التي «نأى» لبنان بنفسه عنها، بعدما تبين ان القمة الى جانب دعمها لخطة المبعوث الدولي والعربي كوفي انان التي تحظى بموافقة سورية وتتمتع بإجماع شبه شامل دولياً، حاولت نفخ الروح في خطة الجامعة العربية المثيرة للالتباس والداعية الى تسليم الرئيس السوري بشار الاسد صلاحياته الى نائبه كمقدمة لحل الازمة!
ومع هيمنة الازمة السورية على اجتماع الساعات القليلة في «المنطقة الخضراء» في بغداد امس، وبحراسة قل نظيرها في حجم القوات الامنية والعسكرية المشاركة فيها، ظهرت فلسطين لماماً وخجلاً، وعندما طرحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتكون قضية مركزية للعرب، استنكر الفتاوى التي تحرم زيارة القدس طالما هي تحت الاحتلال!
ولعل الخبر السعيد كان بالنسبة الى السلطات العراقية، الحضور «التاريخي» لأمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح في زيارة هي الاولى من نوعها منذ اكثر من عقدين، في ما يبعث التفاؤل بإمكانية طي صفحة غزو الكويت قبل 22 سنة.
وشارك في القمة 9 زعماء عرب هم: أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، ورؤساء لبنان ميشال سليمان، وفلسطين محمود عباس، وجيبوتي إسماعيل عمر غيلة، والسودان عمر حسن البشير، وتونس محمد منصف المرزوقي، وجزر القمر إكليل ظنين، والصومال شيخ شريف شيخ احمد، ورئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل. ويمثل الدول العربية الأخرى وزراء وسفراء ومندوبون. كما حضر القمة الأمين العام للأمم المتحد بان كي مون والامين العام للبرلمان العربي نور الدين بوشكوج والأمين العام للمؤتمر الإسلامي إكمال الدين إحسان اوغلي.
الى ذلك، حذر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، أمام المشاركين في القمة، من أن «خيار تزويد طرفي الصراع (في سوريا) بالسلاح سيؤدي إلى حروب بالإنابة، إقليمية ودولية، على الساحة السورية».
وفي ظل تغييب سوريا عن القمة، أعلن غالبية المتحدثين دعمهم لمهمة انان. ورأى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «النزاع في سوريا قد يشكل خطراً على المنطقة»، داعياً «المعارضة إلى التعاون مع الممثل الدولي». كما دعا أمير الكويت «الحكومة السورية إلى الإصغاء إلى لغة العقل والحكمة ووقف كل أشكال العنف ضد شعبها». وتجنب المندوب السعودي احمد قطان الحديث عن الأزمة السورية.
وطالب عباس، خلال مؤتمر القمة، «بإعادة القدس إلى صدارة العمل العربي في كل المجالات، ولتكون القدس عنواناً مركزياً وأساسياً في علاقاتنا كعرب مع جميع دول العالم». وانتقد فتاوى وآراء تحريم زيارة القدس. وقال «ليس هناك نصوص لا في القرآن ولا في السنة ولم يحصل في التاريخ أن أحداً أو مفتياً من المفتين أو قاضياً من القضاة أو رجل دين حرم زيارة القدس، التي وقعت تحت احتلالات كثيرة ولم يأت شخص يقول حرام عليكم زيارة القدس، منذ أن قام الرسول صلّى الله عليه وسلم بالإسراء للقدس وبالصلاة بكل الأنبياء في القدس إلى الاحتلال البريطاني لم يأت شخص ليقول هذا حرام وهذا حلال، الآن هو وقت دعم القدس بصرف النظر عن وجود احتلال أو عدم وجود الاحتلال». (تفاصيل صفحة 7)
وأكد القادة، في القرار الخاص بسوريا، «موقفهم الثابت للحفاظ على وحدة سوريا واستقرارها وسلامتها الإقليمية وتجنيبها أي تدخل عسكري». وطالبوا «الحكومة السورية بالوقف الفوري لكافة أعمال العنف والقتل، وحماية المدنيين السوريين، وضمان حرية التظاهرات السلمية لتحقيق مطالب الشعب السوري في الإصلاح والتغيير المنشود، والإطلاق الفوري لسراح كافة الموقوفين في هذه الأحداث، وسحب القوات العسكرية والمظاهر المسلحة من المدن والقرى السورية وإعادة هذه القوات إلى ثكناتها من دون أي تأخير».
وأدانوا «الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في حق المدنيين السوريين، واعتبار مجزرة بابا عمرو المقترفة من الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية ضد المدنيين جريمة ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية، وتتطلب مساءلة المسؤولين عن ارتكابها وعدم إفلاتهم من العقاب والتحذير من مغبة تكرار مثل هذه الجريمة في مناطق أخرى في سوريا». كما طالبوا «الحكومة السورية بالسماح بالدخول الفوري لمنظمات الإغاثة العربية والدولية، مثل المنظمة العربية للهلال والصليب الأحمر واللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات الإنسانية لتمكينها من إدخال المواد الغذائية والدواء، والمستلزمات الطبية لإسعاف المواطنين المتضررين وتسهيل وصول هذه المواد إلى مستحقيها في أمان ومن دون أية عوائق، ونقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة».
