أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

سلحفاة الـ 3G: في انتظار «العمود الفقري»

الثلاثاء 20 آذار , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,006 زائر

سلحفاة الـ 3G: في انتظار «العمود الفقري»

انقطع الإرسال. جاء الإرسال. في الضاحيّة الإشارة «نص ع نص». في مونو «مش ماشي الحال». فلان خطه مشغول. فلان خطه مقفل. فلان منهمك بالـ«الواتس آب». هذا الأخير بالكاد يستطيع الاتصال بالشبكة. «الواتس آب» نعمة. خدمة الـ3G للاتصال بالإنترنت لم تكن على قدر التوقعات. «الكونّكشن خزّيق» يقول مشترك فيها ساخراً. «عادي، إنو منيح» يقول آخر. ثمة تفاوت واضح في آراء المشتركين، لكن المحصّلة واضحة: الخدمة ليست «عصريّة» كما روّج لها، وإن نفت الشركات ذلك.

تقول مصادر في «ألفا» إن الخدمة في تطوّر مستمر، ومن شأن هذا التطوّر أن يلحق لبنان، سلحفاة الإنترنت، بالدول الأخرى. أما برنامج هذا التطوّر، فمعروض على موقع الشركة من خلال «خريطة التغطيّة» التي تصلها الخدمة في لبنان. المساحات الخضراء فيها هي المغطاة، والصفراء هي الخالية منها. يتجه الإرسال صعوداً حتى يصل إلى منطقة وادي خالد، فيما يتوقف عند الساحل الجنوبي، على أطراف قضاء الشوف. يعني ذلك أن مناطق بعلبك، الهرمل، الجنوب، وجرود عاليه، وطبعاً البقاع الغربي، محرومة من التغطية، إضافة إلى قضاءي المنية والضنية، اللذين تتوقف الخدمة عندهما، رغم مرورها بطرابلس. في هذا الصدد، تقول المصادر في الشركة إن شهر آذار كان «موعداً نهائياً» لمدّ جميع الأراضي اللبنانيّة بالخدمة، إلا أن الشركة تنتظر وزارة الاتصالات لتركيب «العمود الفقري» للإرسال في محلة العدليّة. شركة «أم تي سي» لها خريطتها هي الأخرى. اختارت «المدن الكبرى في مختلف المحافظات اللبنانية نسبة لارتفاع عدد السكان فيها، وهي بيروت، طرابلس، صيدا وزحلة».

الوزارة لكلّ لبنان، ولكل شركة خريطتها. والجميع بانتظار عمود «العدليّة» الفقري. وللمناسبة، الوزارة تعاني ضغوطاً أخرى. في البترون مثلاً القصة مختلفة، إذ ناشد أهاليها عبر بيان إعلامي، وزير الاتصالات، نقولا صحناوي، «تحسين خدمات الهاتف الخلوي في البترون، ولا سيما أن مواقع عديدة كانت تنعم بإمكان التخابر منذ سنوات، فقدت هذه الخاصّة في السنوات الأخيرة، وخصوصاً في السنة الفائتة حتى اليوم». يقولون إن الأوتوستراد الجديد بين بجدرفل ومفرق جبلا هو السبب «يغيب الإرسال الهاتفي عن مسافة طويلة فيه، ما يشجع اللصوص والعصابات على اختياره لعملياتهم».

وللـ3G تتمة. فبيان البترونيين يؤكد أن هذه الخدمة «فاشلة»، و«أقصر مخابرة هاتفية يضطر المرء إلى تكرارها ثلاث مرات على الأقل لإكمالها». لكنّ مقربّين من الوزير صحناوي، أكدوا لـ«الأخبار» أن لا علاقة تقنية بين خدمة الإنترنت والاتصالات الهاتفية العادية، ووضعوا البيان في خانة «الخلاف السياسي مع الوزير صحناوي». يعتقد المقرّبون من الوزير أن الخبر الذي نقلته «الوكالة الوطنيّة للإعلام» يعود إلى «العلاقة الوطيدة» بين مديرة تحرير الوكالة والنائب بطرس حرب. طبعاً، هذا لا يبرّر انقطاع المخابرات الهاتفية، لكن نحن في لبنان حيث تكثر الشكاوى، والحلول الفردية أيضاً. ثمّة بقاعيّ مثلاً زار شركة ـــــ «أم تي سي»، ليثبتوا له الخدمة هناك بأنفسهم. وهناك من يضطر إلى الجلوس على «البلكون» كي «يلقط» الإرسال، ليكتشف مجدّداً أن «الخط المشغول»، وفيما يشكو كثيرون من أن الاتصال بمستخدمي الـ3G يعني احتمال «انشغال خطوطهم فجأة»، يجزم آخرون بأن «كوتا» الـ 20GB تبدو كبيرة، لكنها غير فعالة: «الكونّكشن بطيييييييييء».

في المقابل، يؤكد الإداريون في «أم تي سي» أن الشركة تشهد «إقبالاً كبيراً على خدمة الجيل الثالث 3.9G، إذ قارب عدد زبائنها، الذين يستفيدون من خدمات الجيل الثالث، 235 ألف مشترك، والعدد يتزايد بوتيرة سريعة». رغم أن الإعلان الذي سبق اطلاق الخدمة كان فعالاً، ترى الشركة أن الإقبال «يعني أن الخدمة التي توفرها هي نفسها تلقى رضى الزبائن»، من دون أن يفوت الإداريين التوضيح أنها «ستبلغ مستوى الجودة الذي تطمح اليه، من حيث السرعة، عند إتمام عملية تنفيذ شبكة البث (Transmission) التي باشرتها، على أن يبدأ زبائنها باختبار تغيير فعلي ابتداءً من أواخر الشهر الجاري». الشهر الجاري، أو آخر الشهر، هذه تعابير مألوفة لبنانياً. وحتى يتحول مشروع الألياف الضوئية الى واقع ملموس، على اللبنانيين أن يتحملوا بطء السرعة، والأمر لله.

