بعيداً عن أصوات طبول الحرب الإعلاميّة التي تُسمع في خطابات الزعماء بين تل أبيب وواشنطن، يبدو أنّ خيار خنق إيران مالياً هو أحد المرتكزات الأساسية لحملة الضغوط عليها. وآخر الفصول في مساعي تضييق الخناق هذه هو وقف عمليات «Swift» مع المصارف الإيرانية. فقد علمت «الأخبار» أنّ الأسبوع المقبل سيشهد صدور قرار لوقف الخدمات التي تُقدّمها الشركة العالميّة للعديد من المؤسسات المالية في الجمهورية الإسلامية.
وبحسب مطّلعين، فإنّ «Swift» أعلمت شريكتها الإقليمية، «AEG» اللبنانية، بأنّ القرار سيُتّخذ على الأرجح في البرلمان الأوروبي في إطار زيادة الضغوط المالية على ايران لكبح طموحها النووي. وبالتالي سيتعيّن على الشركة اللبنانيّة وقف خدماتها للمصارف الإيرانية.
لكن، هل إيقاف «Swift» وحده يكفي لقطع الوريد لإيران الذي يصلها بالنظام المالي العالمي؟
يُشدّد أحد الخبراء المختصّين بتحويلات الأموال في المنطقة على أنّ هذا الإجراء وحده لا يكفي، وإن كان يُعدّ أداة لزيادة الضغط وتضييق الخناق لتصعيب عمليات التحويل المالي. «حتّى لو ضيّقوا الخناق على إيران عبر نظام Swift، يبقى بإمكان مصارفها تحويل الأموال على نحو آمن من خلال أنظمة تشفير مختلفة». لكن في المقابل، تكون الضربة القاضية عبر وقف تعامل المصارف والمؤسسات المالية الإيرانية مع مصارف المراسلة التي تتعامل معها في مختلف الأقاليم.
«إذا توقّفت مصارف المراسلة عن التعامل (مع إيران) فيتعيّن على المصارف هناك إجراء التحويلات اللازمة، إن عبر السفر مباشرة إلى البلد، حيث يجب أن تُسدّد الأموال أو الاعتماد على وسطاء في ذلك البلد لتسديد المبالغ المطلوبة»، يتابع الخبير نفسه.
من جهة أخرى، يُمكن اعتماد نظام تشفير مختلف عن الذي تُقدّمه «Swift» لضمان انتقال المعلومات على نحو آمن؛ وهي مسألة ليست صعبة وإن كانت تحتاج إلى جهود إضافية. بل أكثر من ذلك، يُمكن اعتماد نظام بديل في قلب النظام المالي.
على أي حال، فإنّ خطوة وقف تقديم خدمة «Swift» للمصارف الإيرانية تُعدّ تصعيداً واضحاً في إطار فرض العقوبات على هذا البلد، سبقته حملات مناصرة من مجموعات ضغط في هذا الاتجاه.
وتؤدي الشركة دور «ساعي البريد» للرسائل المصرفية، وقد تأسست في مطلع سبعينيات القرن الماضي على أيدي أكبر المصارف العالميّة لتأمين شبكة تواصل آمن بين المؤسسات المالية حول العالم من خلال إرسال أوامر الدفع أو القبض على نحو مشفّر.
وتوضح الشركة أن حجم الرسائل التي عالجتها في كانون الثاني الماضي بلغ 338.7 مليون رسالة، أي بمعدّل 16.7 مليون رسالة يومياً، وهو دليل على أهمية الخدمة التي تقدمها.
ويصل عدد رسائل التحويل لمصلحة بعض المصارف الإيرانية إلى 7 آلاف رسالة يومياً لكلّ منها.
ويؤكّد عاملون في هذا القطاع أنّ الشركة لا تدخل في تفاصيل الرسائل المصرفية التي تُبعث عبر نظامها. ويتنوّع فحوى تلك الرسائل من تسديد أكلاف استيراد الأدوية والمواد الغذائية، وصولاً إلى شراء الأسلحة. «ولكن المعروف أنّ تسديد أثمان الصفقات المشبوهة ـــــ وبينها بعض نشاطات التسلّح ـــــ يتم بتسليم يدوي إجمالاً للمال (Direct Cash Delivery)»، والأمر نفسه مع تبييض الأموال «فهذه العمليات تتم مباشرة».
بيد أن هناك أبعاداً أكثر إيلاماً لوقف نظام التعامل المالي مع الخارج. فجزء كبير من الأموال التي تُحوّل عبر الأنظمة المالية يكون بهدف تأمين حاجات حيوية مثل الغذاء.