سهل عيحا الذي يتمدد على منبسط سهلي، تزيد مساحته على 12 ألف دونم، منها 9 آلاف دونم صالحة للزراعة، تملكه واقع جديد، أكسبه تسمية تتناسب وواقعه المستجد من سهل يفيض بالخيرات ويوفر موارد العيش لمئات العائلات من المزارعين في ظل أزمة اقتصادية ضاغطة، إلى بحيرة تختنق بالمياه، التي ارتفع مستوى منسوبها على خمسة أمتار، وزادت رقعتها لتلامس أقدام بعض المنازل المنشأة عند أطرافه، وهي آخذة بالتوسع، بفعل اندفاعة المياة المتدفقة من الينابيع المتفجرة التي يحويها السهل، ويتعدى عددها 300 نبع، إلى جانب المياه الناتجة عن ذوبان الثلوج.
وتتوزع ملكية السهل على مئات العائلات من أبناء عيحا وراشيا وكفرقوق. ويوفر فرص العمل لعدد غير قليل من المزارعين والمستثمرين والعمال الزراعيين، من خلال غلته الوفيرة وإنتاجيته العالية في زراعة الحبوب، والخضار، والحشائش، والبطاطا، والبطيخ، والشمام، والبندورة، واللوبيا، والخيار، وغيرها من الأنواع. المستثمر عصام قماش، وصف ما حلّ بمزارعي ومستثمري سهل عيحا بـ «الكارثة»، بفعل الغطاء المائي الذي استجد، نتيجة تفجر مياه الينابيع التي يحويها السهل، والمياه الناجمة عن ذوبان الثلوج، مؤكداً أن حجم الأضرار والخسائر، التي حلت بالمزارعين لا يمكن تقديرها، لأن هناك خسائر منظورة وأخرى غير منظورة، لكون المساحات التالفة المزروعة بالحبوب تزيد على أربعة آلاف دونم، في حين أن المياه غطت مساحة أخرى موازية من حيث المساحة، وهي ايضاً صالحة للزراعة ولا يمكن الاستفادة منها في ظل الواقع المائي المستجد. ولفت قماش إلى أن الخسائر لا تقتصر على الموسم الزراعي الحالي، إنما توقع أن يطال مواسم مقبلة، في حال تفجر ما هو معروف بـ «المغراق»، الذي يحوّل السهل إلى بحيرة غارقة بالمياه. وذلك يمكن أن يمتد لسنوات عديدة متتالية، فما بالك بالخسائر التي قد تحلّ بمئات العائلات التي تعتاش من مردود السهل. وأوضح قماش أن المساحات المتضررة قد زادت أضعافا مضاعفة مع ذوبان الثلوج وتفجر الينابيع، وهي في تصاعد مستمر.
وتحدث المزارع أبو فادي أسد أبو رافع عن «ضرورة العودة إلى الخطة القديمة، التي وضعها مهندسون ملمّون بوضعية السهل في الخمسينيات أيام الرئيس كميل شمعون، وتظهيرها من جديد، بغية تجفيف السهل وإقامة السدود عليه، لحصر المياه واستخدامها في ريّ المشاريع الزراعية، لافتاً إلى ما تم رصده من مبالغ مالية آنذاك، لتنفيذ المشروع ولكن حتى اليوم، لا نعرف أين أصبحت الخطة، وأين تبخّرت الأموال». ووصف أبو رافع إنتاجية السهل الزراعية بالمهمة، والمتميزة بالجودة، مؤكداً أن «إنتاجنا يغزو الأسواق المحلية والخارجية، وتساوي أسعار السلع أضعاف مثيلاتها من المنتوجات اللبنانية، نظراً لخلوها من المواد الكيماوية».
ويشير المزارع أبو شكيب شباط إلى أن «الغطاء المائي الذي اجتاح مساحات واسعة من السهل، أدى إلى تدمير وهلاك الموسم الزراعي الشتوي، بعدما لامست المياه المتدفقة من الينابيع الثائرة المنازل المنشأة عند أطرافه. ويتخوف شباط من عدم نضوب المياه من السهل لمواسم مقبلة عدة، لافتاً إلى أن السهل شهد في الستينيات ظهور «المغراق». وتلك الحال مشابهة لما هو حاصل اليوم، وآنذاك بقي السهل غارقاً بالمياه لمدة سبع سنوات متتالية. وشدد شباط على «ضرورة وضع خطة واضحة ومبنية على أسس علمية لتجفيف السهل وإنشاء السدود للاستفادة من مياهه في ريّ المــشاريع الزراعية، وإنقــاذ المزارعين والمستثمرين، حتى لا يبقى القطاع الزراعي في المنطقة وخاصة في سهل عيحا عرضة للأخطار.