وأوضح سماحته خلال لقائه وفدا من شباب جمعية إحياء التراث الإسلامي من الكويت أن واجبنا نحو إخواننا في سورية هو دعاء الله وصدق الالتجاء والاضطرار إليه مع بذل الجهد في إيصال المساعدات إليهم، لافتا إلى أن التاريخ المعاصر لم يعرف جريمة سفك دماء وانتهاك أعراض كالتي وقعت بسورية، مؤكدا أن الله بالمرصاد، وأن العدوان والإجرام لا بد له من نهاية.
الدعوة إلى الله
وأضاف: أوصيكم بالدعوة الى الله ونشر الفضيلة، وتبيان محاسن هذا الدين وأخلاقه الفاضلة، والدعوة إليه بالحكمة والعلم والبصيرة، ليستنير الجاهل، ويستنبه الغافل، ويرجع المخالف للحق بإذن الله، فإن الدعوة إلى الله والاستمرار فيها ومواصلة الأعمال الخيرية والصالحة يجب أن يكون حال المسلم على الدوام، ومن وفقه الله لأن تكون حياته في الدعوة إلى الله والذب عن هذا الدين ونشر محاسنه فلا شك أن حياته حياة خيرة، وحياة سعيدة، فمن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل من تبعه إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، لأن هذه الدرجة من الخيرية يستفيد منها المدعو ومن اقتدى به ومن اهتدى به، ولهذا لرسول الله وأنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم جميعا فضائل عظيمة لكثرة التابعين لهم.
واجبنا نحو سورية
يسأل الكثير عن الوضع في سورية، وما الواجب علينا تقديمه للمسلمين هناك؟
والله يا إخواني الوضع خطير وسيئ، وإنما علينا الدعاء لله، والالتجاء إليه سبحانه، والاضطرار إليه قبل كل شيء، ثم بذل الجهد في إيصال المساعدة إليهم إن أمكن، كما يجب على الدول الإسلامية دعم إخواننا بسورية، ويقظتها لهذا الخطر الداهم الذي سفكت فيه الدماء وانتهكت فيه الأعراض، ولم يعرف في التاريخ الحاضر والمعاصر جريمة ارتكبت مثل ما ارتكب بسورية، ففيها من الفظائع والمخازي والقسوة والشدة وإهدار كرامة الإنسان ما الله به عليم، هي في الحقيقة بلاء ومصيبة عظيمة، نسأل الله أن يزيل الغمة وألا يعاقبنا، فهؤلاء قد أفسدوا وطغوا لكن الله بالمرصاد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته»، قال: ثم قرأ (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)، فالله جل وعلا يقول في الحديث القدسي (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)، ولاشك أن هذا العدوان وهذا الإجرام لابد له من نهاية.
دعم الجيش الحر
هل دفع المال للجيش السوري الحر مشروع ويعتبر نوعا من الجهاد في سبيل الله؟
٭ إذا علم أنه سيصل إلى هؤلاء (الجيش الحر) وصولا جيدا بأمانة ودقة فلاشك إن شاء الله أنه جهاد في سبيل الله، لأن ما قوى شوكة هؤلاء (الجيش الحر) وأضعف شوكة هؤلاء (النظام السوري) مطلوب شرعا.
الإضرابات والاعتصامات
هل تجوز الإضرابات والاعتصامات للضغط على الحكومة لزيادة الرواتب أو إزالة ظلم واقع؟
٭ والله هذه لا تحقق هدفا، الذي يحقق الهدف هو العمل الجيد الخالص، وأما مثل هذه الاعتصامات والإضرابات فإنما تزيد شرا فيما يظهر لي ولا تحقق هدفا.
