أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عائلات ضحايا «المدرسة الدولية» تنتظر نتائج التحقيقات

الثلاثاء 20 آذار , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,506 زائر

عائلات ضحايا «المدرسة الدولية» تنتظر نتائج التحقيقات

وبانتظار التحاق الطلاب بمقاعدهم الدراسية، مطلع الأسبوع المقبل، كما أوضح محامي المدرسة محمد الخير، فإن ما توفر من معطيات جديدة يعزز فرضية حصر القضية في إطار «القضاء والقدر»، مع تحميل المدرسة المسؤولية المعنوية لعدم اتخاذها الاحتياطات اللازمة لجهة بناء جدار عازل يفصل بين التل الترابي وملعب المدرسة. لكن أياً تكن النتائج التي ستفضي إليها التحقيقات، فإن الواقع المأساوي الحالي لعائلات الضحايا لا يقارن بأي من الاجتهادات الحاصلة، «نحن أناس مسلمون، وسلمنا بقضاء الله»، بغصة حارقة يرد أبو مصطفى والد أسامة زريقة، والدموع تغمر عينيه، «كنت أنتظر أن أقف هنا لتقبل التهاني بنجاح أسامة، بصوت خافت ومتقطع يستدرك قائلاً: «حسبي الله ونعم الوكيل». 

عبارة تلازم الوالد المفجوع بأصغر أبنائه الشباب، «لقد كان بالنسبة لي الأمل، وأخوته الاثنان لم يكملا تعليمهما الجامعي، وانصرفا إلى سوق العمل لإعانتي، بسبب وضعي الصحي الناتج عن شلل نصفي، ولطالما حلمت بأن يتخرجوا ويحصلوا على الشهادات الجامعية، وقد عوضني ربي بأسامة الذي كان مصراً على مواصلة تعليمه المهني لتحصيل شهادة المحاسبة، وقد تكفل شقيقه الأكبر مصطفى الذي يعمل في البرازيل بدفع كل التكاليف في المعهد الخاص الذي كان يتعلم به، قبل أن توافيه المنية ويستشهد». وقبل أن يكمل كلامه ينادي أحد الموجودين في قاعة العزاء بقراءة الفاتحة على روح «الشهيد» وبالدعاء له، وهنا سرح الوالد ولم يعد يستطيع إكمال كلامه، فتناوب على ذلك ابنه البكر مصطفى، الذي عاد لتوه من البرازيل فور سماعه بالحادثة إلى لبنان للوقوف إلى «جانب والدي وأمي والتي تعاني وضعاً صعباً لفقدانها أسامة، فهي غير مقتنعة أنه مات، ودائماً يخطر في بالها أسامة، وهو خارج من المنزل في ذلك الصباح إلى المعهد كعادته ولحظة عودته، نسأل الله أن يصبرها وأن يجعله من المقبولين عنده». 

لكن ما لم يقله الوالد والشقيق الأكبر جاهر به أحد وجهاء العائلة توفيق زريقة: «نحن لن نقوم بأي حركة إلا بعض انتهاء العزاء، وسنتابع الموضوع حتى النهاية، هناك مسؤولية يجب أن تحدد، من أجل بقية الطلاب، وحتى لا تذهب دماء أسامة ومن معه هدراً، وعلى جميع المسؤولين متابعة الملف بكل شفافية، وعدم التغاضي عن الخطأ إن وجد». 

إلا ان عائلة عبد الرحمن الصديق بقيت على صمتها رافضة التعليق سلبا او إيجابا، مكتفية بحزنها بفقدان «حبيب العائلة»، كما يقول أبناء الحي الذي يقطن به، والذين يتحدثون عن مصيبة ألمت بعائلته التي لم تستفق بعد من هول الحادثة. 

في حين لا تكف الوالدة أحلام المفجوعة بوفاة طفلها البكر أحمد الرفاعي في منزلها في بلدة القرقف في عكار (نجلة حمود)، عن تأنيب نفسها لأنها لم تعمل على تسجيله بمدرسة أخرى، بالرغم من كثرة الانتقادات التي تعددها الوالدة على إدارة المدرسة جراء إهمالها في معالجة موضوع الانهيارات، «خصوصا أنها ليست المرة الأولى التي تنهار فيها أجزاء من الحائط على ملعب المدرسة»، لكنها تضيف «أن الوعود المتكررة التي كانت تطلقها الادارة لجهة الانتقال إلى مبنى آخر، إضافة إلى عدم وجود مدرسة تدرس اللغة الانكليزية في المنطقة هو ما حال دون نقله». 

في منزل العائلة تجلس الوالدة ومن حولها أقارب أحمد وجدّته ورفاقه في الصف، حيث يقول قريبه أحمد الغريب، وهو زميله في الصف نفسه: «كنت أقف بجوار أحمد وطلبت منه أن نلعب سوياً في الطرف الآخر من الملعب، وقال لي سوف أتناول طعامي أولاً». تتساءل الوالدة «أيعقل أن نترك أولادنا أمانة لدى القيمين على المدرسة فيعودون إلى المنزل جثة هامدة مشوهة؟»، وتضيف: «ما يعصر قلبي أن إبني كان يتناول «سندويشته» حين انهار الجدار عليه، فكسرت رقبته وفكه، وما من شيء يمكن أن يغفر لادارة المدرسة ما حصل ونحن لن نسامحهم أبداً، وهم لم يكلفوا أنفسهم إبلاغنا بما حصل ولم يجيبوا على اتصالاتنا». تنتقد الوالدة إهمال المدرسة و«جشعها حيث أبقت إبني الأسبوع الفائت خارج الصف في البرد القارس طيلة الدوام، لأنني تأخرت في دفع القسط، وعندما ذهبت للكلام معهم أسمعوني كلاماً قاسياً بينما لم يقوموا ببناء حائط يحمي أولادنا». وتضيف «توفي أحمد ليحرق قلبي وقلب والده، الذي لم يره منذ أسبوع، حيث كان على موعد معه عند المساء موعد عودته من عمله في بيروت، وكان قد طلب مني أن أعدّ له الفلافل لنتناوله جميعاً بحضور والده الذي كان ينتظره بفارغ الصبر». 

لا تعرف أحلام ماذا تقول لأخوة أحمد، فطفلتها الصغيرة بيان، إبنة الثلاث سنوات دائمة السؤال عن أخيها، الله يرحمه كان حنوناً، وتصرخ الوالدة «هي هي الهدية لي كنت عم تحضري ياها يا ماما على عيد الأم رحت وتركتني»، كنت أتمنى أن أراك شاباً متعلماً أفتخر فيه، لكن الاهمال وجشع أصحاب المدارس الخاصة التي حوّلوها الى دكاكين لجني الربح حال دون ذلك. جلّ ما تتمناه أحلام اليوم التي تعيش على الأبر المهدئة منذ وفاة طفلها، هو أن تقوم وزارة التربية بمراقبة فعلية لهذه المدارس ورفع الغطاء السياسي عنها كي لا تتكرر المأساة ويحترق قلب أم أخرى». أما الوالد محمود الرفاعي فيؤكد «أنه لن يترك الموضوع وهو ادعى على إدارة المدرسة في النيابة العامة وسيقوم بتوكيل محام لاستلام القضية»، لافتاً إلى «أن مأساتنا كبيرة، لكن يجب أن يتحمل الجميع مسؤوليته كي لا تتكرر هذه الحوادث».


Script executed in 0.18858790397644