.
وتضيف المعلومات، إن هذا الهجوم غير المنتظر قد أربك السنيورة اضطر لتجاوز قضية الخلاف النيابي الحاصل وتأجيلها الى وقت لاحق، والى استيعاب ردات فعل رؤساء البلديات، وسارع الى تبني طرح النائب هادي حبيش القاضي بتعديل القانون 264 باضافة مئة مليون دولار لمصلحة عكار، واعداً بتخصيص أموال من صندوق «تيار المستقبل» لتنفيذ مشاريع إنمائية جديدة في المنطقة، داعياً رؤساء البلديات الى التهدئة والاقتــناع بهذا المبلغ وعدم تكبير الحجر، في إشارة فهمها المشاركون بأنها محاولة للالتفاف على النائب معين المرعبي ومحاصرته للتخفيف من تأثيره على البلديات.
لكن بعض رؤساء البلديات انبروا للدفاع عن المرعبي مؤكدين «أن بفضله خرجت هذه الأزمة الى العلن»، مذكرين السنيورة بـ«أنهم طلبوا موعداً معه منذ أشهر ولم يردهم أي جواب إيجابي»، وقطعوا الشك باليقين بـ«ان هذا الاجتماع لن يدفعنا الى التخلي عن المرعبي».
ثم أعطى السنيورة الكلام الى الجسر الذي أثار حضوره الاجتماع سلسلة من علامات الاستفهام، لكون مجلس الانماء والاعمار يخضع بشكل مباشر الى سلطة رئيس الحكومة، وشرح الجسر لرؤساء البلديات العوائق التي تحول دون الإسراع في تنفيذ بعض المشاريع الحيوية الخاصة بالمنطقة.
وبدا واضحاً أن ما بدأه السنيورة في لقاء «قصر القنطاري» استكمله النائب هادي حبيش أمس، اذ زار مقر اتحاد بلديات ساحل القيطع واجتمع برئيسه أحمد المير، كما زار رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع عبد الاله زكريا في منزله في طرابلس، وذلك في خطوة تهدف الى التقرب ممن يدعمون توجهات المرعبي، وشرح حبيش لهما وجهة نظره حيال القانون 264 وتأكيده على أن إنماء عكار يعني جميع النواب، وعلى أن «تيار المستقبل» لن يتخلى عن عكار مهما كانت الظروف والمعطيات.
لكن خطوة حبيش لم تقنع المير الذي أصدر بياناً أمس، أوضح فيه أن «عدم مشاركة الاتحاد في اجتماع السنيورة كان بهدف تسجيل موقف سلبي حول طريقة التعاطي مع عكار، رافضاً أن يتعاطى «تيار المستقبل» باستخفاف مع المشاريع الانمائية، مؤكداً «اننا لسنا أزلاماً لدى أحد».
وتمنى المير لو «أن الاجتماع ضم نواب عكار لكي تتم مواجهتهم بتقصيرهم الفادح بحق المنطقة»، منتقداً من أسماهم الطفيليين من أصحاب المصالح الشخصية والذين يعدون التقارير المشبوهة.
وقال المير في بيانه «نحن لم نقتنع بجدية الاجتماع ولا نريد أن نستمع الى المزيد من الوعود التي تطلق جزافاً، بل نريد خطة عملانية لوضع الأمور في نصابها»، لافتاً النظر الى «أن أحداً من المسؤولين في «تيار المستقبل» لم يلتفت إلينا، وكل ما يهم البعض هو تسوية الخلاف الذي أثير بسبب مواقف بعض النواب الذين نشكرهم على تذكير المسؤولين بوجود محافظة اسمها عكار وهي ضمن الخريطة اللبنانية».
وختم مؤكدا «أن بلديات عكار مستعدة للتعاون مع كل المسؤولين على اختلاف توجهاتهم السياسية بهدف تحقيق الانماء المنشود».