كيف لا يكون الأمر لله، ووزير الاتصالات السابق، جبران باسيل، نفسه، لا إرسال في منزله. كان الوزير يعاني كبقية المواطنين عناء الانتقال إلى الشرفة بحثاً عن تردّدات لا تصل. الإداريون في «ألفا» لا ينفون أزمة الإرسال في منطقة الرابية: إنها «مكنات» الإرسال، التي يضعها سكان الرابية «الأثرياء». يؤكد الإداريون أنهم مستعدّون لتلقي أي شكوى من أي مواطن، لكنّ نزع تلك الآلات التي «تشفط» الإرسال هو من «مسؤوليّة الدولة وحدها». وفي هذا الإطار، يشكو مواطنون كثر في الضاحية الجنوبية لبيروت من وجود هذه الآلات، في بعض المحال، ما يؤدي إلى «ضياع الإرسال» وتحول التشويش إلى حالة يوميّة. أحد المواطنين علّق ساخراً على «رحلة» البحث عن الإرسال في المنزل، والذهاب إلى الشرفات لاصطياده بالقول: «مهمة الدولة أن تؤمن لي الإرسال، وأنا في الحمّام»، وطبعاً، ينطبق الأمر نفسه «على الـ3G»، وخصوصاً أن «التكلفة تفوق العقل».

تكاليف خدمة الإنترنت لا تختلف كثيراً عن تكاليف التخابر العادي. وخياليّة بالنسبة إلى الكثيرين. في وزارة الاتصالات يقول المسؤولون إن «الدولة ستقدّم عروضاً جديدة لاحقاً، لكنها في انتظار انتهاء الأعمال القائمة لصيانة الشبكة». نعم، ستقوم بذلك، لكن قلة هم الذين يصدقون الدولة. في الشركات، يحيلون الأمر على الدولة. «ألفا» تقول إن الأسعار تحدد بالاتفاق مع الدولة، و«أم تي سي» تؤكد أن تحديد كلفة «الكوتا» الخاصة بالإنترنت رهن التواصل مع وزارة الاتصالات، التي «تستثمر في القطاع وتراقب الأداء وتسعّر الخدمات». تقترح الشركة العروض التي «ترتئي» إطلاقها مع الخدمات، وعرضها على الوزارة قبل تقديمها إلى المستهلك، إلا أنها توفر خدمة الجيل الثالث من خلال 5 عروض، يبدأ أوّلها بسعر «تشجيعي» لا يتخطى العشرة دولارات، وهذا بحسب المشتركين فيه، وينتهي «بلمح البصر»، إضافةً إلى «العرض الوسطي» الذي يلقى إقبالاً كبيراً، وهو متوافر بسعر 19 دولاراً أميركياً وبسعة 500 ميغابايت. واحزروا ماذا؟ طرحت الشركة أخيراً أجهزة الـDongles بأسعار «تشجيعية». دائماً الأسعار «تشجيعية». هكذا يستفيد أكبر عدد ممكن من مستخدمي الاتصالات الخلوية من خدمات الإنترنت السريع، ليس فقط من خلال هواتفهم النقالة، بل أيضاً من خلال الأجهزة المحمولة الأخرى، لكن هذا «التشجيع» شيء والواقع شيء آخر. فمقاربة بعض المشتركين مختلفة، هؤلاء الذين تشجعوا بفضل الحملة الإعلانيّة وحسب.

الشركات تحلم بالألياف الضوئية

رغم الشكاوى الكثيرة من بطء خدمة تقنية الـ3G، في أوساط المشتركين حتى الآن، والحديث عن «عجلة» في إطلاقها في السوق المحليّة من المتابعين، تؤكد الشركات التي توفر الخدمة أن هذه التقنية ستسمح للبنان باللحاق بركب التطور، الذي تشهده الدول المجاروة على صعيد الاتصالات الخلوية والتقنيات المرافقة، بل إنه يكاد يسبق بعضاً منها. علماً أن سرعة الجيل الثالث في عدد من هذه الدول تصل إلى 42 ميغابيت في الثانية، فيما هي تراوح في لبنان بين 21 و42 ميغابيت، نظرياً وحسب المناطق، تقول «أم تي سي». وبما أننا نحكي نظرياً، فشركاتنا تفاخر بامتلاكها تقنيات مثل 3.9G HSPA المجهزة لاعتماد تقنية LTE التي تصل سرعتها إلى 173 ميغابيت في الثانية، وهي ما يسمّيها بعض مشغلي الخلوي الجيل الرابع. ونظرياً أيضاً، بإمكان تقنية الجيل الثالث أن تصبح الممرّ الأمثل لتطوير التطبيقات واعتماد مفهوم الـ Cloud Computing، الذي يقوم على تداول خدمات تكنولوجيا المعلومات بين مختلف الأجهزة، إضافة إلى خطوات استراتيجية أخرى، أبرزها إنشاء شبكة الألياف الضوئية.

Script executed in 0.21239900588989