هل مازال هناك تدرج في الشريعة الإسلامية؟
٭ الله جل وعلا يقول (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)، وفي الشرع التوحيد هو الأصل، ثم شرعت الصلاة بمكة، ثم في المدينة شرعت الزكاة والصوم والحج، وبقية الواجبات والمحرمات، لكن الداعية إلى الله في الأصل يجب أن يعلم أن الشريعة كاملة، وإذا دعا إلى الله نظر، فإن كان هذا المجتمع مجتمعا وثنيا غير مسلم بدأ معهم بأصول الإيمان، بالدعوة إلى توحيد الله جل وعلا، ومن ضمن ذلك أيضا الدعوة إلى أركان الإسلام، لأن الدين قد كمل الآن، فعليه أن يبدأ بالمهم وهي العقيدة، ويتبع ذلك أيضا بأركان الإسلام لأن الأمر الآن واضح، ولم يبق الأمر كالأول، في الأول كان العرب جاهلين، كما قال الله (لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) فهم كانوا قوم ليس عندهم علم، وقوم جهلة، أما الآن فالمعرضون يعرفون الحق لكن يتجاهلونه، وإنما على المسلم أن يعالج كل قضية بقدرها، ونسأل الله التوفيق.
مقاطعة الكفار اقتصادياً
ما حكم مقاطعة منتجات الكفار في ظل الدعوات المتجددة التي نسمعها في هذا الشأن؟
٭ المقاطع ينظر هل للمقاطعة أثر إيجابي، إن كان لها أثر إيجابي يحصل به المقصود يكون له حكمه، وإن كان أثرها يسيرا لا يؤثر فلنعلم أنه كانت هناك تجارة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين النصارى والفرس، حيث كان يتجر باليمن والشام، ويتعامل مع غير المسلمين، فلو كنا على يقين أن هذا المنتج لو تركناه تغير الواقع جاز، لكني لا أظن ان هذا يحصل.
الكنائس وجزيرة العرب
خرجت عندنا دعوات من أعضاء البرلمان الكويتي إلى منع أو هدم الكنائس، فما صحة هذه الدعوات في ميزان الشريعة؟
٭ الكويت جزء من الجزيرة، والجزيرة العربية يجب أن تهدم كل ما فيها من الكنائس، لأن هذه الكنائس اقرارها اقرار لدين غير الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم أمرنا وقال «لا يجتمع في جزيرة العرب دينان»، فبناؤها في الأصل لا يصح، لأن هذه الجزيرة يجب أن تخلو من هذا كله.
ما حكم العمل في البنوك التي تشمل معاملات ربوية وأخرى إسلامية؟
٭ إذا كان عمل الإنسان الذي يعمله فيها بعيدا عن الربا بجميع أنواعه فلا شيء عليه، لكن إن حصل على عمل غيره فأحسن.
الشباب المغرر به
كيف يمكن معالجة ظاهرة الشباب المسلم المغرر به للنيل من مقدسات الإسلام؟
٭ هذه تعالج بالدعوة إلى الله، والإشراف على منتدياتهم واجتماعاتهم على أن يتخللها أهل العلم والفضل لكي يوجهوهم، فإذا التقى الأخيار بشبابنا وامتزجوا بهم وحضروا مجالسهم كان خيرا، فلا ينبغي أن يكون بينهم حاجز، لأن الحاجز يجعلهم في معزل منهم، لابد أن يكونوا معهم، يشاركونهم همومهم ومشاكلهم.
النقاش الهادئ أعظم
ما رأيك في إنكار المنكر عبر الكتابة بالصحافة واستخدام أسلوب الضغط الإعلامي على المسؤولين لتغييره.
٭ ينبغي إخواني أن يكون تغيير المنكر بصورة لا تؤدي إلى منكر أكبر، فالمنكر لا يغير بمنكر ثان، إنما يغير المنكر بإذهابه أو تخفيفه، تجاذب الآراء في الصحافة قد يكون فيها شر، يعني هذا يرد وهذا يرد، فلا يصلون إلى الحقيقة، النقاش الهادف بالمنتديات واللقاءات الخاصة والمجالس الفقهية عندي خير من الصحافة، فنلتقي بتلك المجتمعات بأنديتهم أو بالجامعة، ونزور الآخرين في دواوينهم، لننظر ما وراءهم فنناقشهم النقاش الهادف الهادئ، الذي يكون بسكينة وطمأنينة وانشراح صدر، وهو أعظم من الصحيفة التي نتراشق فيها بالتهم.