أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

الرصاص الأعمى ..يا علي

الثلاثاء 10 نيسان , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,547 زائر

الرصاص الأعمى ..يا علي


وكم شاهد يحمل اسم علي سيظل يرتفع فوق قرانا. وكم بكاء ونحيب سيبقى يصمّ الآذان في كل الأنحاء.

كم مرّ من الوقت، وكم مر من ناس، وكم ارتفعت جدران وسقطت، وعليها الصور والأسماء وشبان يحملون اسم علي...

كم سيكون الانتظار طويلاً حتى يرتفع شاهد آخر، لعليّ آخر، هو ذاته، هو نفسه الذي خرج من المنازل نفسها، ومن الأزقّة نفسها، ولحق به الدعاء نفسه، والمناجاة ذاتها. لكن صوتاً له اسم واحد هو الجهل، هو العمى، هو اللاشيء الذي يستحق كل هذا العناء.

■ ■ ■

هل من حاجة إلى تحقيق، أو من حاجة لمَن يتلو التقرير، أو مَن يقدم الصورة الواضحة؟

ربما هناك مَن يحتاج إلى هذه التفاصيل، أقلّه لأجل المقبل من الأيام. ولكنّ ثمّة حاجة لصرخة في وجه قاتل، يحمل اسماً، وله وجه، وله عينان ويدان وقلب، ربما كان يرتجف، لكنه قلب، قد يكون أسود اللون، لا كبياض قلب علي.

صرخةٌ لأجل عليّ آخر، له وجه وله ملامح وله أم وشقيقة وعروس في الانتظار.

صرخةٌ بوجه آلة القتل العمياء التي تستمرّ في الفراغ، بلا أي أفق، وبلا أي طائل، وبلا أي جدوى، غير حفر المزيد من القبور، ورفع المزيد من الشواهد، وجعل الأسود يملأ المكان...


■ ■ ■


«قاومتَ لتحرّر دمك

من عنابر الزيت

وفمك

من مخازن السكّر

وعظامك

من مقاعد البكوات

وأمراء الدواوين

لكن يا عليّ

أين تجد هنا أرضاً

لرأسٍ طليقٍ

ويدين حرّتين».

كم مرّ من أيام على كتابة عباس بيضون «يا علي»، ولا تزال أيامنا تذكّرنا بها، تعيد إحياء الأحرف والصور من خلفها. لم يكن قد وُلِد كل الذين حفظوا وردّدوا هذه الكلمات التي ترتسم على وجوه عابرة، وأخرى تمرّ الآن أمامنا، وملامح الآتين على الطريق نفسه...

■ ■ ■

اليوم، ترتفع فوق الاكفّ. لا شيء يرتفع الى اعلى من جسدك، كأنه يفرح باستعادة لونه الحقيقي. لون الدم الذي يليق به عندما يسجّى. والرفاق، يزرعون الرؤوس في الارض، وهم يتلمّسون الاجساد بحثاً عن التالي، الذي سيلحق بك.

ها نحن نقف في صفوف طويلة، نلحق بالموت لا نهرب منه. ليس في الامر شجاعة ولا هروباً من الخوف. هو فقط القدر الذي تعجّ به نهاراتنا. هو الذي يرافق انتظارات لفاطمات كثيرات، من اللواتي اختار لهن الأهل أسماءهن، لأن على عتبة كل دار يقف علي منتظراً...


Script executed in 0.19319605827332