وشددوا على «تنفيذ خطة الحل العربية للأزمة السورية التي تقوم على جملة القرارات الصادرة عن مجلس الجامعة كوحدة متكاملة من دون تجزئة، مع التعبير عن بالغ الأسى والأسف لما أحدثه إصرار الحكومة السورية على الحل العسكري والإمعان في القتل وما خلفه ذلك من آلاف الضحايا والجرحى والاعتقالات وتدمير للقرى والمدن الآمنة».
ورحبوا «بمهمة أنان ونائبه ناصر القدوة لقيادة العملية السياسية نحو إيجاد حل للأزمة السورية والانتقال السلمي إلى حياة ديموقراطية في سوريا، وذلك وفقا للتفويض الممنوح للمبعوث المشترك بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وقرارات جامعة الدول العربية، ودعوة الحكومة السورية وكافة أطياف المعارضة إلى التعامل الايجابي مع المبعوث المشترك ببدء حوار وطني جاد يقوم على خطة الحل التي طرحتها الجامعة وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، والترحيب بالبيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن القاضي بدعم مهمة الوسيط المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية».
وشددوا على «الالتزام بالتنفيذ الكامل لكافة قرارات مجلس الجامعة بشأن مطالبة الحكومة السورية الوفاء باستحقاقاتها وفقا للخطة العربية والتجاوب الجدي مع الجهود العربية لإيجاد مخرج سلمي للأزمة في سوريا». ودعوا «المعارضة السورية بكافة أطيافها إلى توحيد صفوفها وإعداد مرئياتها من أجل الدخول في حوار جدي يقود إلى تحقيق الحياة الديموقراطية التي يطالب بها الشعب السوري. ودعوتها إلى التجاوب مع مهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية».
ورحب الزعماء العرب «بنتائج المؤتمر الدولي لأصدقاء الشعب السوري الذي انعقد في تونس، والترحيب بانعقاد المؤتمر الثاني في اسطنبول»، و«مطالبة مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين، والتحرك لاستصدار قرار يستند إلى المبادرة العربية وقرارات الجامعة يقضي بالوقف السريع والشامل لكافة أعمال العنف في سوريا وحث جميع أعضاء مجلس الأمن على التعاون البناء في هذا الشأن».
وأضاف البيان «تم اخذ العلم بالرسائل المتبادلة بين الحكومة السورية وأنان حول قبول الحكومة السورية للنقاط الست التي تقدم بها الوسيط المشترك، مع التأكيد على ضرورة التنفيذ الفوري والكامل لهذه النقاط حتى يمكن وقف نزيف الدماء والبدء بحل سياسي سلمى للأزمة السورية، وفقًا لقرارات المجلس الوزاري في هذا الشأن».
وأشار القرار إلى أن «الجمهورية اللبنانية تؤكد على موقفها القاضي بالنأي بالنفس عن القرارات المتعلقة بشأن تطورات الوضع في سوريا».
وأيد «إعلان بغداد» الذي صدر في ختام القمة «التمسك بالحل السياسي والحوار الوطني ورفض التدخل الأجنبي ودعم مهمة انان». وشدد على «ضرورة التنفيذ الفوري والكامل» لهذه الخطة.
وطالب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في ختام القمة، دمشق بتطبيق خطة انان المكونة من ست نقاط «بالكامل وفوراً». وشدد على أن «الطابة في ملعب سوريا وعليهم أن يتحركوا إيجاباً، وما يحدث بعد ذلك سيقرره مجلس الأمن»، مضيفاً إن «المسار السياسي يأخذ بعض الوقت، وهذا طبيعي لكن المطلوب وقف نزيف الدم».
وجدد زيباري، من جهته، تأكيده أن «الأزمة السورية دخلت دائرة التدويل».
وحول لبنان، أكد القادة «تضامنهم الكامل مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له ولحكومته بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية وأمن واستقرار لبنان وسيادته على كامل أراضيه، مع توجيه التحية لصمود لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته الباسلة في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر عليه، وعلى وجه الخصوص عدوان تموز العام 2006، واعتبار تماسك ووحدة الشعب اللبناني في مواجهة العدوان الإسرائيلي عليه ضماناً لمستقبل لبنان واستقراره».
وأكدوا «حق لبنان في ثروته النفطية والغازية المتواجدة ضمن مناطقه البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة العائدة له والمحددة وفقا للخرائط التي أودعتها الحكومة اللبنانية لدى الأمم المتحدة. ودعمهم لرفض لبنان للإحداثيات الجغرافية التي أودعتها بعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة والعائدة للجزء الشمالي من المياه الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة التي تدّعي إسرائيل أنها تابعة لها».
(«السفير»، ا ش ا، ا ف ب،
ا ب، رويترز)