أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«اليونيسكو» تحذر من شطب جبيل عن «لائحة التراث العالمي»

الخميس 15 آذار , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,108 زائر

«اليونيسكو» تحذر من شطب جبيل عن «لائحة التراث العالمي»

وكانت مديرية الآثار قد أوقفت البناء الواقع ضمن السور الأثري لجبيل في نهاية عام 2010، ولم يُزل المالك الطابق الثالث «المخالف»، أو يُخفض سقفه إلى مستوى متناسق مع محيطه. وأتى المنع بعدما أجازته له المديرية في البداية، وفق مواصفات الخرائط الهندسية، التي رفعتها إليها بلدية جبيل، كون المديرية هي المخولّة البت برخص البناء، حجباً أو إصداراً في المنطقة الأثرية الواقعة ضمن سور القلعة، والمصنفّة تحت مسمّى (G 5). ويبيّن ملّف رخصة البناء على العقار – جبيل 627 الموجود لدى بلدية جبيل، أن مديرية الآثار وافقت على الرخصة بعد رفعها إليها مدونّة الآتي: «الموافقة عليها من قبل المديرية العامة للآثار، والممهورة بختم هذه المديرية، وفقاً للكتاب الصادر الرقم 4408 تاريخ 14/11/2008، وشرط التقيّد به». علماً أن مالك العقار السابق، كان نال هو الآخر موافقة مديرية الآثار على رخصة لبناء مساكن سياحية ومطعم في 22/5/2007، قبل أن يتمّ تعديلها، بعد تقدّم مالك العقار الحالي من المديرية نفسها برخصة بناء مسكن عائلي. 

ويؤكد رئيس المكتب الفنّي في «اتحاد بلديات جبيل» ميشال خليفة، التي ترفع إليه خرائط البناء في المنطقة الأثرية، بعد نيلها موافقة مديرية الآثار، للكشف فنيّاً عليها قبل إرسالها إلى البلدية التي تصدرها رسمياً، أنّ «رخصة العقار التزمت بمعدل الاستثمار العام في المنطقة المصنفة، البالغ 0،9 في المئة. وتقيّدت بالارتفاع الأقصى البالغ عشرة أمتار (شرط أن لا يتجاوز ارتفاعه ارتفاع السور)، وبنظام الاتساعات»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «الكشف الدائم على البناء بعد مباشرة الأعمال به كان يخلص في المرّات كلها إلى تقيّد المباني بالمواصفات المنصوص عليها في الرخصة، بما فيها البناء ابتداء من النقطة الأكثر انخفاضا في العقار، والمعروفة تقنيا بالنقطة صفر». وكذلك يلفت مهندس بلدية جبيل زاهر أبي غصن إلى أنّ «اجراءات الكشف التي قامت بها البلدية غير مرّة على البناء المذكور، وحدها وبالتعاون مع الكتب الفني في اتحاد بلديات جبيل، انتهت كلّها الى مطابقته لمواصفات البناء في المنطقة المذكورة». 

ولا ينفي معنيون في مديرية الآثار، لـ«السفير»، قانونية البناء من حيث مطابقة مواصفته لشروط تصنيف المنطقة، وذلك بناء على تقارير كان التنظيم المدني في جبل لبنان رفعها إليها بعد كشفه على البناء، «لكنّ المديرية طلبت من صاحب العقار التوقّف عن البناء بعد مباشرته ببناء الطابق الثالث (وهو جزء من الطابق الثاني على الخريطة)، بعدما بدا ارتفاعه نافرا قياسا الى ارتفاع المباني المحاذية له، وهي أبلغته طلبها ذلك مرتيّن، عبر مخفر درك جبيل، لكنّه واصل العمل حتّى أنّه عمد إلى صبّ سقف الطابق الثالث ليلاً، مرتكزا إلى قانونية بنائه». وتؤكد «الآثار» أنّ «المشكلة أساساً هي في وقع البناء ضمن محيطه الذي تمتاز الأبنية الواقعة فيه بانخفاض ارتفاعها وابتعاد واحدها عن الآخر أمتاراً عديدة». 

ويذهب كل من خليفة وأبي غصن إلى ما ذهبت إليه «الآثار»، لجهة عدم تجانس واجهة البناء مع واجهات المباني المحيطة به، علماً أنّ ثمة أبنية داخل السور القديم يصل ارتفاعها الأقصى إلى العشرة أمتار (وبينها ما هو حديث البناء) «لكنّ وقوعها بين مبان تدانيها في الارتفاع خفّف من وقعها»، يقول أبي غصن. وفي ذلك السياق يشير خليفة إلى أنّ «بلدية جبيل تتجّه من خلال التنظيم المدني الى إعادة النظر في طبيعة التصنيف في المنطقة الأثرية على أساس التناسق في الغلاف، والتجانس في واجهات الأبنية، وليس على أساس الارتفاع، وذلك تماشيا مع طوبوغرافية المنطقة». أمّا صاحب العقار فيتحفظّ عن التعليق على الموضوع في انتظار صدور حكم مجلس شورى الدولة في القضية. 

تحذير «اليونيسكو» 

وفي تشرين الثاني من عام 2010، زارت المديرة العامة لـ«منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة - اليونيسكو» إيرينا بوكوفا جبيل، بمعية وزير الثقافة السابق سليم وردة، واستوقفها أثناء جولتها في المنطقة الأثرية بناء العقار 627، حيث أعربت بحزم عن عدم ملاءمة ارتفاعه لمواصفات المدن الموضوعة على «لائحة التراث العالمي». وأوضح مدير المركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل «اليونيسكو»، بالتكليف، أدونيس العكرا أن «بعثة من اليونيسكو - باريس، زارت جبيل للوقوف على وضع المبنى الذي كشف عليه أيضا مكتب المنظمة الإقليمي الذي مقرّه بيروت، ورفع كلاهما تقارير إلى وزارة الثقافة، مفادها أنّه إذا كانت الدولة اللبنانية تسمح بتشييد بناء بهذه المواصفات في المنطقة الأثرية فإنها سترفع جبيل عن لائحة التراث العالمي، وتحمّل المسؤولية للدولة. وإذا كانت القوانين اللبنانية لا تجيز البناء بهذه المواصفات في الـ «G5» فهذا يعني أن صاحب العقار مخالف، وبالتالي على الدولة إيقافه عن العمل. وإذا لم يتمّ ذلك وأجريت تسوية للمبنى، فإن اليونيسكو سترفع جبيل كذلك عن لائحة التراث العالمي». 

وذكر العكرا أنّ «اليونيسكو» اقترحت «أن يُطلب من صاحب العقار هدم الطابق الثالث أو تخفيض ارتفاعه الى المستوى الذي تحدده المديرية العامة للآثار». وقال: «إذا جاء حكم مجلس شورى الدولة لصالح مالك المبنى، ووزارة الثقافة تشك في ذلك، فإن الأخيرة ستعمد الى شراء العقار، ولا يستطيع المالك أن يرفض ذلك لأن الاستملاك هو للصالح العام»، معتبراً أنّ «المالك ساعتئذ سيفضّل إزالة الطابق أو الالتزام بالارتفاع الذي تحدده له الوزارة، وذلك على نفقة الوزارة». وأضاف: «أمّا إذا صدر الحكم ضدّ صاحب العقار فستعمد الدولة الى إزالة الطابق الثالث على نفقة المالك». 

في قصة العقار 627 - جبيل، الجميع بانتظار حكم مجلس شورى الدولة، الذي لا يبدو وفق معلومات «السفير» أنّه سيصدر في الفترة الحالية. 


Script executed in 0.20304799079895