أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

«ربيـع الإشـتراكي»: نعـم... رئاسـة الحـزب لـن تكـون لوليـد وتيمـور

السبت 07 نيسان , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,315 زائر

«ربيـع الإشـتراكي»: نعـم... رئاسـة الحـزب لـن تكـون لوليـد وتيمـور

كما في «ربيع سوريا»، كذلك في «ربيع الحزب الاشتراكي»، وليد جنبلاط مصمّم على الذهاب حتى النهاية في خياراته. 

كان عمر الازمة في سوريا نيّفا وسبعة اشهر حين قرر «بيك المختارة» ان «يستلحق القطار» فيبدأ من نفسه عبر افتتاح ورشة «تحديث الحزب» مستلهما مشروع التغيير من رياح «الثورات العربية». في الجمعية العمومية الاخيرة للحزب في تشرين الاول الماضي، وبتوقيت اختاره بنفسه، استذكر وليد جنبلاط، ولو متأخرا 36 عاما، نبوءة كمال جنبلاط «الرافض للدخول في السجن العربي الكبير». «البيك» راهن على رؤية آخر «اساسات» هذا السجن تنهار على عتبة بابا عمرو، لكن «حلقات» الاسابيع الماضية من «المسلسل السوري» ادخلت اجواء الاحباط والخيبة الى المختارة. 

حتى الساعة يزاوج وليد جنبلاط بين قناعتين: معاداة النظام السوري «مهما كان الثمن»، وعدم التراجع عن قراره ضخ «جرعات» من الديموقراطية في «عروق» حزبه. هي «الثورة» على الطريقة الجنبلاطية. لكن في «الملف السوري» تبدو المختارة كمن اضاعت البوصلة. الرغبات شيء، والواقع شيء آخر تماما. 

في المقابل، في «الملف التنظيمي» تبدو الصورة اوضح. اصرار من قبل رئيس «الاشتراكي» على المضيّ في تكريس الاصلاحات في متن الدستور الجديد للحزب والالتزام بما سبق ان اعلنه في الجمعية العمومية الاخيرة: التنحي عن زعامة الحزب، وقطع الطريق على نجله تيمور للترشّح الى الرئاسة عبر قوله امام مندوبي المؤتمر العام «الوراثة منشيلها من ذهننا». 

في المبدأ، وفق قناعات المحازبين، تعيين النائب جنبلاط نجله تيمور عضوا مرشدا في الحزب قبل فترة من انعقاد الجمعية العمومية لن يغيّر حرفا في «اعلان» رفض التوريث. فـ«عضوية المرشـــدين» تسمح لاعضائها بالترشّح الى مجلس القيــادة وبالتالي الى رئاسة الحزب، لكن في اروقــة الحزب حديث عن بعض المسلّمات «عندما يقول وليــد جنبــلاط لا للتوريث فهو يعني ما يقوله». اما الوجه الآخر للمــسألة فيكمن في «البرودة» التي يبديها تيمور نفســه حيال العمل الحزبي والسياسي. وهذا ما يثير القلق لدى الزعيم الدرزي الذي استثنى زعامة المختارة من «رياح التغيير»، معتبرا انها «شأن خاص يطرح في مكان آخر». 

امين السر للحزب ظافر ناصر هو احد الوجوه الشبابية التي وصلت الى مجلس القيادة وخلف المقدّم شريف فياض احد وجوه «الحرس القديم». يشير الى ان قرار جنبلاط التخلي عن رئاسة الحزب «واكبه الاعلان عن رفض التوريث وهذا يعني تجيير قرار الانتخاب للمحازبين، وبالتالي فإن تيمور لن يكون رئيسا للحزب العام المقبل». ويلفت ناصر بالمقابل النظر «الى ان تيمور هو صاحب القرار برسم مستقبله السياسي والحزبي. والقاعدة الحزبية هي التي تختار قيادتها ورئيس الحزب. وللانصاف لا تمكن معاقبة تيمور عبر منعه من العمل بالسياسة لكونه فقط ابن وليد جنبلاط». 

لكن، ماذا عن امكان رجوع وليد جنبلاط نفسه عن قراره بالتنحي؟ يردّ ناصر «القرار نهائي عند رئيس الحزب، لكن بالسياسة كل شيء وارد، واحيانا الظروف تفرض نفسها». 

بعد خمسة اشهر من انعقاد الجمعية العمومية يشعر الاشتراكيون بان «ربيع» حزبهم يزهّر فعلا. في ذاك الاجتماع الذي شكّل محطة مفصلية في مسار «الجنبلاطية الحزبية»، اطلق «بيك المختارة» رزمة اصلاحات داخلية، منها اعتماد سن الـ 18 للانتساب الى الحزب، وتقصير مدة ولاية مجلس القيادة من اربع الى ثلاث سنوات، واعتماد خيار الانتخاب في مواقع المسؤولية في الحزب باستثناء بعض المسؤوليات التنفيذية التي لها علاقة بالقطاعات (مفوض العدل، مفوض التربية...)، وبذلك يكون جنبلاط قد تخلى عن تعيين الثلث الحزبي. اما الخــطوة الاهــم فترجمت من خلال انتخاب المندوبيــن لوجــوه شبابــية الى مجلس القيادة الذي حدّدت مهمــته لعام واحد، اي لفترة انتقالية موقتة تنتهي في 30 تـشرين الاول 2013. 

