برغم تزاحم الملفات المعيشية وارتفاع منسوب القلق من الأمن الغذائي لكل مواطن لبناني، وبرغم استمرار التجاذب بين أهل السلطة السياسية حول الملفات المالية والكهربائية والنفطية والادارية.. وبما في ذلك الموقف من الأزمة السورية، فإن هاجس الأمن، تقدم في الساعات الأخيرة، على ما عداه، في ضوء تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس، أن الجيش اللبناني وضع يده على خلية متشددة كانت تعمل ضمن المؤسسة العسكرية وتخطط لتنفيذ عمليات تخريبية وتعمل بين الشمال والمخيمات الفلسطينية «وليس لها علاقة بالموضوع السوري».
في هذا السياق، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» تفاصيل إضافية حول ما اسمتها «الشبكة التكفيرية» التابعة، وفق التحقيقات الأولية، الى «كتائب عبدالله عزام»، وقالت انه تم توقيفها في إطار عملية دهم منظمة حصلت في يوم واحد وأسفرت عن إلقاء القبض على كل أفرادها، وأضافت ان حكاية هذه الشبكة تعود الى بضعة أشهر، ولاسيما في الوقت الذي تم فيه توقيف احد رجال الدين في الشمال من قبل مخابرات الجيش اللبناني، «ومنذ ذلك الحين، أمسكنا ببعض الخيوط، وتتبعناها الى أن ظهرت أمامنا بعض المعطيات المثيرة للاهتمام من خلال بعض الاتصالات الهاتفية وما كان يستخدم خلالها من تعابير فضلا عن ذكر مصطلحات خاصة بالمؤسسة العسكرية، ما حملنا على تتبع تلك الاتصالات من مصدرها الى متلقيها».
ولفتت المصادر الانتباه الى ان العقبة التي واجهت الجيش في البداية تمثلت في عملية التعمية التي اعتمدتها تلك الشبكة خلال التواصل بين أفرادها، «وقد كنا أمام أحد احتمالين، إما ان من يتلقى الاتصال هو ضمن المؤسسة العسكرية، وإما أن يكون خارجها، ولكنه على دراية بكل تفاصيلها، وهذا ما جعلنا نعلن الاستنفار غير المعلن بالمعنى الأمني داخل الجيش نفسه».
وأشارت المصادر الى ان مخابرات الجيش اللبناني، نفذت هذه المهمة بسرية مطلقة ومن دون أي ضجيج، حتى ان هذا الامر كان معتما عليه بشكل حثيث على مدى أكثر من شهرين، وتم حصره ضمن دائرة عسكرية ضيقة جدا، وتبين ان المتصل كان يعتمد اسما حركيا، ومع مرور الأيام تيقنا ان المتلقين موجودون داخل المؤسسة العسكرية، وكانوا يتلطون خلف أسماء حركية أحدها «فداء» والثاني «جبران».
وتابعت المصادر: «قبل أيام قليلة، تمكنت مخابرات الجيش من تحديد هوية هؤلاء المتلقين داخل المؤسسة وكذلك من هم في الخارج مع أماكن سكنهم»، واضافت «داخل المؤسسة، تم الاشتباه بثلاثة أفراد، أولهم، برتبة تلميذ ضابط في المدرسة الحربية، والثاني، برتبة معاون، والثالث عنصر في مغاوير البحر. فتم إلقاء القبض عليهم جميعا (اثنان من الشمال وثالث من البقاع)».
وقالت المصادر انه بعد إلقاء القبض عليهم، تم اخضاعهم لتحقيق دقيق، وتبين ان المعاون الموقوف لا علاقة له، فتم الافراج عنه، فيما ثبت الاتهام على التلميذ الضابط في «الحربية» وعنصر مغاوير البحر، «وقد اعترفا مع سائر الموقوفين المدنيين وعددهم خمسة، بتأليفهم شبكة تكفيرية، تنظر الى الجيش اللبناني على انه مؤسسة كافرة وملحدة».
وأشارت المصادر الى ان التحقيق مع هؤلاء الموقوفين استمر حوالي الاسبوع وأدلوا خلاله باعترافات خطيرة، وتمت إحالتهم الى القضاء العسكري لاجراء المقتضى القانوني المناسب، «فيما تم إبلاغ السلطات السياسية بمحصلة العملية التي قامت بها مخابرات الجيش».
ولفتت المصادر الانتباه الى أن أفراد المجموعة «اعترفوا ان زعيم الشبكة هو المدعو «ابو محمد» الموجود في أحد المخيمات الفلسطينية».
وأوضحت المصادر الواسعة الاطلاع ان خرق المؤسسة العسكرية وتحديدا من خلال الضابط في «الحربية» تم بطريقة حرفية من قبل المجموعة التي تولت التجنيد «استنادا الى اعتبارات دينية ومذهبية ومن خلال زرع أفكار شيطانية آلت بالضابط الشاب الى حالة استلاب لم يعد قادرا معها أن يميز بين الخير والشر».
ووصفت المصادر الشبكة بأنها «خطيرة جدا»، وألمحت الى أوجه شبه بينها وبين شبكات ارهابية ألقي القبض عليها، ولاسيما منها تلك التي اقدمت على اغتيال بعض العسكريين وتفجير الحافلات التابعة للجيش اللبناني، وخاصة في طرابلس. وقالت ان التحقيقات مع الموقوفين «توصلت الى أنهم كانوا يعدون للقيام بعمليات إرهابية كان يمكن ان تؤدي الى كارثة لولا سهر الاجهزة العسكرية والأمنية المعنية».
وكشفت المصادر ان الشبكة كانت تتولى رصد الثغرات التي يمكن من خلالها النفاذ الى تنفيذ عمل أمني كبير ضد الجيش، على ان يصار بعد تحديد الثغرات الى الانتقال الى المرحلة الثانية والتي تتعلق بإدخال المواد المتفجرة الى المكان المحدد إلا أن إلقاء القبض على الشبكة حال دون إدخال المتفجرات وقطع الطريق على المرحلة الثالثة وهي تحديد ساعة الصفر لتنفيذ العملية.
وقالت المصادر أن التلميذ الضابط اعترف بأنه كان يحضّر لعملية ارهابية تطال المدرسة الحربية، وربما كلية الاركان، فيما اعترف عنصر المغاوير بأن مهمته كانت محددة بعمل مشابه ربما في قاعدة حامات، وهنا كانت الخشية لدى المؤسسة العسكرية من ان تكون الخطة الموضوعة تستهدف المدربين الاميركيين المتواجدين هناك، ولكن التحقيقات استبعدت تلك الفرضية.