بعد هذا التاريخ يفترض ان يشهد الحزب انتخاب رئيس جديد له وانتخاب مجلس قيادة. للمرة الاولى لن يرتدي الانتخاب طابع التزكية ما دام وليد وتيمور، كما يفترض، خارج الحلبة، مع العلم بأن الانتخابات ستتمّ وفق الدستور الجديد، الذي كلّفت لجنة من الحزب باعداده. اما اهم التعديلات التي ستكرّس في الدستور فهي توسيع حجم الجمعية العمومية من نحو 500 الى اكثر من 1500 عبر اشراك اكبر عدد ممكن من الحزبيين في القطاعات كافة، تكريس الانتخاب في المواقع القيادية كافة، اذ اصرّ جنبــلاط على التخلي عن حقه بالتعيين، تقصير ولاية مجــلس القــيادة... ويشير امين السر ظافر ناصر الى «الورشـــة المفتوحة لادخال تعديلات على قانون الضمان الاجــتماعي لطرحه لاحقا من قبل وزراء ونواب الحزب على الجهات المعنية، والعمل على قانــون جديــد للاحزاب بمشاركة المجتمع المدني، وتعديلات على العمل النقابي...». 

يجمع الاشتراكيون على اعتبار المرحلة الراهنة بمثابة عملية «تجديد» للحزب، بينما لا يمثّل وصول وجوه شابة الى مجلس القيادة تطورا مفصليا «لان الدم الشبابي كان يضخ باستمرار في المواقع القيادية والتنفيذية»، بتأكيد المحازبين. حالة انسجام كبيرة مع النفس تسود في اروقة «الاشتراكي». واقع يخالف نسخة «الثاني من آب 2009»، بعد احداث ايار 2008، يوم كان جنبلاط على ضفة وجمهوره وقواعده الحزبية على الضفة الاخرى. يسابق الجسم الحزبي رأسه في الذهاب نحو نقطة اللاعودة مع النظام السوري. صحيح ان «التركيبة» التنظيمية لمجلس القيادة، المطعّمة بزنود شبابية شكّلت رأس حربة في «ثورة 2005»، هي تركيبة موقتة الا انها تبدو كافية لتثبّت على الارض «الطبعة الجنبلاطية» في «نسختها» الاخيرة. بعد انتخاب مجلس القيادة اقترح بعض اعضائه القيام بجولة مكوكية على الاحزاب والمرجعيات السياسية تهدف الى شرح وتسويق «النهج الوسطي» لبيك المختارة. شملت الزيارات جميع القوى من «تيار المستقبل» الى «حزب الله» مرورا بـ «القوات» و«الكتائب» و«المرده» و«الطاشناق» و«الجماعة الاسلامية»... باستثناء «التيار الوطني الحر»، اذ تؤكد اوساط حزبية «ان مسؤولي «التيار» لم يحددوا موعدا لنا حتى الآن». المآخذ على العونيين تبلغ حدها الاقصى بتشبيه بعض المحازبين الاشتراكيين «عائلة ميشال عون بعائلة بشار الاسد المحتكرة للمال والنفوذ والسلطة والصفقات». 

كان الهدف من هذه الزيارات كسر الحواجز مع الآخر وترويج «البضاعة الوسطية» للمختارة في سوق «المحوَرين» عبر «التأكيد على اهمية الحوار وضبط النفس، ومنع استجرار حمم البركان السوري الى الداخل اللبناني، وتكريس انحياز جنبلاط التام الى الثورات العربية ضد الانظمة من تونس الى سوريا». والاهم الاضاءة على واقع يغفله البعض «سيّد المختارة هو اول من رفع لواء الوسطية. بعده اصطف في الموقع نفسه الرؤساء ميشال سليمان ونجيب ميقاتي ونبيه بري». 

بين «الخريف الاشتراكي» و«ربيعه» كل الفرق. صعد محازبو «الاشتراكي»، مرغمين، قطار التسوية مع السوري بعد «7 ايار» تحت عنوان «حماية الاستقرار الداخلي» الذي رفعه زعيمهم. وبقدرة «كبسة الزر» على «دينامو الثورات» وجدوا انفسهم وسط «ربيع حقيقي» لا تعكّره حتى المخاوف التي بدأت تتسلّل الى رأس «البيك» الفاقد تماما للبوصلة السورية. يقف هؤلاء خلف رئيس الحزب المتضامن مع حمص والمدن السورية في وسط العاصمة. ويتباهون بتفوّق «لحظة» وضع علم الثورة السورية على ضريح كمال جنبلاط على كل «عنتريات 14 آذار». اصلا، لا يشبه «ربيع وطى المصيطبة «ربيع البيال» في شيء. في اروقة الاشتراكي انتقادات لـ«حليف مفترض» على «جبهة الثورة» لا يحسن ادارة معركته «ماذا يعني ان يقرأ فارس سعيد، بالواسطة، رسالة «المجلس الوطني السوري» في ذكرى 14 شباط؟ لماذا لا نراهم على الارض يحملون لافتات حمص وبابا عمرو والرستن... تنديدا بمجازر النظام السوري؟ لم نر خطوات جريئة من جانبهم تماثل وضع علم الثورة على ضريح كمال جنبلاط، لماذا لا يتبنون قضية شبلي العسيمي والمعتقلين السياسيين في سوريا...؟».


Script executed in 0.17826294898987